كتبت - شيخة العسم: يتجه عدد كبير من الشباب البحريني إلى الزواج من غير البحرينيات، ليس لأن البحرينيات لا يرقن لهم، إنما نتيجة البطالة والفقر. فهم يسافرون لجلب زوجات أرخص تكلفة من البحرينية التي تكلفهم الكثير، من مهر وشبكة وحفلة زواج وتأثيث وغيرها من أمور لا يستطع الشاب توفيرها، خصوصاً مع تزايد طلبات بنات اليوم. إذ كانت حفلات الزواج تتم في الغالب في المنازل أو الخيام القريبة من المنزل وبأسعار رمزية، وحالياً تقام في فنادق وصالات فخمة مجهزة بأسعار خيالية تتحدى قدرات الشباب. يفكر الشاب بهذه الطريقة، دون أن يدرس أبعادها المستقبلية. فهناك أعراف وعادات وتقاليد يجب مراعاتها -بحسب أهل الاختصاص- كذلك العقيدة، فإن عقيدة الزوجة ستورثها الأبناء ، فهي من تقوم بتربية الأبناء وليس الأب، نظراً لانشغاله الدائم وبقاءه خارج البيت لفترات طويلة، إلى جانب اللغة غير النقية التي سيكتسبها الطفل. ما يدل على وجود صعوبات جمة ستواجه الطفل، خصوصاً عند دخوله المدرسة، حيث يتأثر مستواه التحصيلي في الغالب. فالطفل في النهاية ضحية ظروف مجتمعية تعرض لها الأب، وعلى المجتمع أن يتقاسم همومها. نطرح هنا عدة أسئلة منها أسباب توجه شبابنا للزواج من أجنبية، ورأي المجتمع البحريني بهذا الزواج وأبعاده؟... فإلى التحقيق الآتي... مهور خيالية! يقول الشاب العازب حسن محمد (22 عاماً) صارت المهور خيالية، وكأنها تواكب ارتفاع أسعار كل شيء. وكلما ارتفعت في الخارج ارتفع مهر العروس. وهنا نلاحظ البعض يتزوجون من خارج البحرين بسبب رخص المهر وعدم حرص الزوجة على بهارج الزواج المبالغ فيها. ويضيف: غير أن تداعيات الزواج من أجنبية كثيرة جداً، وكلها تعود سلباً على الأبناء من حيث اللغة والعادات والتقاليد وغيرها، خصوصاً متى كانت الأم من ديانة أخرى، فهنا المصيبة تكبر، شخصياً لا أؤيد الزواج من أجنبية، فهناك فتيات قانعات كثر في البحرين، ويجب أن نبحث عن الزوجة الصالحة أولاً وليس على المظاهر. يطلبون الجمال وحسب! وتعود أسباب زواج الشباب من أجنبية إلى أربعة أسباب، من وجهة نظر إيمان الكعبي (25 عاماً) غير المتزوجة، إلى: أن الأعم والأغلب من شبابنا يبحث عن الجمال، وحديثي عن الجمال هنا هو جمال الشكل والقوام جمال الجسد، لا جمال الروح والأخلاق. ظناً منهم أن من تمتلك الجمال هي من ستسعدهم عند النظر إلى جمالها، والبعض يعتقد أن كلفة الزواج من أجنبية أقل من الزواج من البحرينية، التي تضع الشروط عند الزواج وبعده، كما إن بعض بناتنا من الجامعيات لا يرغبن في الارتباط بموظف بسيط حاصل على الشهادة الثانوية وربما الإعدادية، أيضا يتأثر شبابنا بالمسلسلات السورية والتركية والمكسيكية المدبلجة التي تعكس حياة وعادات هؤلاء الأجانب والتي لا تتناسب مع عاداتنا وأعرافنا. وتضيف: أنصح كل مغرورة بشهادتها الجامعية وجمالها أو كل شباب بشهادته ومركزه، أن يتقي الله. فكل شيء زائل إلا وجهه سبحانه، فلا يبقى سوى العمل الصالح والدين فالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) ويقول عليه السلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). وهذه وصايا رسولنا الكريم.. فهو لم يوصنا بالجمال ولا الحسب والنسب. والحقيقة أن القليل من الزيجات التي أقيمت على أساس الجمال أو الشهادة نجحت. موضوع يستحق مناقشة النواب من جانبه يقول النائب عبدالله علي بن حويل: لقد تعايشنا مع أبناء كانت أمهاتهم أجنبيات وتزوجوا وأنجبوا وتداخلوا مع المجتمع بشكل سلس. لكن بشكل عام أنا لا أعتبر الزواج من فتاة عربية هو المقصود به الأجنبية، ما أقصده هو أن تكون من الدول الآسيوية والأوروبية وغيرها من الدول التي لا تتحدث العربية. فالفتاة العربية ربما تكون ابنة خالة أو من الأقارب والأهل. ويتابع: نحن نشجع ونحرص على أن يتزوج الشاب