^  لا يصعب على المتابع لتصريحات المسؤولين بجمعية الوفاق والبعض ممن ينضوون تحت راية “المعارضة”؛ ملاحظة أنهم صاروا يلجؤون إلى الشتائم وتوجيه الكلام الجارح، ما يعني أن أعصابهم بدأت تفلت، وهو ما يكشف عن “هزال” وتأثر سالب، كما يكشف عن الهوة بينهم وبين العمل السياسي الذي يحتاج دائماً إلى أعصاب باردة وهدوء، ولعل تغريدة سيد جميل كاظم (النائب الوفاقي السابق ورئيس الشورى بالجمعية) تبين صحة هذا الأمر. لكن قبل الإشارة إلى قصة الوفاق و«أبو كحلة”، لعل من المناسب التذكير ببعض التصريحات لأمين عام الجمعية الشيخ علي سلمان وأمين عام حركة وفاء عبدالوهاب حسين، حيث قال سلمان قبل أيام (إن مجلس الشورى “بصّام” لصالح الحكومة منذ بدأ عمله حتى الآن)، وقال: (“كذبة” الحوار الوطني خالية من الإصلاح)، وهو كلام ما كان ينبغي أن يصدر من شخص معروف بهدوئه واتزانه وقدرته على ممارسة اللعبة السياسية، فليس من المقبول أن يصف مجلس الشورى بهذه الصفة لأنها تعني في أحد أشكالها أن مهمة أعضائه تنحصر في بيع أسمائهم مقابل حفنة من المال يتسلمونها في نهاية كل شهر، وأنهم حسب التعبير الشعبي “سامان دييجه”، لا رأي لهم ولا قيمة إنما هم مجرد أدوات يستفاد منها بالشكل والكيفية التي تريد الدولة الاستفادة منها، وهذا كلام ينبغي ألا يقال وألا يصدر تحديداً من سلمان وهو غير مقبول اجتماعياً وسياسياً، ويتضمن إساءة لرأس الدولة الذي يختار أعضاء مجلس الشورى. أما قوله عن حوار التوافق الوطني بأنه لم ينتج عنه إصلاح فهذا رأيه، وهو مقبول سياسياً، لكن غير المقبول فيه هو وصفه بأنه “كذبة” لأنه اتهام غير مقبول بالمرة سياسياً وغير مقبول بالمرتين اجتماعياً لأنه باختصار لا يجوز وصف تحرك ما بأنه “كذبة”، حيث هذا الوصف يعني في خاتمة المطاف أن الدولة كاذبة وفي هذا إهانة كبيرة لرموز الدولة الذين وجدوا في حوار التوافق الوطني مخرجاً للأزمة وفرصة لاستمزاج آراء مختلف شرائح المجتمع. ولعل من المفيد أيضاً الإشارة هنا إلى ما تلفظ به أمين عام حركة وفاء عبدالوهاب حسين ذات مرة في المحكمة حيث قال للقاضي (أنا لا أعترف بك.. ولا بمحكمتك.. ولا بمن وظّفك.. ولا أعترف بهذا النظام)، وهو كما هو واضح كلام لا ينبغي أن يصدر عن “سياسي” و«قائد شعبي”، عدا أنه يعتبر خارجاً عن اللياقة والكياسة ويعبّر عن انفلات الأعصاب. أما القصة التي أثبتت أن هذه الجهات ما عادت قادرة على ضبط أعصابها وتشعر في داخلها بشيء من الضعف ويمكن إضافتها بكل يسر إلى تلك القصص فهي التغريدة المنسوبة للسيد جميل كاظم (حتى أبو كحلة يعتبر نفسه من الرجال ويطالب بسحب الجنسية ممن هم أصل نعمته في هذا الوطن الحبيب! هزلت والله.. وأحب أوصل لك سلامات قهوة أبو سعد). وليس بخاف على أحد حجم الشتائم والسباب والتهديدات في هذا الكلام المعبّر عن ضعف وارتباك في النفوس والبعيد عن اللياقة السياسية لأنه كلام يتناسب مع المقاهي الشعبية جداً ولا يجوز أن يصدر عن “سياسي.. تكانة”! ليس مهماً الشخص الذي أفرغ جميل كل ما في داخله وداخل الوفاق من غل عليه وسعى إلى جرحه وإهانته، حيث المهم هو أن مثل هذا الكلام ومثل هذا المستوى لا يمكن قبوله من شخص كان ذات يوم نائباً وله مكانته واعتباره ويفترض أن جمعيته تعتبره سياسياً محنكاً و”يعتمد عليه”! التفسير المنطقي الوحيد لمثل هذه التغريدات والتصريحات التي تصدر عن أناس كهؤلاء هو ارتباكهم وإحساسهم أنهم مقبلون على أمر لم يحسبوا له.