عنوان هذه الورقة ليس مبالغة، ولا رجماً بالغيب، إنما هي قراءة واقعية ومنطقية استشرافية، لمجريات الأمور في ساحة الشرق العربي والساحة الدولية، ومراكمة حقائق مسلم بها، وجمع ومراصفة وقائع تقود جميعاً إلى فتح نافذة عريضة، على ما هو مقبل في مضمار العلاقة الأمريكية – الإيرانية، وتحديداً فيما يتعلق بدور كل منهما الإقليمي في الشرق الأوسط، في صفقة محلها العراق والبحرين ابتداءً، تليهما دول الخليج العربي تباعاً، في عملية مقاصة لترتيب آليات خدمة المصالح الأمريكية، مع اعتبار الطموحات الإيرانية بما لا يتعارض معها، أو تكييف المصالح الأمريكية والطموحات الإيرانية على خط متوافق عليه من الطرفين، وثالثهما غير المنظور – إسرائيل، على حساب العرب، مع استرضاء الأتراك في ما يتعلق بتنازلات محدودة،عن بعض شروط قبول تركيا في منظومة الاتحاد الأوربي، بل وحتى إهمالهم إن لم يكن الاسترضاء ممكناً، كما تشي الصورة المبرزة، بل وحتى المغطاة. فراغ المفاوضات في ورقة سابقة تحدثنا حول فراغ المفاوضات أو الحوار أو جلسات الاجتماع مع إيران بشأن ملفها النووي، بينها وبين مجموعة 5+1 منذ بدأت حتى آخر حلقة منها في أبريل الماضي في أسطنبول، وأن شيئاً غير التمديد واستهلاك الوقت لن يحصل، ولن تطال المجموعة من إيران ما تريد، وأن موجة التفاؤل بإيجابية إيران في هذه المفاوضات لا قاعدة مادية لها، وأن الأمور كلها تقود إلى التفكير بأن ما تسعى إليه أمريكا، هو صفقة ما، محلها الشرق الأوسط، ابتداء بالعراق والبحرين لضمان المصالح الأمريكية وتطمين الطموحات الإيرانية في المنطقة، وبشأن ملفها النووي والعقوبات الدولية عليها، وفي ما يخص التخلي عن دعم معارضيها. لنقرأ مقدمات هذه الصفقة أو الحقائق المتراكمة والوقائع المتجمعة التي تقود إليها كما ذكرنا. ولننطلق من صفقة القمح الأمريكية لإيران، التي عدتها الإدارة الأمريكية استجابة إنسانية لا سياسية، وأذكّر هنا بالزيارات المتبادلة – الأمريكية – الصينية، التي قامت بها فرق الـ«بينغ بونغ” الرياضية في البلدين، في سنوات الحرب الباردة (السبعينيات) والتي فتحت صفحة من العلاقات السياسية الإيجابية بينهما على وفق مبدأ خروتشوف القديم - تعايش الأنظمة المختلفة التوجهات، أو التعايش الاشتراكي الرأسمالي على وفق المفهوم الصيني الذي مازال يحكم سياسة الصين في علاقاتها مع الغرب الرأسمالي - على خلفية ما سمّي في حينها بـ«دبلوماسية الـ«بينغ بونغ”، وهنا أتساءل: هل يمكن أن تكون هذه الصفقة تمت لتلعب دور دبلوماسية الـ«بينغ بونغ” ذاك؟ ابتداءً فإن التوجهات الأمريكية نحو إيران لم تكن يوماً تقاطعية كما يتوهم بعض المحللين ويحاولون إيهامنا، إذ حفل تاريخ هذه العلاقات بالمحاولات الأمريكية لاحتواء إيران، أو سحبها إلى جغرافيا تبادل المنافع، عبر صفقات تستجيب لمصالح الطرفين، وإن كانت على حساب حلفاء لأمريكا، وفي وحدة موقف بين الإدارات الأمريكية – الجمهورية والديمقراطية – ولا تغرنكم العقوبات والحرب الكلامية الساخنة، فما أسهل نقض غزلها، ففي العام 2008، مثلاً، تصاعدت حدة الحرب الكلامية بين إيران وأمريكا، حتى توقع الجميع أن حرباً بين البلدين لا بد واقعة في أقرب سانحة، ولم يكن ذلك سوى ستار دخاني لتغطية حقيقة صفقة سرية بين الطرفين تمت على خلفية تصاعد أسعار النفط، والاستعداد للانتخابات المقبلة، تعمل بموجبها إيران لخفض سعر النفط في الأسواق العالمية، أو