كتبت - عايدة البلوشي: رغم ما أثبتته البحوث والدراسات من نتائج إيجابية للتعليم خصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة؛ لاتزال المؤسسات التعليمية المعنية بالطفل بيد القطاع الأهلي. ومنها رياض الأطفال. ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب عدم إدراجها تحت مظلة وزارة التربية والتعليم، رغم أن الوزارة تكفل المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية وما فوقها. في هذا التحقيق يجدد المواطنون مطلبهم بتوفير رياض أطفال نموذجية تتبع وزارة التربية والتعليم، تتلافى جملة مشكلات تخص الأطفال وأولياء أمورهم والمدرسات. من جانبها تشيد الموظفة بإحدى رياض الأطفال عذراء أحمد باقتراح مجلس النواب بتأسيس رياض أطفال نموذجية تابعة لوزارة التربية والتعليم كجزء أساسي من التعليم، مشيرة إلى أن من شأن ذلك أن يفتح الباب للأسر ذات الدخل المحدود للاستفادة من التعليم المبكر لأطفالهم، كما إن فيه ضماناً لحقوق العاملات. وتضيف أحمد: هناك معاناة نعيشها نحن موظفات رياض الأطفال. ورغم الوعود بحلحلة ملف رياض الأطفال، إلا أنه لا ترجمة لذلك واقعاً. وإحدى أوجه هذه المعاناة تدني أجورنا. أنا أعمل بإحدى الروضات منذ أربع سنوات براتب 100 دينار، وبزيادة 10 دنانير في كل سنة. فهل يكفي راتبي لتلبية متطلبات معيشتي؟ كيف ذلك والدخل ضئيل جداً ومطالب الحياة متشعبة مع تحول الكماليات إلى أساسيات؟! إن وضعنا المعيشي اليوم يختلف عما كان عليه في السابق. من ناحية ثانية نطالب بالنظر في نظام الإجازات، فمدرسة أو عاملة الروضة لا يمكنها أخذ إجازة، إلا في إجازة الربيع أو الصيف. وبدون راتب أيضاً! فكيف لها أن تعيش دون راتب؟!. أيضاً نطالب بتأهيل المدرسات بدورات تدريبية وورش عمل بشكل دوري لكي نرتقي بأدائنا. فالمدرسات والموظفات في رياض الأطفال من أشد الناس حاجة إلى التشجيع بالمكافآت المادية والمعنوية. وتؤكد المدرسة السابقة بإحدى الروضات منى حسن أن الروضات النموذجية التابعة للوزارة، خطوة مهمة يجب تنفيذها وتوحيدها، لافتة إلى أن المطلوب دراسة نظام رياض الأطفال من داخل بيئتها، والتعرف على جودة الخدمات وعدد الأطفال في الصف الواحد. فمن الخطأ أن يكون في الصف الواحد 25 طفلاً!. كما يجب الأخذ بآراء أولياء الأمور، وتحقيق الشراكة المجتمعية. وتبين حسن أن أبرز مشكلات الموظفات والعاملات في الروضات تتمثل في ضعف الرواتب، التي تتناسب وحجم العمل من تعليم وتربية. أما عبدالله علي فلا يعتقد بجدوى ضعف الإمكانات المادية كمبرر لغياب رياض أطفال تابعة لوزارة التربية، أو روضات حكومية تقدم خدماتها بالمجان للأسر ذات الدخل المحدود، بل أن ذلك زاد من جشع أصحاب الروضات، على حساب الأطفال. نخشى سلوكيات الخادمات أما مريم أحمد فتطالب برياض أطفال مسائية، تحمي الأطفال وتفيدهم، بدل تركهم مع الخادمة. تقول أحمد: أنا موظفة في القطاع الخاص يبدأ عملي في الثالثة ظهراً، وأحار أين أذهب بولدي إذ لا توجد روضة مسائية، وأخشى على ولدي من تركه لوحده