البحريني بفتاة بحرينية، لكن هناك موانع تعيق الشاب مثل غلاء المهور. وعلى الحكومة أن تتدخل في هذا الموضوع بشكل مباشر، وتضع حلولاً لتيسير الزواج على البحرينيين من كلا الطرفين، كأن تحدد مبلغ المهر. أما بالنسبة لدور النواب فأرى وجوب طرح هذا الموضوع، بشرط وجود اجتماعيين وشيوخ دين، للاستفادة منهم في وضع الحلول المناسبة. دورات تثقيفية للجمعيات النسائية وحول إسهام الجمعيات الأهلية تقول رئيسة جمعية المرأة المعاصرة فايزة الزياني: نحن كجمعيات نسائية نقوم باستهداف الأهل قبل الشاب المقبل على الزواج. عن طريق عمل دورات ومحاضرات تثقيفية لتوعية الأهل، تهدف إلى إقناع الأهل بمستوى الشاب المادي، وتبيان أن الأهم في اختيار الزوج لابنتهم الدين والخلق. وتضيف الزياني: نرى أن الأهل هم السبب الرئيسي لتوجه الشباب للزواج من الخارج، فغلاء المهور والشروط التعجيزية التي يضعها أهل الفتاة هو ما يضطر الشاب للجوء للخارج. وهناك أنواعا مختلفة ومقاييس لاختيار الزوجة، فكما إن هناك تجارب لزيجات فاشلة من زوجات أجنبيات، هناك أيضاً زيجات ناجحة كثيرة والأطفال يكون فيها الأطفال على مستوى عال من الثقافة والوعي. غير أن الأساس في اختيار الزوجة على أساس خلفيتها الثقافية وأخلاقها والبيئة التي نشأت فيها، فلا ضير من أن يتزوج الشاب من أجنبية تعرف عليها عن طريق الجامعة أو محيط الأسرة، بشرط أن لا يكون لديها تطلع مادي، بل تريده لذاته. فهناك زيجات تقوم على أساس المصلحة مثل أن تقوم الخادمة أو السكرتيرة بجذب الرجل عن طريق أساليب ملتوية، طمعاً بماله، مشيرة إلى أن من الأسباب الأخرى التي تجعل الشاب يتزوج من الخارج، الانفتاح العالمي، التكنولوجيا مثل النت وتعرف الشاب على الأخريات عن طريقة، السفر، والسفر للدراسة. الضرر ينسحب على الزوجة وتلفت الزياني إلى أن المرأة الأجنبية في بعض الحالات من الممكن أن تكون هي المتضررة، فهناك حالات تنعكس بالسلب على الزوجة الأجنبية. وفي قصة عايشتها مؤخراً، عبارة عن شاب تعرف على فتاة أمريكية عن طريق الإنترنت، فقرروا الزواج، وقدمت الفتاة إلى البحرين وتزوجوا على الفور. لكنها صدمت حيث أن الشاب كان يسكن في إحدى القرى البحرينية، ويسكن معه 23 شخصاً في منزل واحد. ولم تستطع الزوجة الأمريكية الصمود فبعد أسبوعين من زواجهما قررت الرجوع لدولتها الأم، وجرّت معها الشاب للسكن في أمريكا، حيث اكتشفت الزوجة أنها حامل. هذه الواقعة أدت لهجرة الابن وتغربه بعيداً عن بلدة، وأيضاً سينشأ الطفل بعيداً عن موطنه الأصلي وموطن الآباء والأجداد. إثبات النسب إحدى القضايا وتبين المحامية سهام صليبيخ حقوق الأطفال وأبرز المشاكل المتعلقة بهن فتقول: إن 90 بالمئة من المشاكل الموجودة في المحاكم البحرينية تتعلق بالزواج من أجنبية وترتبط بقضايا الطلاق والنفقة. وهناك مشكلة باتت موجودة أيضاً وهي “إثبات نسب” أي أن يطعن الأب في ابنه أو ابنته، في حال الزواج من أمه الأجنبية. وهذه القضية تستهلك الكثير من الوقت والصبر لإظهار الحقيقة وإثباتها. وفي حال نشأت خلافات كبيرة كهذه الأخيرة تلجأ الزوجة الأجنبية لمركز الشرطة. هذه نقطة إيجابية في المرأة الأجنبية لأنها أكثر وعياً ودراية بحقوقها القانونية. ومن ثم يتم استدعاء الأب وأخذ تعهد بعدم التعرض للزوجة وترجع للمنزل بحماية قانونية. وقد وقفت مؤخراً على قضية لبحريني متزوج من أجنبية، واكتشف القاضي أن الأبناء لا يتقنون العربية أبداً فوجّه الوالدين إلى ضرورة تعليم الأبناء اللغة العربية. وهذا الأمر من أسوء نتائج الزواج من أجنبية خصوصاً الآسيويات. وشخصياً لا أمانع أن يكون لدى الابن أكثر من لغة، لكن الأهم أن تكون اللغة العربية هي الأساس. وتواصل بخصوص حقوق الابن بعد طلاق والده البحريني من أمه الأجنبية: تبدأ عدة أمور في الظهور من أهمها