ضمان عدم تجاوزه جدار الـ150 دولاراً للبرميل، من خلال إغراق السوق بالنفط الإيراني، وإجبار دول أوبك على زيادة إنتاجها، وبالتالي خفض الأسعار، وهو ما حصل فعلاً، مقابل ذلك تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بعدم اللجوء إلى القوة العسكرية ضد طهران، حتى يناير 2009، أي حتى نهاية فترة رئاسة جورج بوش، وما أشبه الليلة بالبارحة، فالإدارة الأمريكية على وشك خوض الانتخابات الرئاسية، ولا بد لها من منجز سياسي، وأسعار النفط تزداد ارتفاعاً ولا أظنها في الشتاء المقبل ستتوقف عند حاجز الـ150 دولاراً طويلاً، ولا بد من منجز اقتصادي أيضاً، في ظل الأزمة الاقتصادية الأمريكية والأوروبية، وليس أفضل من صفقة شرق أوسطية طرفاها إيران وأمريكا، تقدم منجزات سياسية واقتصادية مقنعة تعبّد الطرق أمام أوباما والديمقراطيين لولاية ثانية، وتحل لأوروبا مشكلة اليونان المالية والاقتصادية، ولو نسبياً أو تفتح بوابة الأمل على حلها. صفقة جديدة وعليه، فإن السير الأمريكي باتجاه صفقة جديدة مضافة إلى ما سبقها من صفقات مع إيران، أمر أكثر من طبيعي، ومن صلب ثوابت السياسة الأمريكية، ولا يتعلق بإدارة أوباما أو غيرها، ولن تتردد الإدارات الأمريكية (ديمقراطية أو جمهورية) في سياقاته، عن التخلي عن بعض تحالفاتها الشرق أوسطية أو تكييفها -عدا إسرائيل- لتحقيقه. ومن صفقة القمح إلى صفقة (دقدوق) وهي صفقة تبادل السجناء، فعلى وفق هذه الصفقة، أطلقت إيران العام الماضي سراح ثلاثة سياح أمريكان، ألقت القبض عليهم في الحدود العراقية الإيرانية، بتهمة اختراق الحدود للتجسس، متهمان منهما هما: شين باور (28 عاماً) وجوش فتال (29 عاماً) معتقلان منذ سنتين في سجن إيفين بطهران، بينما حوكمت غيابياً (وتم غض الطرف عن محاكمتها فيما بعد) رفيقتهما سارة شورد (32 عاماً) التي عادت إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد الإفراج عنها بكفالة لأسباب صحية (كما قيل) في سبتمبر 2010. ونقلت الإدارة الأمريكية إلى عصمة حكومة المالكي، سجينها في (سجن كامب كروبر العسكري في العراق) علي موسى دقدوق، قبل انسحاب قواتها من العراق وتسليم حكومة المالكي سجونها ومعتقلاتها بمن فيها، ودقدوق هو أحد أعضاء فرقة العمليات الخاصة التابعة لحزب الله، التي أنشئت أواسط الثمانينيات على يد عماد مغنية، والتي كانت تتلقى أوامرها مباشرة منه حتى اغتياله في العام 2008، وكان يتلقى أوامره مباشرة من المخابرات الإيرانية كما هو معروف، تمهيداً لإطلاق سراحه كما تقتضي الصفقة، وهو ما حدث فعلاً قبل أسبوعين، استباقاً لاجتماع بغداد، إذ برأته المحكمة الجنائية العليا (العراقية) وأمرت بإطلاق سراحه لعدم توفر أي دليل لإدانته!! وبالتأكيد فإن القرار الإيراني بالإفراج عن باور وفتال هو “رسالة حسن نية موجهة من طهران إلى واشنطن” في أبسط قراءة لها، وإطلاق سراح دقدوق رسالة حسن نية مقابلة من الأمريكان، وحسن النية في العرف السياسي، مقدمة صفقة لا محال. ولتأكيد ذلك أعيد إلى الأذهان تمرير الرئيس باراك أوباما رسالة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي مفادها أن واشنطن قد تقبل بمواصلة طهران برنامجاً نووياً مدنياً، مقابل ضمانات عدة، كما أكدت صحيفة و(اشنطن بوست). رسالة إلى أوباما وسلم أوباما الرسالة أواخر مارس الماضي إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في لقاء سيول، في أثناء انعقاد المؤتمر الدولي للحد من انتشار السلاح النووي. وهو ما نقله، أيضاً، موقع إذاعة الجيش الإسرائيلي “جاليه تساهال” تحت عنوان آخر صفقة أمريكية – إيرانية (الرئيس أوباما وافق على صفقة تمنح إيران الحق في تطوير برنامج نووي سلمي مقابل التعهد بعدم السعي للحصول على سلاح نووي!!)