أكدت أخصائية أمراض النساء والولادة والمناظير المتقدمة ورعاية الحمل بمجمع السلمانية الطبي د.داليا الحمدان أن “المرأة الحامل قد تفقد الحمل أو الجنين بشكل عفوي وغير متوقع، ويصاحب ذلك نزيف مهبلي ومغص معوي مشابه لتلك الحالة التي تحدث في اليوم الأول من الدورة الشهرية ويكون الإحساس بالألم شديداً”، مضيفة أن “الإجهاض العفوي قد يحدث قبل أن تتعدى المرأة يوم الدورة الشهرية المتوقع، وقبل أن يتم إثباته بتحليل دم أو سونار، ويمر دون أن تلاحظ المرأة، ونسبة حدوث ذلك غير معروفة للأسباب نفسها”. ولفتت د.داليا إلى أنه “عند ثبوت حدوث الحمل، تتعرض واحدة من 5 نساء لهذا الحدث المؤلم، وغالباً لا يتوقع تكراره أكثر من مرتين بالتتابع إلا في حالات نادرة”، مؤكدة أن “فرص الأم السليمة كبيرة في حدوث حمل ناجح في المستقبل”. وفيما يتعلق بأسباب حدوث الإجهاض، أوضحت د.داليا أنه “من الصعب معرفة الأسباب بدقة في كل حالة”، مشيرة إلى أنه “ليس بالضرورة أن يقترن حدوث الإجهاض مع القيام بعمل شاق”. تكرار الإجهاض للمرأة وأوضحت أن “معرفة سبب الإجهاض يتعذر الوقوف عليها لكل حالة على حدة لما يترتب عليه من تحاليل دم وأشعة وتحليل نسيج للجنين وتحليل كروموسومات الأم والأب لحالات قد يصل عددها إلى 150 في الشهر”، مشيرة إلى أن “ذلك إرهاق لميزانية المختبرات بالنظر لنسبة تكرار الإجهاض للمرأة نفسها، وهو حدث نادر، لذلك يقوم الطبيب المعالج بتوفير هذه المصادر لتلك المجموعة الصغيرة جداً”. وذكرت د.داليا أنه “إذا كان الإجهاض في الشهور الأولى من الحمل فإن الراحة في السرير قد تقلل النزيف لكنها لن تمنع حدوثه”. وقالت إنه “من المؤسف منذ بداية عملية الإجهاض العفوي وحتى مع تدخل الطبيب المعالج فإن ملازمة السرير لن تستطيع إيقافه، وقد تتوفر بعض العلاجات الطبية المساندة للحمل ويعتمد استخدامها على مرحلة الحمل، وخلو الجنين من الخلل وأن الإجهاض العفوي لم يبدأ فعلاً”. ووفقاً لدراسات سابقة، فإن نصف حالات الإجهاض العفوي قد تحدث لوجود خلل جيني خاص بالحمل يمنع تكون الجنين بشكل طبيعي، وبالتالي تمنع الاستمرار في النمو، وهناك حالة شائعة تسمى بكيس الحمل الفارغ وتفسيره بأن الجنين يتوقف نبض قلبه في مرحلة مبكرة جداً ويعيد امتصاصه، وبالتالي لا يظهر في السونار مع وجود أعراض الحمل لأن هرمون الحمل مازال يجري في الدم ويبدأ بالهبوط بعد عملية الإجهاض”. الأمراض المزمنة للحمل وقالت د.داليا إن “هناك أسباباً أخرى قد تتعلق باضطراب هرمونات المرأة الشديد، خاصة لأولئك اللاتي يعانين من صعوبة الحمل مثل متلازمة تكييس المبايض، فإن حدث الحمل تلقائياً أو بمساعدة طبية لتحفيز المبايض، فإن الحمل يكون أكثر عرضة للإجهاض من الأمهات الطبيعيات بنسبة تصل إلى 60%، وتزداد نسبة تعرض المرأة للإجهاض بعد سن الـ35 سنة، وقد تصل إلى 50% في سن الأربعين، وهناك أسباب متعلقة بوجود أمراض مزمنة بالمرأة الحامل، أما عن تعرض المرأة الحامل لضغوط نفسية، فلم يثبت تدخله كسبب علمي للإجهاض، كما إن الجماع لا يؤذي الحمل أو يهدد استمراره”. وفي رد على سؤال يتعلق بالاحتياطات الواجب توفرها عند وقوع الإجهاض، أفادت د.