الاتحاد الخليجي صيغة قانونية دولية رسمية لواقع مفعل على الأرض تاريخياً وجغرافياً، إنما “الاتحاد” هو صيغة قانونية نحتاجها كي نخاطب بها العالم على الصعيد الدولي سياسياً وحقوقياً وسيادياً، إنما على الأرض فالاتحاد تحصيل حاصل، لغتنا، لهجتنا، لبسنا، أواصر الدم علاقتنا الأسرية واحدة منذ وجدت جماعات بشرية على هذه البقعة من الكرة الأرضية وإلى هذه اللحظة فنحن شعب واحد لا شعوب لست دول. «الاتحاد” هو صيغة نتعامل بها مع الخارج، أما الداخل فلا أحد يحتاج لهذه الصيغة لتعامله اليومي لأنها موجودة من الأصل. فالصيغة “التعاونية” التي كنا عليها أبقت على العلاقات الدولية مع الدول الست علاقات انفرادية، فهناك ست صيغ وأشكال للعلاقات الدولية تختلف من دولة خليجية لأخرى مع العالم الخارجي رغم مرور أكثر من 30 عاماً على كونها دول متعاونة ورغم الروابط التاريخية، وما موضوع البحرين إلا أكبر دليل على أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تحديداً تعامل مع البحرين كدولة صغيرة منفردة لا كجزء من منظومة ست دول متعاونة، أرادوا الضغط عليها وفرض رؤيتهم الخاصة عليها وبشكل انتقائي لم يستخدموه مع دول أخرى بعضها ضمن منظومة دول مجلس التعاون وبعضها خارج هذه المنظومة. هذا القول ينطبق على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وشرق آسيا وحتى على مستوى العالم العربي، كلهم تعاملوا مع ست دول ولم يتعامل أحد مع كيان سياسي واحد، وقياداتنا تتحمل مسؤولية هذا الوضع غير المقبول والذي لا يتفق مع الواقع على الأرض، وهو أننا بحاجة لصيغة قانونية اتحادية تجبر العالم على التعامل معنا ككيان واحد، خصوصاً وفروقات الدول الأعضاء والتبيان بينها لا يسمح للدول والاتحادات الدولية أن تعامل كل دولة على حدة وتنفرد بها، فنحن مجبرون على التعامل مع الاتحاد الأوروبي وفق قناعاته التي اختارته دوله مجتمعةً. بالصيغة “الاتحادية” القانونية والدولية فإن الدول الست سيكون لها وضع مختلف مع العالم، الاتحاد يجعل من دول التعاون أكبر كيان اقتصادي يقع على أكبر مورد طبيعي، ويجعل من القوة العسكرية قوة لا يستهان بها، ويجعل موقفها السيادي واحداً وموقفها من السياسة الخارجية واحداً مما يجبر أي طامع في أي جزء منا أغراه الصغر والانفراد لأحد أعضائه أن يعيد حساباته، وبالتالي فإن الخطاب الدولي سيتعامل مع الاتحاد الخليجي ولا يتعامل مع البحرين أو الإمارات أو قطر منفردين. فلا تعتقد أي دولة من دولنا، إنها وحدها دولة عظمى وهي منفردة، مهما غرتها عوامل القوة الزائفة التي تعتقد أنها تمتلكها منفردة فلا المملكة العربية السعودية ولا قطر ولا الكويت ولا عمان ولا الإمارات وبالطبع ولا البحرين وضعها منفرداً كوضعها ضمن اتحاد يضم الكل في صيغة قانونية دولية واحدة، قديماً قالوا احترم نفسك حتى يحترمك الآخرون وهي قاعدة تنطبق حتى على العلاقات الدولية. دولنا الست ليست أقوى من فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا ومع ذلك آمنت هذه الدول بأنها أضعف من أن توجه التحديات فرادى، وبأن التحديات التي أمامها تتطلب منها أن تتوحد مع جاراتها وهي التي تختلف عنها لغة ومعتقداً واقتصاداً وقامت بينهم حروب، فما بالك ونحن نوحد الموحد أصلاً، وما بالك ونحن نواجه تحديات خطيرة تهدد وجودنا. الفقرة ما قبل الأخيرة نخصصها لمن يعترض على الاتحاد خدمة للمصلحة الإيرانية فحسب، قليل من الحياء فالخوف فضحكم وكشف عوراتكم، على الأقل استروها عن إخوتكم الخليجيين فغداً ستلتقون معهم!! أما الفقرة الأخيرة فهي صغيرة وسريعة وحجمها على قدر أهمية الجماعة المخاطبة وهي موجهة لجبهات تحرير الخليج (سابقاً) التي صغرت من قيمتها ومكانتها التاريخية بعد أن ارتضت التبعية كذيول للجماعات الطائفية، سؤال ربما يوقظكم من سباتكم وتعودوا لأصلكم؛ ألم يكن الاتحاد حلمكم القديم؟ اليوم جاء وقت الامتحان لمصداقيتكم، نريد أن نسمع رأيكم أم أن على رؤوسكم الطير؟