، ونقل أردوغان الرسالة إلى المرشد الأعلى خلال زيارته الأخيرة إلى طهران. وورد في مضمون الرسالة، أنه: مقابل موافقة واشنطن، فإن على علي خامنئي إثبات التزامه بالتصريحات التي أدلى بها في 22 فبراير 2012، عندما قال إن “إيران لم تسع، ولن تسعى إلى امتلاك السلاح النووي”. وأمريكا المعروفة بنظام الصفقة، إنما تحسب راهناً ميل الموازين إلى خيارات السلم والدفع بتأزيم إعلامي وعقوبات دولية ضاغطة، بديلاً لحرب شرارتها، إن اندلعت في الشرق الأوسط ستكون المصالح الأمريكية أولى ضحاياها، وليس كالمصلحة الأمريكية من معيار لسلوك الإدارة الأمريكية، وكشف خياراتها. وفي حديث خاص أجريته مع عدد من السياسيين العراقيين المطلعين على الترتيبات السرية الخاصة بلقاء بغداد في الثالث والعشرين من مايو الحالي بين إيران ومجموعة الدول الست، أكدوا أن اجتماع مجموعة القوى الكبرى “5+1” مع ممثلي طهران في بغداد في 23 مايو الحالي بشأن الملف النووي الإيراني، ربما يعقد على هامشه اجتماع ثنائي أمريكي – إيراني، وأن بغداد سبق أن جمعت بين الطرفين في مفاوضات ثنائية. وأوضحت المصادر أن مستشاري المالكي يسعون وبسرية تامة، إلى ترتيب محادثات خاصة بين الوفدين الإيراني والأمريكي، لتعزيز تفاهمات إيرانية أمريكية بشأن العراق ومنطقة الشرق العربي، وبنحول خاص الخليج العربي، ومسألة المصالح الأمريكية فيه، وحماية الممرات الدولية للبترول، والموقف من البحرين، وسوريا الأسد، إذ بدأت الإدارة الأمريكية تكثف ضغوطها على النظام البحريني لتقديم المزيد من التنازلات، للمعارضة الموالية لإيران، وفي السياق نفسه، كشف رئيس “القائمة العراقية البيضاء” في البرلمان زهير الأعرجي عن وجود تنسيق إيراني - أمريكي دائم بشأن الموضوع العراقي، وأن الدولتين تتعاونان لتسوية أية مشكلة داخلية عراقية. صداقة إيران كذلك أكد مصدر رفيع طلب عدم ذكر اسمه: إن الأمر لا يتعلق بالعراق وحده، وإن التوجه الأمريكي ماض نحو صفقة مع إيران بشأن العراق والبحرين، وعموم الخليج والشرق العربي، ويمكن قراءته في الموقف الأمريكي من زيارة نجاد عشية المفاوضات بين إيران والدول الست إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية، إذ لم يكن بمستوى الإدانة كما يتوجب من حليف، بينما نرى أن تلك الزيارة في حقيقتها رسائل موجهة إلى أطراف عدة فضلاً على دول الخليج، منها وبنحو أساس الولايات المتحدة الأمريكية، وإنها كانت رفعاً لسقف المطالب الإيرانية في الخليج العربي، للموافقة على إتمام الصفقة المنشودة أمريكياً. ومع ذلك، أي مع الرفع المتبادل لسقف الطلبات فإن الماراثون الأمريكي- الإيراني الذي يسير بخطوات واسعة نحو صفقة تبرم علناً في بغداد، باتت تفاصيله حقيقة واضحة للعيان. وللمفارقة نسأل بالمباشر: لماذا تدعم إيران ما يسمى بمعارضة البحرين واليمن والمليشيات العراقية؟؟ وتحارب الشعب السوري المنتفض ضد نظامه، ولماذا الجهات نفسها تمالئ أمريكا، وإن كانت تعلن أنها تتقاطع معها، ويمكننا قراءة سلوكيات الخارجية الأمريكية ونصائحها للنظام في البحرين في رسائلها، ورد الخارجية البحرينية عليها، في وقت تعلن فيه إدارة أوباما أنها تدعم الشعب السوري وتعارض معارضة البحرين وتدعم المملكة؟!