^ «الاتحــاد» فضــح الموقف الموحد لإيران وأتباع ولاية الفقيـه في البحــرين الوطن ـ خاص: توحدت قوى ولاية الفقيه في طهران والمنامة، على قلب رجل واحد، عبر اطلاقهما دعوتان للتظاهر، مختلفتان بالمكان، بحكم الجغرافيا، ومتفقتان على الزمان اليوم الجمعة، جمعهما هدف واحد يتمثل بمناهضة مشروع “الاتحاد الخليجي”، واقتلاع البحرين من محيطها الخليجي والعربي، لكي تنضوي تحت العباءة الفارسية. وخرجت الدعوة الأولى من السلطات الإيرانية، حيث دعا مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية، الذي ينظم التظاهرات الرسمية بإيران، في بيان صدر الأربعاء الماضي 16 مايو، الإيرانيين إلى المشاركة في التظاهرات التي ستجري بعد صلاة الجمعة، في جميع أنحاء البلاد احتجاجاً على مشروع إقامة اتحاد بين السعودية والبحرين، وعلى ما أسماها “الخطة الأمريكية لضم البحرين إلى السعودية”. وجاءت الدعوة الثانية، على لسان أتباع إيران في البحرين ممثلين في جمعية “الوفاق” وأعوان حزب الدعوة ومن على شاكلتهم. حيث دعت “الوفاق” ومعها “المجلس الإسلامي العلمائي” غير المرخص، إلى تظاهرة بعنوان “لبيك يا وطني” في بيان صادر أيضاً بتاريخ 16 مايو الجاري، وأكدت “الوفاق” نفس الحجة المكررة لرفض”الإتحاد” بدعوى أنه يعد “مساساً باستقلال البحرين وسيادتها”. وتكشف الدعوتان حجم التنسيق المسبق، وتناغم المواقف والتصريحات بين نظام ولاية الفقية في إيران، وأتباع هذا النظام ممن كانوا يسعون إلى تطبيقه في البحرين، عبر المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي وقعت العام الماضي. ورغم المحاولات البائسة التي تفتقر لأي دليل في نفي الدور الإيراني في دعم الحركة الإنقلابية ومحاولة زعزعة أمن واستقرار البحرين، تنفيذاً لأجندتها التوسعية في المنطقة، والتي تستهدف إحياء وهم الإمبراطورية الفارسية من جديد، إلا أن مشروع “الإتحاد” جاء ليفضح ويؤكد هذا الدور الذي لم يعد خافياً على أحد، وإلا فكيف يمكن تفسير الموقف الموحد لإيران وأتباع ولاية الفقيه في البحرين من مشروع الإتحاد الخليجي. والمتأمل في دعوتي التظاهر من طهران والمنامة يجد عدة دلالات، منها: أولاً:ـ أن الدعوتين صدرتا عن مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الذي ينظم التظاهرات الرسمية في إيران، والمجلس العلمائي غير المرخص في البحرين، وهما جهتان يمثلان “ولاية الفقيه”، ويعكسان طبيعة تأثير “العمائم” على القرار والتوجه السياسي، واستغلال “الفتوى الدينية” في تعبئة الجماهير والتأثير على عقول البسطاء، وحشدهم بغية تحقيق أهداف سياسية تخدم أجندة موحدة للطرفين. وهذا يدحض بطبيعة الحال إدعاءات أطراف العملية الانقلابية في البحرين والتي حاولت خداع العالم بأنها تسعى إلى إقامة “دولة مدنية ديمقراطية”، في حين أنها تسعى إلى “دولة دينية تتبع نظام ولاية الفقيه” ولأدل على ذلك من إعلان الجمهورية الإسلامية في البحرين خلال الأحداث التي شهدتها المملكة العام الماضي. ثانياً:ـ إن الدعوة الصادرة من طهران تبنتها جهة رسمية ممثلة في “مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية الذي ينظم التظاهرات الرسمية”، الأمر الذي تنتفي معه ادعاءات إيران المتكررة بأن أي تصريحات أو ادعاءات تستهدف النيل من سيادة واستقلال البحرين، هي مجرد مواقف شخصية تعبر عن صاحبها، ويؤكد أنها تدخلات رسمية ممنهجة، وقد اتضح ذلك من خلال تصريحات رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني، والذي ادعى أن البحرين هي المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وغيره من المسؤولين الإيرانيين الذين أدلوا بتصريحات مماثلة. ثالثاً:ـ لقد أظهرت هذه الدعوة بشكل سافر الموقف المريب والبعيد كل البعد عن الوطنية لمن تدعي أنها معارضة وطنية، ففي الوقت الذي لم تنبس فيه بكلمة ضد التدخل الإيراني السافر في شؤون البحرين، ودعوة المسؤولين الإيرانيين إلى ضمها لإيران، نراها تعادي مشروع “الاتحاد” بحجة أنه اعتداء على سيادة واستقلال البحرين. كما إن تناغم التصريحات الإيرانية واتفاقها مع ما تطرحه قوى التأزيم في البحرين يؤكد أن ما حدث في المملكة ليس من أجل مطالب شرعية، وإنما تنفيذاً للأجندات الإيرانية التي تتخذ من تلك المطالب ستاراً لها. والحقيقة أن مواقف إيران العدائية التي لم تختلف بتغير أنظمتها على مدى عقود، والتي تدعمها القوى الانقلابية في البحرين بالصمت تارة، وبالتصريح تارة أخرى، باتت تحتاج لموقف خليجي موحد بعد سنوات طويلة من إعلاء مبادئ حسن الجوار والمساعي الصادقة لإقامة علاقة صداقة راسخة، إلا أن طهران أدارت ظهرها لكل ذلك، ورغم أنها أعطت لنفسها الحق في الدخول في اتحاد مع العراق، فهي تأتي اليوم لتقف في وجه البحرين والسعودية ودول الخليج الأخرى، وترفض إقامة اتحاد يجمع تلك الدول ويدعم قدرتها على مواجهة ما تستشعره من أخطار تشكل إيران مصدرها الأول.