داليا أن “الطبيبة تقوم بفحص داخلي، وإجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية “سونار” للتأكد من تشخيص الحالة، وعند التحقق من حدوث الإجهاض يتحرى الطبيب خلو الرحم من بقايا الحمل، وهذا ما نسميه إجهاضاً كاملاً، ولا يستدعي أي علاج طبي سوى مسكن الألم، وفي هذه الحالة يكون النزيف المهبلي خفيفاً، أما إذا كان الإجهاض ناقصاً، أي لايزال هناك بقايا فإن لدى الحامل عدة خيارات هي: ^ يمكن أن نترك الأمور تحدث عفوياً دون تدخل: وهذه الحالة تنجح بنسبة 60 إلى 70%، وقد تأخذ المتابعة مدة أسبوعين إلى 3 أسابيع، وقد يصاحب ذلك نزيف مهبلي أشد قليلاً من الدورة الشهرية، وقد يصاحبها ألم في أسفل البطن، وذلك يستدعي حضور الحامل أسبوعياً لمدة أقصاها 3 زيارات في عيادة حوامل الشهور الأولى، وإذا لم تتم عملية الإجهاض كاملة، أو قررت الحامل عدم الاستمرار في الانتظار، أو عند حصول مضاعفات وهي نسبة لا تتجاوز10%، مثل: وجود نزيف شديد، وألم شديد، مع ارتفاع درجة الحرارة، ووجود إفرازات مهبلية تنبئ بالتهاب، فإن الطبيب ينصح بحضور الحالة للمستشفى للمعاينة والعلاج. ^ مساعدة إتمام الإجهاض بالتدخل الدوائي: وذلك بتناول الحامل دواء يساعد على التخلص من بقايا الإجهاض، وهو ملين لعنق الرحم قابض لعضلات الرحم فيساعد على مرور الأجزاء المتبقية دون الحاجة لعملية تنظيف وتخدير عام بنسبة نجاح تصل إلى 85%، وقد يحتاج تكرار جرعة الدواء من 4 إلى 6 ساعات، ويتم إجراء السونار للتأكد من خلو الرحم من بقايا أو الترتيب للفحص بعد أسبوع أو أسبوعين للقيام بذلك. ^ عملية تنظيف جراحية: هو إزالة بقايا الحمل بواسطة الكحت لجدار البطن أو الشفط وتكون تحت تخدير عام. ويكون اللجوء لهذه العملية كخيار أخير عند فشل أو تعذر الخيارين السابقين في إتمام عملية الإجهاض، أو كعملية طارئة نلجأ إليها في حالة وجود المضاعفات السابق ذكرها مثل النزيف الشديد والألم وعلامات الالتهابات، وتكون نسبة النجاح 95% دون مضاعفات، وبعد عملية التنظيف، يمكن للحامل الذهاب للبيت خلال 4 إلى 6 ساعات وبعد التعافي من تأثير التخدير”. إمكانية حدوث الحمل وحذرت د.داليا من أنه “قد يستمر نزف خفيف من 5 إلى 10 أيام بعد إتمام عملية الإجهاض، وفي حالة ظهور أعراض مثل شعور الحامل بضعف عام مستمر وغثيان كعلامة على نقص هيموجلوبين الدم، وتقلصات معوية شديدة، وخاصة إذا صاحبتها ارتفاع في درجة الحرارة، أو نزيف مهبلي أشد من الدورة، وفي هذه الحالة فينصح بمراجعة قسم الطوارئ للفحص وتلقي العلاج المناسب”. وأشارت د.داليا إلى أن “الأم بعد الإجهاض يمكنها الاستحمام والاغتسال، وننصحها بعدم استخدام الفوط الصحية التي تدخل في المهبل “التامبون”، أو ممارسة السباحة أو الجماع حتى يتوقف النزف والإفرازات تماماً لتفادي الالتهابات المهبلية”. وقالت د.داليا إن “الحيض يبدأ بعد الإجهاض خلال فترة من 4 - 6 أسابيع”، لافتة إلى “إمكانية حدوث حمل مباشرة قبل نزول دم الحيض إذا تم الجماع بدون عازل ولا يزيد ذلك من خطر الإجهاض، وإذا تأخر الحيض مع حصول جماع على الحامل أن تبادر بإجراء اختبار الحمل، وينصح الأطباء بانتظار نزول الحيض قبل محاولة الحمل ليتم حساب مدة الحمل مع إعطاء فرصة تناول حمض الفوليك، فقد أثبت علمياً أن تناوله مدة 3 شهور قبل الحمل و3 شهور أثناء الحمل يحد من بعض التشوهات الخلقية للجنين، أما إذا اختارت الحامل تأخير الحمـــــل، فننصــح باستخــدام مانع حمل، ويمكن البدء به مباشرة دون الحاجة لانتظار نزول الحيض لاختيار أنسب مانع حمل، حيث تقوم الطبيبة بمساعدة الحامل في اختيار الوسيلة المناسبة لحالتها”. وخلصت د. داليا إلى أن “شعور الأم في حالة الإجهاض يغلب عليها الحزن والألم لما كان ممكن أن يكون طفلاً صحيحاً بعد شهور، وهذا انفعال طبيعي لا يجب حجبه أو الخوف منه، وكذلك لدى الزوج، وعلى الزوجين مصارحة مشاعرهما تجاه ما حدث، أما إذا استمر الحزن طويلاً أو بدأ يؤثر على الحياة المشتركة بين الزوجين فعليهما استشارة الطبيب المعالج لتجنب الدخول في أعراض الاكتئاب المرضي، خصوصاً لدى أولئك المجموعـــة الصغــيرة مـــن النساء التي تتكــرر لــــديـــهـــــا الإجهــــاض”.