^ عدد من الباحثين الأمريكيين والغربيين يدرسون هذه الفترة باهتمام كبير مشروع الاتحاد الخليجي، واللافت أن التركيز منصب بشكل رئيس على طبيعة العلاقات التي يمكن أن ينتهي إليها المشروع، وخاصة بين المنامة والرياض. هناك اتجاه غربي يقارن المشروع المطروح للاتحاد الأولي بين البحرين والسعودية بما هو قائم بين هونغ كونغ والصين حالياً. حيث تتمتع هونغ كونغ بشكل من أشكال الحكم الذاتي والاستقلالية الإدارية عن الحكومة المركزية في بكين، وذلك بعد الاتفاق الصيني ـ البريطاني الموقع في ديسمبر 1984، وانتهت السيادة البريطانية عليها اعتباراً من الأول من يوليو 1997 لتكون منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة لجمهورية الصين الشعبية. من المبكر الآن الحكم على طبيعة العلاقة التي يمكن أن تكون بين المنامة والرياض في ظل عدم الإعلان عن تفاصيل مشروع الاتحاد، وكذلك الحال بالنسبة لمشروع الاتحاد الخليجي بشكل عام. ولكن العلاقات لا أعتقد أنها ستكون نموذجاً مشابهاً لما هو قائم في التجارب الدولية مثل الاتحاد الأوروبي أو بعض نماذج الاتحاد الإقليمي مثل الآسيان وغيرها. وسبب ذلك وجود عوامل ومعطيات تختلف عن تلك القائمة في التجارب الأخرى، ومنها على سبيل المثال، طبيعة أنظمة الحكم الخليجية التي تختلف تماماً عن الأنظمة الحاكمة في أوروبا أو دول جنوب شرق آسيا، فضلاً عن التشابه الكبير في مكونات المجتمعات الخليجية، بالإضافة إلى طبيعة الأنظمة الاقتصادية القائمة. مثل هذه العوامل من شأنها إيجاد شكل جديد من أشكال الاتحاد والاندماج الإقليمي بين مجموعة مميزة من بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يمكن أن يشكل إضافة للتجارب الاندماجية الدولية. فيما يتعلق بنموذج العلاقات الذي يمكن أن يكون بين المنامة والرياض فإن الخيارات كثيرة ومتعددة ويمكن اختيار الأنسب من بينها، ولا أعتقد أنه من الوارد إقامة علاقة اندماجية كاملة بمفهوم الاتحاد الفدرالية، وإنما علاقة اندماجية جزئية بمفهوم الاتحاد الكونفدرالي. وفي ضوء ذلك لا يمكن حسم شكل الاندماج في صيغة الاتحاد الخليجي سواءً كان بين المنامة والرياض كثنائي أولي، أو بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي. ويمكن أن تكون هناك العديد من القضايا التي تشكل هاجساً وتحدياً أمام هذا المشروع ومازال العمل قائماً على تذليلها، وأعتقد من أبرزها هو الصيغة القانونية التي سيتم إقناع شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بها ليحظى مشروع الاتحاد بالشرعية السياسية. في هذا السياق فإنه من المناسب أن يتم تفعيل الإرادة الشعبية الخليجية على مستويين؛ المستوى الأول هو الهيئة الاستشارية الخليجية التي أنشئت لتكون بمثابة مجلس شورى خليجي معيّن، بالإضافة إلى المستوى الثاني وهو البرلمانات ومجالس الشورى الخليجية سواءً كانت منتخبة أو معينة، لأنها في النهاية تعطي الاتجاه العام لشعوب دول مجلس التعاون. فهي وإن كانت معيّنة في معظمها، إلا أن الرؤى والتصورات فيها بلا شك ستعكس جانباً حقيقياً من اتجاهات الرأي العام الخليجي الذي يبدو متشجعاً للغاية تجاه المشروع المطروح.