^ هذا هو ملخص الخبر الذي تصدر نشرات أخبار فضائية العالم الإيرانية والفضائيات التي تدور في فلكها وتبث بمختلف اللغات وعلى مدار الساعة ، قرأه مقدمو النشرات الإخبارية بطريقة مليئة بالتشفي، ما يعني أنهم أقنعوا أنفسهم أن اللقاء التشاوري الرابع عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الرياض قد فشل، والدليل أنه لم يعلن كما كان متوقعاً قرار الاتحاد بين البحرين والمملكة العربية السعودية! بطبيعة الحال لم يمنع الرافضون لخطوة الاتحاد الخليجي -الآتية في كل الأحوال- أنفسهم من التعبير عن فرحتهم بتصورهم ذاك بطريقة أو بأخرى. ما لا يدركه أولئك هو أن دول الخليج العربي الست صار لديها من الخبرات والتجارب الكثير، وهذا يجعلها تتريث في الأمور ولا تستعجل ليخرج أي اتفاق متكاملاً، لذا فإنهم يصرفون كثيراً من الوقت في الدراسة والبحث والتفكير في كل مسألة مهما صغرت، فقادة الخليج يدركون أنهم إنما يتخذون قرارات تاريخية مرتبطة بمصالح دولهم ومستقبل شعوبهم وبالتالي فإنهم يعطون أي قرار وقته لينضج على نار هادئة. فكرة الاتحاد الخليجي والدعوة إليه جاءت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ووجدت قبولاً من جميع دول مجلس التعاون قادة وشعوباً، حيث الجميع يحلم باليوم الذي تصير فيه دول الخليج العربي كياناً واحداً ويكون فيه جميع مواطني الدول الست سواسية لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات. لكن الاتحاد الخليجي في كل صوره وأشكاله يقلق بعض الدول وعلى الخصوص “الجارة” إيران التي لم تتمكن من إخفاء معاناتها منذ اليوم الأول الذي أعلنت فيه الفكرة، لهذا فليس مستغرباً أن تعيش اليومين الماضيين على أعصابها وتتابع بقلق بالغ الاجتماع التشاوري لتسارع من ثم بمجرد تسرب خبر تأجيل الإعلان عن الاتحاد إلى الادعاء أن “خلافات بين قادة دول المجلس أدت إلى تأجيل الإعلان المرتقب”، فاضحة بهذا الخبر غير الدقيق نفسها ونواياها ليأتي أولئك الذين لا يعجبهم العجب ويعتبرون كل حركة وصيحة عليهم ليفرغوا كل ما في داخلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر استضافات في السوسة وغيرها من الفضائيات واضح أنه تم الاستعداد لها جيداً. لو كانت قرارات قادة دول مجلس التعاون متعجلة ولا تعطي الدراسات أي اعتبار لتم الإعلان عن قيام الاتحاد الخليجي بين كل دوله مباشرة بعد طرح خادم الحرمين الشريفين الفكرة، لكنهم بما يمتلكونه من خبرة وتجربة وما يتصفون به من حكمة ودراية ورؤية واضحة وتقدير دقيق للأمور وما يدور في الساحة والعالم؛ أعلنوا عن قبولهم للفكرة واتخذوا قراراً بتشكيل لجان تم اختيار أعضائها في كل دولة بناء على معايير واضحة لتقوم بدراسة الفكرة وتقديم رؤاها ومن ثم تخصيص اللقاء التشاوري هذا لبلورة الفكرة تمهيداً للإعلان عنها في القمة المقبلة في المنامة أو في قمة استثنائية تعقد في الرياض، وهذا يعني باختصار أن الاتحاد آتٍ في كل الأحوال، وأن ما يؤخره ليس إلا الرغبة في توفير الفرصة لمزيد من الدراسات والإحاطة بمختلف التفاصيل ليخرج الاتحاد بالشكل المؤمل من شعوب الخليج العربية. النية السيئة والنفوس غير الصافية هي التي دفعت نحو التسرع في التعبير عن الفرحة بعدم الإعلان في اللقاء التشاوري عن الاتحاد الذي كان متوقعاً أن يبدأ بين البحرين والسعودية، وهذا يعني أن الإعلان كان يمكن أن ينزل على إيران ومن يؤمل فيها خيراً كالصاعقة، ولكانوا جميعاً قد أعلنوا عن “أوقات وأماكن قبول التعازي” ! أيام معدودات وسيعلن عن ترجمة الحلم الخليجي إلى واقع، ولعلها سنوات قليلة تلك التي تفصل شعوب دول مجلس التعاون عن الوحدة التي هي الغاية الكبرى. ويش؟!