^  سنظل دائماً وأبداً مع تطوير الرياضة في البحرين، ومهما جرت من أحداث سياسية مؤسفة سوف ننحاز بطبيعتنا البحرينية للرياضة أكثر مما سننحاز للسياسة، فالرياضة هي الجهة الأكبر دفئاً وحناناً من السياسة، كما إنها أكبر حضناً من كل الحاضنات المشوَّهة، فهي المنطقة الإنسانية غير المدنسة، وعلى إثر ذلك استطاعت أن تفعل ما لم ولن تفعله السياسة. هذا الانحياز نحو الرياضة يدفعنا للحديث عن تطويرها بشكل عام، وعن تطوير الألعاب الأكثر شعبية في البحرين بشكل خاص. كرة القدم والسلة واليد والطائرة، هي أكثر الألعاب الرياضية شعبية في البحرين، وربما في الخليج العربي كذلك، ومن هذا المنطلق يجب الحديث عن تطوير هذه الألعاب بصورة ترقى لمستوى الاحتراف أو ما يقاربه. لم تعد الرياضة عبر العالم مجرد ألعاب تافهة أو مسلية، بل أصبحت الرياضة من أكبر المصادر الاقتصادية القومية في البلدان المتقدمة، فهناك تصرف عشرات الملايين من أجل تطويرها لتدر عليهم أرباحاً بالمليارات، في حين نتحدث في البحرين اليوم عن عشرات الدنانير. إن تطوير الرياضة هي مسؤولية المؤسسة العامة للشباب والرياضة ومسؤولية الدولة، اليوم يجب تحويل المؤسسة إلى وزارة كبقية الوزارات الأخرى (هذا طبعاً إنْ أحببنا الحديث عن التطوير)، وبعد ذلك يجب على الدولة أن تضخ في جعبة وزارة الرياضة المفترضة ميزانيات هائلة لتطوير المنشآت الرياضية، وشراء لاعبين ومدربين دوليين، وإنشاء أكاديميات تعليمية وتدريبية لكل الألعاب، ليكون الحديث بعد كل ذلك عن مسألة الاحتراف حديثاً مريحاً للغاية. بدأنا كعادتنا وقبل كل دول الخليج العربي في اقتحام عالم الرياضة، ففي الوقت الذي كانت البحرين تسحق منتخبات خليجية وعربية فتتغلب عليها بدزينة أهداف، اليوم نخشى من مواجهات تلك المنتخبات، لأنها تطورت تطوراً هائلاً في المفهوم والتطبيق، نحن بدأنا ووقفنا وهم قلدونا وتجاوزونا بمراحل!!. لا يمكن الحديث عن رياضة متطورة وعن ألعاب حديثة أوعن احتراف وجماهير ومنشآت رياضية، وفي المقابل نجد أن المؤسسة العامة للشباب والرياضة تمنح الأندية والألعاب المختلفة ذات الميزانية التي كانت تمنحها إياها قبل عشرين أو ثلاثين عاماً، وإن نفى أحد هذا الأمر، فسوف نقول له يجب عليك أن تراعي بزيادتك الضئيلة كل الفوارق الاقتصادية بين تلك الحقبة وبين اليوم، وأن تنظر لفرق مستوى سعر العملات ما بين حقبة السبعينات وما بعد القرن الحادي والعشرين. سنتحدث عن أحد الألعاب الرياضية في البحرين لندلل على صحة ما نذهب إليه. كرة اليد هي من الألعاب الشعبية في البحرين، ومن المعروف كذلك أن اللاعب البحريني ومنذ أن تأسست اتحادات اليد في الخليج العربي إلى يومنا هذا يعتبر من أفضل اللاعبين الخليجين بل والعرب، لكن ما هي النتيجة؟ بعد موسم طويل ومتعب وشاق وحافل بالمتعة تلعب فيه أندية البحرين بكل جهد وبما تملك من طاقات شبابية جبارة في لعبة كرة اليد، وبعد أن يصل الفريق من خلال جهود إدارية ولاعبيه للمركز الأول، يُصدم الفريق المتوج بطلاً للمملكة أن اتحاد كرة اليد، خصص مبلغاً وقدرهُ أربعة آلاف دينار فقط لتكريم كل اللاعبين!!. بحسبة سريعة ومتواضعة سوف يحصل كل لاعب منهم مع فريقه الذي حقق البطولة بعد موسم شاق ومليء بالإثارة ما بين 150 إلى 250 ديناراً فقط، أما الإداري فله الله، بصراحة بصراحة والله (فشله). لا يمكن أن تتطور الرياضة في البحرين والعقليات الإدارية المتخصصة في تطوير الحركة الرياضية لم تتغير عقليتها ونهج تفكيرها، بل إنها لا تريد أن تستوعب التغيير الحاصل عبر العالم الحديث في عالم الرياضة. لتعلم المؤسسة العامة للشباب والرياضة (وهي تعلم علم اليقين بهذا الأمر) أن كل أندية البحرين تضخ من جيوبها الخاصة مبالغ إضافية كبيرة لتغطية مصاريف كل الألعاب الرياضية، بدءًا من شراء اللاعبين وانتهاء برواتب الطواقم التدريبية، أما الهيئة الإدارية فإنهم مجموعة من المتطوعين الغلابة. تتحدثون عن ضعف حضور الجماهير، وتتحدثون عن تطوير الألعاب الرياضية، وتتحدثون عن قلة المشآت الرياضية، ولا تتحدثون عن السبب الذي يكمن خلف كل ذلك القصور والإهمال. أربعة الآف دينار، هي قيمة سيارة مستخدمة تُعطى للفريق الذي حاز على لقب دوري اليد في البحرين، ومن ثم يأتيك مسؤول من بعيد ليحدثنا عن أهمية تطوير الألعاب الرياضية. لو كانت الألعاب الرياضية مزدهرة عندنا لما استطاعت السياسة رغم وجهها القبيح استمالة غالبية شباب الوطن، لكن كل ما نستطيع قوله هنا (وآسفاه) على الرياضة التي أُهملت حتى تكاد اليوم أن تموت.