كتبت - شيخة العسم: إن مسلسل أخطاء الأطباء لا ينتهي، وضحاياه يتضاعفون، رغم إمكان علاجهم بسهولة مع بعض الانتباه. مسلسل بدأت حلقاته منذ زمن، لكن لا نهاية لها. نشاهد فيها أمهات يخضعن لعمليات قيصرية بسيطة تتسبب بالتهابات وجراح لا تندمل. كما نشهد فيها رجالاً وأطفالاً يضجون من الألم. ونجد فيها بعض الأطباء وليس الكل يؤدون عملهم بشكل روتيني دون حسّ إنساني. فإلى متى ستستمر حلقات هذا المسلسل المروع؟! ما هو المطلوب لإيقافها؟ هل الخلل يتعلق بالأطباء أم بالمرضى أنفسهم؟! أم بغياب الرقابة؛ بل التستر على هذه الأخطاء؟ أم في غياب القوانين والعقوبات الرادعة؟! فات الأوان فماتت زوجتي شيخة، ذات الواحد والعشرين ربيعاً إحدى ضحايا الإهمال، وأخطاء الأطباء. حول ملابسات وفاتها يقول زوجها أحمد جاسم بورشيد: بدأت معاناة زوجتي مع أول يوم ولادة، فكانت متعبة جداً، وتصورنا أن السبب هو الولادة القيصرية. لكن أصابتها بحمى شديدة طوال عشرة أيام زاد من قلقنا. وعدنا للمنزل ولم تتحسن، بل لم تكن تقوى على حمل توأميها، فرجعنا المستشفى وخضعت للعلاج قرابة أسبوع، وكان عبارة عن مضادّات وفحوصات. وكان الأطباء يؤكدون أنها لا تعاني شيئاً. ما جعلني أعتقد أنها تعاني من الحسد. عدت بها إلى البيت وكانت هزيلة الجسم لا تتناول الطعام وتشتكي من البرد. لكنني عندما أخذتها لمستشفى السلمانية وفحصتها الطبيبة شخصت ما بها على أنه تضخم في الرحم. ورقدت في المستشفى وتم علاجها فعادت بصحة جيدة. ويضيف: بعد يومين فقط، عادت الأعراض نفسها من حمى وإرهاق. وعانت كثيراً في مستشفى السلمانية بسبب تناولها أكثر من مضاد. وكانوا يخرجون بنتائج في كل مرة. وكانت حالتها تزداد سوءاً. فقررت أخذها إلى مستشفى السعد بالسعودية على مسؤوليتي. وهناك اكتشف الطبيب وجود تلف في الرحم وتلوث في الدم. وكان علاجها يتطلب 50 ألف دينار، وشرط دخولها المستشفى وبدء العلاج دفع 30 ألف دينار، ولكوني في وضع مادي متواضع، أدخلتها المستشفى العسكري، وبعد فحصها أكدوا أنه لا مرض لديها. ورغم أن وزارة الصحة أخبرتني أنها ستتكفل بعلاج زوجتي في الخارج، إلا أن أطباء العسكري أكدوا أن علاجها في البحرين أفضل. وبعد فترة تفضل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء فتكفل بتكاليف علاجها. وهناك في السعودية تمت متابعة حالتها وأجريت لها عملية لاستئصال الرحم. لكن للأسف توفيت بسبب مضاعفات العملية. ليتني لم أجر العملية أما شريفة محمد -27 عاما- فاضطرت إلى إجراء عملية الولادة، رغم ما وصلها عن الأخطاء الطبية، والنتيجة أنها لاتزال تعاني. تقول محمد: كنت متخوفة، لكنني اضطررت إلى إجراء العملية، وكانت صعبة رغم أنه مولودي الثالث. وما زاد من ألمي خياطة الجرح. فحتى الآن لايزال جرحي ملتهباً يؤلمني بشكل رهيب. كما إن القيء والحمى لا يفارقاني. وعندما ذهبت لطبية في عيادة خاصة أخبرتني أن الجرح ملتهب، وهذا خطر جداً. ووصفت لي أدوية ومطهرات. القانون موجود دون تفعيل الحالات السابقة تستلزم التشدد في محاسبة المهملين والمخطئين كما يرى رئيس لجنة الخدمات بالبرلمان النائب عادل العسومي، إذ إن مسلسل الأخطاء الطبية لا ينتهي، والضحايا كثيرون خصوصاً في الفترة الأخيرة. يقول العسومي: القانون موجود لكنه لا يطبق للأسف، مع أنه يتعلق بأرواح الناس. ووزارة الصحة مطالبة بالقيام بدورها كمراقب ومراجع ومعالج للأخطاء. ويجب الاعتراف بالخطأ ومعاقبة المتسبب. فأغلب هذه الأخطاء هو نتيجة لاستهتار الطبيب نفسه وقلة خبرته. ويجب على الوزارة والمسؤولين انتقاء أطباء ذوي خبرة وكفاءة. مواجهة الطبيب بصرامة من جهتها لا تجد المحامية سهام صليبيخ حلاً لتضاعف أخطاء الأطباء سوى معاقبة الطبيب المهمل بصرامة، مشيرة إلى أن القوانين والعقوبات الموجودة لا تجدي وليست رادعة. تقول صليبيخ: يجب على المتضرر رفع دعوة جنائية على الطبيب للتحقيق في