، إذ دعت واشنطن السلطات البحرينية قبل أسبوعين، إلى التزام “أكبر قدر من ضبط النفس” !! وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند عن قلقها الشديد للعنف المتصاعد في البحرين، منددة باستخدام العنف بجميع أنواعه. ونولاند لا تتحدث في ما سمته باستخدام العنف هنا عن عصابات المولوتوف وقطاع الطرق الذين يحرقون الإطارات وسيارات المواطنين ومدارس الأطفال، ويهددون المقيمين، ويرفعون الشعارات التسقيطية الطائفية، ويدعون إلى العنف وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، بل تتحدث فقط عن الإجراء الوحيد الذي يتخذه رجال الأمن للدفاع عن أنفسهم، بإطلاق الغازات المسيلة للدموع التي لا وظيفة لها غير تفريق التجمعات واعتراض المواجهات العنفية. ولو أن نولاند استعرضت الأفلام التي تعرضها القنوات الأمريكية عن الأسلوب الذي تتبعه الشرطة الأمريكية في فض الشغب وفرض الأمن، لما تجرأت على المقارنة بما يحدث في البحرين للأغراض نفسها، واكتفت بالقول :ندعو من يتظاهرون إلى القيام بذلك على نحو سلمي”! بينما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية – كلينتون خلال لقائها سمو ولي العهد في مقر الخارجية الأمريكية بواشنطن: إن الولايات المتحدة الأمريكية تعدّ البحرين حليفاً قديماً لها، مشيرة إلى أن البلدين شريكان في العديد من القضايا المهمة ذات الاهتمام المشترك، فيما يتعلق بالمخاوف الإقليمية والعالمية. من جانبه، قال الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة إن زيارته تستهدف بحث آخر التطورات في البحرين وتأكيد دعم حكومة البحرين لعملية الإصلاح التي بدأت فيها. أما الخارجية البحرينية فردت بالقول إن مملكة البحرين تسمح بحرية التعبير السلمية بما يكفله الدستور والقانون البحريني، وهو شيء تشهده البحرين بكل حرية و انفتاح، وشددت في ردها على الخارجية الأمريكية، على ضرورة إدانة جميع أعمال العنف التي تهدد الأمن والسلم في المجتمع البحريني!! أليست هذه كلمات متقاطعة، ونكتة سوداء في السياسة الأمريكية، وازدواجية مفضوحة في السلوك والمعايير الدولية وتبادل المواقف بين أمريكا وإيران؟! ماذا يسمي العالم هذه الازدواجية؟ أليست هي نوع من النفاق السياسي الأجوف يخفي تحته تحالفاً وتبادلاً للأدوار في المنطقة؟ والغاية والمرمى دائماً هو استهداف الأمة العربية والمنطقة وصولاً إلى تفتيتها وتقسيمها وتفكيكها ونهب ثرواتها ؟!.. لو تصفحنا فقرات سيناريو الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، الأمريكي، وهو شقيق سيناريو المشرق الإسلامي – الإيراني، لوقفنا على حقيقة هذا التحالف الذي يجري الإعداد لقراءة أول صفحة من صفحاته الجديدة في بغداد في الأسبوع الأخير من هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل. وفي هذا الصدد يقول الكاتب الإسرائيلي يتسفي بارئيل في مقال نشرته هاآرتس الإسرائيلية الأسبوع الماضي، تحت عنوان “نلتقي في بغداد”: من المتوقع أن تجري هذا الشهر جولتان من المحادثات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني. الأولى تبدأ في 14 مايو الحالي وتستغرق يومين وستبحث فيها إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فتح منشأة (برتشين) أمام الرقابة وفي طلب الوكالة