^  سؤالان مهمان؛ من هم الذين يقفون في وجه فكرة قيام الاتحاد الخليجي الذي أعلن عن البدء بأولى مراحله؟ ولماذا يرفضون فكرة الوحدة التي هي مصدر القوة، ومبدأ أصيل من مبادئ الدين الإسلامي، حيث يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فلماذا يرفض البعض تحقيق مبدأ إسلامي هام، وهم الذين يعلمون أن في الاتحاد قوة، فهل يريدون لدول الخليج العربي بشكل عام، ومملكة البحرين بشكل خاص أن تكون ضعيفة، وإذا كانوا يريدون ذلك بالفعل فلصالح من يكون هذا الضعف؟ وفي محاولة تقديم إجابة على السؤالين الرئيسين الواردين في عنوان هذا المقال يمكن القول إن من يغضبه فكرة الاتحاد الخليجي ينقسمون -في تصوري- إلى ثلاثة أنواع: أولاً: العدو الحقيقي للعرب والمسلمين؛ والذي لا يروق له أن يرى مظاهر الوحدة بين الدول العربية أو بعضها، ولا يعجبه أن تنشأ منظومة سياسية واقتصادية وعسكرية فاعلة يكون لها دورها المؤثر في القرارات التي تتعلق بهذه المنطقة الهامة من العالم، وأقصد بهذا العدو؛ الكيان الصهيوني ومن يسانده من القوى الغربية العالمية التي لا تتحمس لفكرة قيام اتحاد فيدرالي أو شبه فيدرالي بين دول الخليج العربي، خصوصاً في ظل تقارير تفيد بتخصيص ميزانيات ضخمة لتسليح جيش الدول الخليجية بأحدث المقاتلات والمعدات العسكرية. ثانياً: إيران التي ليس فقط تخشى من قيام الاتحاد الخليجي؛ بل وتحاول بشتى الطرق تعويق عملية الاتحاد من خلال آلة الإعلام التي تسبح في فضاء المنطقة العربية، وتضم أكثر من أربعين قناة فضائية تليفزيونية وعدد من الصحف التابعة لها، وذلك من خلال تسمية الأشياء بغير مسمياتها؛ كالقول بإدماج البحرين أو تذويبها في المملكة العربية السعودية، وتدرك إيران أن قيام كيان سياسي كهذا الكيان من شأنه إثارة قضية الجزر الثلاث الإماراتية التي تحتلها إيران، ومن المؤكد أن إيران من السهل عليها التلاعب بهذا الملف إذا ما كان الطرف الآخر دولة واحدة هي الإمارات، أما إذا كان الطرف الآخر يمثل قوة سياسية وعسكرية واقتصادية بحجم الكيان الذي سيجمع دول الخليج العربي فإن كثيراً من موازين القوى ستختلف في التعامل مع هذا الملف. ثالثاً: بعض الذين يرتبطون بشكل أو بآخر مع إيران ويدافعون عن توجهها العام في المنطقة من سكان الخليج العربي حتى وإن لم يصرحوا بذلك، والذين يقومون بحملات إعلامية وسياسية لتعويق فكرة الاتحاد الخليجي، وهم بالمناسبة لم يكتفوا بالحملات الإعلامية والسياسية؛ بل أطلق بعضهم التهديدات باتخاذ إجراءات تصعيدية إذا ما تم الإعلان عن قيام الاتحاد الخليجي! أما سؤال لماذا؟ فبالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي من المتوقع ألا ترحب بإعلان الاتحاد، أو ربما تقوم بانتقاده، فإنه يهدم لديهم نظرية (فرق تسد) التي ما برحوا يستخدمونها مع كل بقاع العالم العربي والإسلامي، أما إيران فتعترض على الاتحاد لأنه سيعمل على الإخلال بموازين القوى في المنطقة، ويجعل موقفها أضعف مما كانت عليه من قبل، وهما تبريران مفهومان، أما التبرير غير المفهوم فهو أن ترفض بعض القوى التي تعيش في بلدان الخليج العربي هذا الاتحاد!