^ التفريط باستقلال البحرين مرفوض تماماً، لأنه تفريط باستقلال وسيادة الشعب والدولة، هذا هو المبدأ من البداية ولا يمكن المساس به. ولكن هناك نظرتين تجاه هذه المسألة لدى القوى السياسية البحرينية فيما يتعلق بمشروع الاتحاد الخليجي. فمناهضو المشروع يرون أن اتحاد المنامة مع إحدى عواصم دول مجلس التعاون (ويقصد بها السعودية في هذه الحالة) مرفوضة لأنها تفريط باستقلال البحرين. وبالمقابل فإن مؤيدي المشروع يرون أن الاتحاد لا يعد مساساً باستقلال البحرين. السؤال هنا؛ هل مشروع مثل الاتحاد الخليجي يمكن أن يؤثر على استقلال البحرين أو يعتبر تفريطاً باستقلالها؟ لا أعتقد ذلك تماماً لعدة أسباب يمكن إيجازها في الآتي: أولاً: مشروع الاتحاد الخليجي لن يخرج بدولة واحدة تنصهر فيها سيادة كل دولة خليجية وتنتهي تماماً، وإنما ستحافظ على سيادتها الوطنية في ضوء ما سيتم الاتفاق عليه. ثانياً: قرار الاتحاد الخليجي بالنسبة للبحرين تحديداً لن يكون خارج نطاق الإرادة الشعبية، فهناك آليات دستورية متعددة يمكن من خلالها التعرف على آراء الشعب من خلال ممثليه في السلطة التشريعية. وما دامت لدينا مثل هذه الآليات فيجب احترامها والالتزام بقراراتها باعتبارها تمثل الإرادة الشعبية حسب الدستور المتوافق عليه منذ ميثاق العمل الوطني. ثالثاً: الدولة البحرينية تجاوزت مرحلة استئثار السلطة لدى العائلة الخليفية المالكة بعد ميثاق العمل الوطني الذي جعل الشراكة بين العائلة الكريمة والشعب ويعتبر عقداً اجتماعياً مكتوباً بين الطرفين وحظي بموافقة الإرادة الشعبية بنسبة 98.4 بالمائة في فبراير 2001. وفي ضوء ذلك توجد آليات ومؤسسات دستورية هي التي تضمن أن تكون كافة القرارات السياسية في الدولة شراكة بين الشعب من خلال ممثليه في السلطة التشريعية والعائلة المالكة عندما مُنح جلالة الملك الصلاحيات الدستورية للموافقة على القوانين. رابعاً: عندما يتم مشروع الاتحاد الخليجي فإنه يتم من خلال معاهدة دولية، ومن المعروف أن جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية يتم عرضها على السلطة التشريعية حسب الدستور، والهدف من ذلك ضمان حصولها على موافقة الإرادة الشعبية. المناهضون لمشروع الاتحاد الخليجي لديهم عدة أهداف مرحلية وأخرى بعيدة المدى يمكن تحقيقها من خلال موقفهم المتشدد تجاه المشروع نفسه. فعلى مستوى الأهداف قصيرة المدى فإنهم يحاولون تشتيت اتجاهات الرأي العام البحريني تحديداً والخليجي بشكل عام، وأيضاً تحويل مشروع الاتحاد الخليجي إلى قضية جديدة يمكن استهلاكها وتسويقها أمام قواعد المعارضة الراديكالية الرافضة لمشروع الاتحاد. أما بالنسبة للأهداف بعيدة المدى فإنها تتعلق بإمكانية الضغط نحو إقرار حق المصير حول النظام السياسي البحريني برعاية أممية، وهو أمر سيكون متعذراً للغاية وصعب التحقيق في حالة تنفيذ المشروع الخليجي. المسألة الأخيرة هي أن المناهضين لمشروع الاتحاد الخليجي يبررون مواقفهم بأن المشروع يؤدي إلى التفريط في استقلال البحرين، ويتناسون من الذي فرّط باستقلال البحرين خلال أزمة فبراير ـ مارس 2011 عندما تمت المطالبة بإسقاط النظام وإقامة نظام تابع للثيوقراطية الإيرانية، وعندما تم التخابر مع الحكومات الأجنبية، وعندما تم التخابر مع بعض التنظيمات السياسية الإرهابية الأجنبية! بعد هذا العرض أعتقد أن فكرة التفريط بالاستقلال باتت مفهومة وأكثر وضوحاً.