فحص منشآت عسكرية أخرى. الجولة الثانية، التي تعدّ أكثر دراماتيكية، ستجري بعد نحو عشرة أيام في بغداد. موقف إيران أوضحه الأسبوع الماضي سفيرها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية، فطهران لا ترى أي داعٍ لإغلاق المنشأة التحت أرضية في (فردا)، لأنها على أية حال توجد قيد رقابة الوكالة. كما إن إيران “لن تقبل التعليمات من أي مصدر أجنبي بالنسبة لتخصيب اليورانيوم”. أما بالنسبة للرقابة في منشأة (برتشين)، فتعتقد طهران أن هذه منشأة عسكرية وليست نووية، أي أنها ليست ضمن قائمة المنشآت التي يسمح لوكالة الطاقة الذرية بزيارتها!! ومثل هذه التصريحات المسبقة كما أرى، تفضح أي ادعاء بالإيجابية التي تحاول إيران أن تعطي انطباعاً عنها في توجهها للتفاوض أو الاجتماع بشأن ملفها النووي، وفي رأيي أنها هي الأخرى عملية رفع لسقف المطالب الإيرانية في الصفقة الموعودة. والشرط المركزي فيها سيكون التزاماً غربياً بالشروع برفع العقوبات عن إيران قبل استجابتها لإطار التخصيب وموافقتها على فحص المنشآت التي ترغب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في دخولها. هذه التبادلية ليست أمراً مسلماً به. بل هي من المرفوضات والتعجيزيات الإيرانية، ما يمكن من القول إن “اجتماع بغداد لن يخرج بشيء، إن لم تعقد الجولة الثنائية بين أمريكا وإيران”. لصالح الملالي أما الحديث عن وضع إيران أمام خيارين الأول تحويل قوة تهديدها إلى رافعة لتحقيق إنجازات سياسية لصالح الملالي، أو تفضيل برنامج نووي استعراضي ومواصلة العقوبات، فهو حذلقة صحفية وإعلامية وسياسية، إذ سبق أن حسمت إيران خياراتها على إبقائها حيزاً براغماتياً لخيارات اضطرارية. وآخر ما تم تسريبه بهذا الصدد، ما نقله معهد أمني أمريكي من أن صوراً التقطت بوساطة أقمار صناعية تجارية تظهر أنشطة جديدة في موقع عسكري إيراني الأمر الذي يثير مخاوف من أن الجمهورية الإسلامية ربما “تطهر” مبنى تريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتيشه. ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن رامين مهمان باراست المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله “إنهم يمزحون مع بلدنا”!! ولم تسمح إيران بعد للوكالة الدولية بزيارة المنشأة الواقعة جنوب شرقي طهران. وقال المدير العام للوكالة يوكيا أمانو الأسبوع الماضي إنها لاحظت في الآونة الأخيرة بعض “الأنشطة” هناك. ولم يقدم امانو تفاصيل لكن دبلوماسيين غربيين يشتبهون في أن إيران ربما تطهر الموقع قبل أي تفتيش. وقال معهد العلوم والأمن الدولي وهو مؤسسة بحثية في واشنطن متخصصة في أنشطة الانتشار النووي “إنه حصل على صور التقطت بوساطة أقمار صناعية تجارية منذ التاسع من أبريل الماضي تدعم مخاوف الوكالة الدولية” . وآخر ما أود قوله هنا: إن سياسة إيران في ما يخص التفاوض حول برنامجها النووي تعتمد الإطالة، وإضاعة الوقت بنية الوصول إلى خط الأمر الواقع الذي يجبر الجميع في النهاية على الاعتراف بإيران عضواً في النادي النووي وتغيير قائمة الطلبات منها، على وفق صفقة ما زالت فقراتها موضوع أخذ ورد بينها وبين أمريكا، والتي تؤكد -كما أرى- المؤشرات والوقائع كلها أن محلها سيكون العراق والبحرين ابتداءً، وأن النووي وأمور أخرى ليست غير ملحقات ثانوية، تحل حل ملفاتها كتحصيل حاصل لتلك الصفقة.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90