مع الخادمة. وفي الوقت الذي يتغير فيه كل شيء، لانزال نراوح مكاننا في أمور كثيرة منها ملف رياض الأطفال. وهو ملف لم يعد ترفاً بل ضرورة مجتمعية؛ فالغني والفقير يحرص أن يتعلم طفله في الروضة. فلماذا لا يراقب أداء المؤسسات التعليمية؟! إن أهمية رياض الأطفال تبرز من ناحيتين؛ الأولى غياب الوالدين لساعات طويلة في العمل، الثانية؛ أهمية تعليم الطفل، فشتان بين طفل دخل الروضة وآخر دخل المدرسة مباشرة. فهناك يعتاد الطفل البيئة التعليمية، ويتعلم مهارات جديدة كالحوار والإلقاء. كما يكوّن شبكة علاقات اجتماعية من الأصدقاء. وتعتقد منى محمد بجدوى إشراك الرجال في مهنة التدريس في رياض الأطفال أسوة بالنساء، من باب كون التربية عملية مشتركة بين الرجل والمرأة، فلابد أن ينخرط الرجل في مثل هذه المجالات، مشيرة إلى حاجة رياض الأطفال إلى إعادة صياغة وتطوير من عدة جوانب، كأن يتم تأهيل المعلمات وتحسين رواتبهن وإجازاتهن، فكلما تحسن وضعهن كلما تطور مستوى أدائهن. حفظ حقوق المدرسات والأطفال من ناحيته يبين النائب عدنان المالكي أن اقتراحهم كجهة تشريعية بإدراج رياض الأطفال تحت مظلة وزارة التربية والعليم كجزء من التعليم الأساسي، جاء حفظاً لحقوق المدرسات والأطفال، خصوصاً مع وجود تلاعب من قبل بعض رياض الأطفال، كونها مؤسسات تجارية تتلاعب بالأسعار. ويلفت المالكي إلى أهمية وجود مؤسسات تعليمية أو رياض أطفال تفتح صباحاً ومساءً، بدلاً من ترك الطفل مع الخادمة، حيث يتعلم على يديها عادات دخيلة. وفي الوقت الذي يجد فيه المالكي أن وجود الرجال في هذا القطاع يحقق إيجابيات في مقدمتها تحجيم نسبة البطالة، يعبر عن إيمانه بقدرة المرأة أكثر من الرجل على العمل في المؤسسات التربوية خصوصاً بالنسبة للأطفال. لكن هناك أموراً كثيرة تتعلق بهذه الروضات. فأجور المدرسات في هذه المؤسسات التربوية لا يناسب حجم أدائهن؛ فهن يقمن بعملهن منذ الثامنة صباحاً وحتى الواحدة بعد الظهر براتب لا يجاوز 200 دينار، مع الحرمان من الإجازات! فكيف لهن بالضمان الاجتماعي؟! لذلك يعزفن عن الانخراط في هذا المجال سواء كموظفات أو متخصصات. قصـص خلف أسوار رياض الأطفال «كانت ابنتي تشكو حرارتها المرتفعة. ورغم بكائها لم تعنى معلمة الروضة بها. وعندما حضرت لأخذها أخبرتني المعلمة بشكواها منذ الصباح. وعندما سألتها عن سبب عدم إخباري بالمر، أجابت بهدوء: كانت مجرد “سخونة عادية!”. درس للوالدين! منعت مديرة إحدى رياض الأطفال طفلاً من الذهاب في رحلة مع زملائه، لنسيانه إحضار الرسوم. بكى الطفل، فرقت لحاله إحدى المعلمات، وطلبت دفع الرسوم عنه. لكن المديرة اعترضت وقالت: “لا ما يروح، عشان أهله يتأدبون ويعرفون إشلون يدفعون”!. الطفل كاد يهلك جوعاً! وضعت الأم غداء ابنها في حقيبته. وعندما جاء وقت الفسحة. أخذ طفل غداءه ببراءة، منتهزاً غفلة المعلمة. فظلّ دون أكل لخمس ساعات متواصلة. وعندما شكت الأم ما حدث له، قالت المديرة “نشوف من ونخلي من”!.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90