النفقة، فمن الناحية الشرعية تعد نفقة الأبناء سواء من زوجة بحرينية أو أجنبية أو نصرانية أو يهودية، واجبة على الأب. وهذا ما أكده الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. أما من الناحية القانونية، فإن القانون مستمد في البحرين ويستند على تعاليم شريعتنا الإسلامية. فالنفقة واجبة بغض النظر عن أصل أو ديانة الأم “زوجة الأبناء”، حتى يكبر الابن ويتوظف. فالنفقة تتوقف بمجر كتابة رسالة من قبل الأب يتقدم بها للمحكمة تثبت بأن ابنه قد توظف. لكن هناك حالة استثنائية لا توقف فيها النفقة، وهي عندما يتوظف الابن براتب ضعيف لا يتعدى 100 دينار أو 150 ديناراً، فهنا لا توقف النفقة نظراً لمدخول الابن المتواضع. وفي حالة الطلاق أيضاً فإن الأولاد يمنعون من السفر منعاً باتاً خشية على الأبناء أو خشية من تضرر الأب، لكن للأسف لا يوجد هناك تشديد على موضوع سفر الأبناء من الزوجة الأجنبية. ولابد أن يتقدم الأب بطلب عاجل لمنع سفر الأبناء خصوصاً في حالة الطلاق، ولابد من موافقة ولي الأمر. وبالنسبة للجنسية فإن جميع الدول في العام تعطي الابن جنسية مطابقة لجنسية والده بالدم. غلاء المهور السبب الأبرز ويرى الباحث الاجتماعي يوسف فولاذ أن أهم أسباب توجه الشاب البحريني للزواج من أجنبيه هي تكلفة الزواج وغلاء المهور. ففي العرف البحريني أن لا يقل مهر الابنة عن مثيلاتها التي سبقوها بالزواج سواء من الأهل أو الجيران. أما السبب الثاني فيتمثل في أن الشاب البحريني يبحث عن الجمال، لا يعني ذلك أن الفتيات البحرينيات لسن جميلات إنما نظرة بعض الشباب لمقاييس الجمال مختلفة. وبشأن الآثار الاجتماعية المترتبة على الزواج من أجنبية، يشير إلى وجود قسمين، الأول الزواج من عربية مثل دول الشام أو المغرب وغيرها، فالبعض منهن يعشن في البحرين لكنهن لا يملكن الجنسية البحرينية، لكن لديهن دراية بالعادات والتقاليد البحرينية ولهجتهن قريبة، وهن في العادة على الديانة الإسلامية. أما القسم الثاني فهو المتعلق بالزواج من أجنبيات من الدول الآسيوية والغربية وغيرها، وهنا غالباً ما تنتهي الزيجة بالطلاق لعدة أسباب أهمها اختلاف الثقافة ووجهات النظر، العادات والتقاليد، والبعد عن الأهل. ويضيف فولاذ: أحل الإسلام الزواج من كتابية بهدف إمالة القلوب للإسلام، بشرط أن تكون الزوجة المختارة ذات أخلاق، لكن ما يحدث من شبابنا مختلف، فهو نشوء قصة حب بينهما ليتم الزواج بغض النظر عن سمعة وأخلاق الزوجة الكتابية. لكن في حال كانت الأم أو الزوجة الأجنبية غير مسلمه فإن المتضرر الأكبر هو الابن، فالتأثير العقائدي هي المشكلة الأكبر في هذه الحالة. إذ إن الأم هي المربية وهي عادة ما تكون أكثر تأثيراً على الأولاد. فإذا كانت غير مسلمة فستربي الابن على اعتقادات وأساسيات شرعية خاطئة. كما إنه ربما يكون لدى الابن ميول أو حب للدولة التي تنتمي إليها الأم، وسيتأثر بثقافتها وأسلوب المعيشة والتحرر الموجود في البلد. وبالنسبة للهجة أو لغة الطفل التي سيكتسبها من الأم الأجنبية، يقول فولاذ: صحيح أن اكتساب لغة قوية كالإنجليزية والفرنسية وغيرها يعد مصدر قوة للشخص، إلا أنه يجب أن لا تستعمل إلا وقت الحاجة. ويجب أن تكون لغة الأبناء العربية قوية. هذا ليس تعصباً للغتنا العربية بمفهوم التعصب إنما هي “أي اللغة العربية الأم” لغة القرآن الكريم. كما إنه في حالة عدم إتقان الطفل للهجة البحرينية، ووجود “تكسير” في نطقه للهجة المحلية، إحراج للابن والأب معاً وكذلك للأقارب، مما يؤثر على اختلاطه بالمجتمع ويكون أكثر انطواء على نفسه تحسباً لتعرضه إلى الحرج من زملائه أو أصدقائه. وشخصياً أفضل البحرينية ليس تعصباً للجنسية البحرينية، إنما لقرب الثقافة فيما بيننا. لكن في حال توافر الزوجة الأجنبية ذات الأخلاق والملتزمة والطيبة فلا مانع.