القضية، ومن ثم يحال المريض إلى المستشفى للتحقق من وجود ضرر بسبب الإهمال أو الخطأ. ومن ثم في حال إثبات الضرر يتم تحريك الدعوة الجنائية وعلى أثرها تتم معاقبة الطبيب. لكن في حال وجود مرض كالسرطان مثلاً قبل الخضوع للعملية واكتشف أثناء العملية، فهنا لا يعاقب الطبيب ولا تحرك الدعوة الجنائية ضدّه، لأنه لا يد له. وعقوبة الطبيب تتم بحسب الإصابة أو الضرر الناتج عن الخطأ. أما في حال وفاة المريض حتى وإن كان الخطأ بسيط، مثل نسيان أدوات في بطنه أدت إلى وفاته، فيمنع الطبيب من مزاولة المهنة. وتضيف من وحي حالة عايشتها: تعرضت إحدى الأمهات بمستشفى خاص إلى الإهمال، حيث نسي الطبيب قطناً في بطنها أثناء خضوعها لعملية قيصرية، ما نتج عنه آلام حادة. فقامت برفع دعوة جنائية، وأحال القاضي المريضة لمستشفى السلمانية فخضعت لعملية أخرى وبالفعل تم إخراج القطن. وبعدها تمت تسوية القضية عن طريق الصلح وتعويض المريضة مادياً. توفير طاقم طبي مؤهل تعليقاً على الحالات السابقة، ومن أجل توضيح بعض ملابسات عملية الولادة، كان لـ “الوطن” هذه اللقاءات مع الأخصائيين، حيث تنصح أخصائية أمراض نسائية وتوليد د.ريم السباعي من أجل ولادة صحية بدون مشاكل، بمتابعة الحامل الدورية خلال فترة الحمل لمعرفة عوامل الخطورة، التي ربما أدت إلى تلك الاختلاطات أثناء المخاض أو الولادة، وبالتالي معالجتها أو محاولة تجنبها، ثانيا أن تتم الولادة في مستشفى مجهز بكافة التجهيزات الطبية اللازمة للحامل وللوليد، ثالثاً توافر طاقم طبي مؤهل لمتابعة الحامل أثناء المخاض والولادة وتدبير الاختلاطات حال حدوثها. وتبين د.السباعي أن عملية الولادة فيزيولوجية تحدث باستمرار، مع ذلك نجد أن الاختلاطات الطبية في هذه العملية كثيرة؛ فلماذا؟ إن التدبير المثالي لعملية المخاض والولادة تتطلب من المولود والحامل تفهم أمرين؛ الأول أن الولادة عملية فيزيولوجية طبيعية، ومعظم النساء تخضع لهذه العملية دون أي اختلاطات أو مضاعفات. أما الأمر الثاني فهو أن الاختلاطات الوالدية أو الجنينية يمكن أن تحدث بسرعة وبشكل غير متوقع. لذا على الطبيب المولد أو القابلة أن يكونا ذوي خبرة كافية لتدبير هذه المضاعفات في حال حدوثها. وتضيف د. السباعي: هناك اختلاطات شائعة في عملية المخاض والولادة، وأكثرها شيوعاً عسر الولادة الطبيعية، وربما تحتاج إلى حث المخاض، بإجراء عملية القيصرية أو تطبيق الملقط أو المحجم، تبعاً للسبب المؤدي لعسر الولادة في أيّ مرحلة من مراحل المخاض، إلى جانب اضطراب تخطيط ضربات قلب الجنين، وانسدال الحبل السري، وانفصال المشيمة الباكر، والانسمام الحملي (الاختلاج)، وعسر الولادة الكتفية، وتمزقات العجان من الدرجة الثالثة أو الرابعة، بالإضافة إلى نزف ما بعد الولادة، وأكثر أسبابه شيوعاً؛ وهن العضلة الرحمية، تمزقات القناة التناسلية، بقاء جزء من المشيمة أو الأغشية داخل الرحم. انتقاء الطبيب ذي الخبرة فيما يشدد استشاري الأمراض النفسية د.عبدالكريم مصطفى على انتقاء الطبيب ذو الخبرة. ووجوب أن تكون العلاقة بين الطبيب والمريض إنسانية وليست علاقة “رقم” مريض فقط، مبينة أن هذا الأمر يقع على عاتق الطبيب أولا بأن يعامل المريض ويهتم بمشاعرة الإنسانية وتخوفه من خوض العملية، وأن يبني علاقة بينه وبين المريض. وفي المقابل سيكون المريض مشاركا وجزءاً في هذه العلاقة. ويشير إلى وجود فرق في نفسية الحامل بين البكر وبين الثيب، فالبكر تمر بحالة خوف وتوجس، أما الثانية فهي على دراية بما ستواجهه، لكن الألم واحد في كلا الوضعين، ومساعدة الأهل تؤثر إيجاباً على الحامل. وعملية الولادة غريبة جداً، فبقدر ما تحمل من ألم خصوصاً عند خروج رأس الطفل، إلا أنه وبمجرد الانتهاء من الولادة تنقلب مشاعر الألم إلى سعادة، وهي من أغرب الحالات النفسية التي تمر بها المرأة.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90