كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري : ينقل الزميل جاسم الميبر، الذي عرفناه رسام كاريكاتير متميز، من خلال رسوماته اليومية في الصفحة الأخيرة بجريدة الوطن البحرينية، ينقل في مؤلفه الأول “البديع .. موطن الأجداد وموئل الأحفاد” تجربة أهالي البديع، من خلال صور تحكي واقع قريته الصغيرة، التي عرف أهلها بعشقهم للبحر منذ أيام الغوص وحتى التحول لصيد السمك، ما يؤكد عشقهم المتواصل للبحر والتصاقهم به. الميبر في كتابه يتحدث عن جانب آخر لأهل البديع؛ وهو قبيلة الدواسر وتاريخها في البحرين وفي البديع تحديداً. وقد اختار أن يوثق ذلك بالصور أكثر من الكتابة، حيث ترك الصور تتحدث عوضاً عن القلم نظرا لما للصورة من دلالة كبيرة ومؤثرة على القارئ المشاهد. رصد الميبر تاريخ قرية البديع القديم منها والحديث، وعرض العائلات التي قطنت تلك القرية، والتحولات التي واكبت التطور الذي مر بها، منذ أن كانت قرية صغيرة مترامية الأطراف على ساحل البحر، حتى تحولها إلى إحدى المناطق الجميلة المؤثرة في تاريخ البحرين الحديث، لتقفز لمصاف المدن الجميلة التي تتميز بعشقها للبحر والزراعة معاً. الدواسر تنتسب لجذمي العرب الشهيرين يذكر جاسم محمد ميبر الدوسري عن قبيلة الدواسر أنها قبيلة كبيرة تنتسب لجذمي العرب الشهيرين: عدنان وقحطان. فأما العدنانية فهم من ولد دوسر بن تغلب بن وائل بن ربيعة، وهو من ولد ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان، ومن أفخاذ هذا البطن: المصارير، الحقبان، الخييلات، العمور والمشادية. ويعتبر الدواسر القحطانية من ولد زايد وهو بني رداعة بن عمرو من قبائل الأزد القحطانية، ومن أشهر بطون زايد؛ بدران بن زايد وله ولدان هما سالم بن بدران “جد” وصهيب بن بدران “جد”، ومن عشائر سالم: الوداعيين، الرجبان، المخاريم. ومن عشائر صهيب: الشكر، الوبارين، العجالين، الهواشلة، الصخابرة، الهواملة، الخفران والمساعر، وتنقسم منها العديد من العوائل، منهم الفودة وفيهم الإمارة، الجفالين، الموخ، الحباشنة والحناتيش. كذلك تجتمع عشائر سالم بن بدران وعشائر صهيب بن بدران وتسمى البدارين ، ومنهم السداري وأمرائهم بن قويد وبن درعان وغيرها من القبائل الكبيرة. علاقة الدواسر بآل خليفة يشير جاسم الميبر الى استقرار الدواسر بعد طول ترحال؛ عند الشواطئ الشرقية للخليج “الاحساء”، ثم انتقلوا إلى شبه جزيرة قطر؛ طلباً لموطن يجدون فيه ما افتقدوه في مواطنهم الأصلية، شأنهم شأن القبائل العربية كالعتوب الذين جاورهم الدواسر في قطر، حيث أتقنوا أعمال البحر ومن ثم استعان بهم آل خليفه في فتح البحرين، حيث انطلقوا من الزبارة العام 1783م، وكانت أهم الدفعات التي وصلت إلى البحرين من الدواسر؛ تلك التي شاركت مع آل خليفة في فتح البحرين واستقرت في البدع، ومن ثم قامت بتعميرها، واستطاعت أن تؤسس فيها مجتمعاً مزدهراً، عرفت بعد ذلك بـ “ البدعية” أو “البديع”، وأصبحت واحدة من المدن التي عمّرها الدواسر بأنشطتهم التجارية والبحرية. ويبيّن أن علاقة الدواسر بآل خليفة علاقة قديمة، حيث كانوا في موطن واحد “جوار سابق” الهدار، وهما في الجوار الجديد في قطر كانوا أقرب من سواهم فتجاوروا وتحالفوا وحاربوا في صف واحد، وقد عزز هذا الجوار والتحالف المسلك الحسن الذي جمعهم. الدواسر في البدع «البديع» ويذكر الميبر أن الدواسر نزلوا في منطقة البديع في الشمال الغربي من البحرين، وعملوا على تعميرها. وكان لهم أسطول للغوص والتجارة، وكان من بينهم كثير من النواخذة والغاصة؛ عملوا على صيد اللؤلؤ في عديد من مغاصات البحرين الغنية، وأسهموا في رواج التجارة؛ حتى غدت البديع واحة زراعية خضراء وراجت بذلك تجارتهم، وهو ما حمل الدواسر على مزيد من الولاء لآل خليفة. لكن هذه الحال لم تدم طويلاً؛ حيث اصطدم الدواسر ومصالحهم الوطنية بخطط مستشار الحكومة البحرينية في تلك الفترة “ميجر ديلي”، الذي حرص على التقليل من أهمية دعمهم لحاكم البحرين، ما جعل الدواسر يقررون الهجرة من البديع 1923م، معلنين رفضهم تدخلات الميجر ديلي، وبعد انتهاء موسم الغوص قرروا عدم العودة إلى البديع، وتوجهوا بسفنهم إلى الدمام، حيث وجدوا كل ترحاب من قبل المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود، وقد استفاد الإنجليز من هجرة الدواسر لإضعاف سلطة حاكم البحرين المغفور له الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. لكن هذه الحال لم تدم طويلاً، حيث بدأت المفاوضات لعودتهم الى موطنهم الأصلي وإلى أهلهم، بعد أن اكتشف الشيخ حمد بن عيسى الكبير؛ نوايا الإنجليز، وبدأت زيارات الخير لتقريب وجهات النظر؛ بزيارة تشكلت من الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم الدوسري والشيخ عيسى بن سعد الدوسري، وكان برفقتهما الشاب الشيخ أحمد بن عبدالله ابن عم زعيم الدواسر السابق عبدالله بن حسن الدوسري، وذلك خلال تواجد المعتمد السياسي البريطاني في زيارته لبوشهر. عودة الدواسر إلى البحرين ويشير الميبر إلى عودة الدواسر إلى موطنهم البحرين، وتحديداً البديع، رغم معارضة الإنجليز لهذا القرار، لتعود القبيلة على أنغام الطبول ورقصة العرضة لتعم الأفراح البحرين بهذه العودة الميمونة، للمساهمة مع أهلهم وإخوانهم في بناء هذه المملكة الغالية على الجميع، والمشاركة في تحقيق النجاحات على جميع المستويات العمرانية والثقافية والاقتصادية والسياسية لصنع الاستقرار والأمن الذي دعا إليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى من خلال برنامجه الإصلاحي، بتأييد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، داعمين ومؤيدين لحكومة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء.