^ لابد وأنْ يصل الناس لمرحلة عليهم فيها استيعاب حقيقة مهمة، تتمثّل بأنَّ هناك من يحلو له رؤية البحرين مستمرة في معاناتها الأمنية، ويهمه أنْ تستمر الفوضى والعمليات الإرهابية، وأنْ ينتج عنها ضحايا من جميع الأطراف. عليهم أنْ يعرفوا بأنَّ هذه العناصر التي تدبر لهذه الأمور وهي خارج البحرين هي من تعيش هانئة في مأمن ومستقرة مالياً واجتماعياً، لا يهمها إنْ أحرقت البحرين عن بكرة أبيها، بل ما يسوؤها أنْ تعود البحرين لما كانت عليه، لأن ذلك يعني فشلهم في مسعاهم. في كل محاولات الانقلاب على النظام كان “الرهان” على استمرار الفوضى والتأزيم في الشارع، كان من المهم جداً تقسيم شعب البلد الواحد ليتحوَّل إلى فئات تصارع بعضها البعض. المنشغلون سياسياً في الداخل من جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني، تحولوا من عناصر تظن أنها تمسك بزمام الأمور إلى أدوات تعمل سواء بإرادتها، أو غصباً عنها لتنفيذ أجندة هؤلاء الذين يجلسون في الخارج، أوصلت نفسها لوضع صعب معه لا يمكنها التراجع أو الاعتراف بالأخطاء الكبيرة، التي ارتكبتها وفي جانب آخر لا يمكنها إلا الاستمرار فيما هي عليه، خوفاً من غضب من يمارسون العنف والإرهاب. هذه الأدوات التي يتمّ استغلالها عليها أنْ تفكر بأنَّ من يحرك الأمور من الخارج مدرك لحقيقة مهمة تماماً، تتمثل بأنه حتى لو تحقق المخطط الذي يعمل لأجله، فإنَّ عملية تقسيم الغنائم لن تطاله، فهو خارج منها لا محالة. لنتكلم بوضوح أكثر، الجميع يعلم بأنَّ من يدير العنف اليوم هم عناصر في الخارج، هؤلاء سلاحهم هو العنف والتأزيم داخل البحرين، يحركون الأمور من الخارج لإشعال هذا الوطن، في مقابل أنهم أنفسهم يعرفون بأنه حتى لو آلت الأمور لما تهدف إليه المخططات الانقلابية، فإنهم لن يتحصلوا على موقع الصدارة في إدارة زمام الأمور في البحرين. الصراع على تقسيم الكعكة البحرينية كان هو السائد خلال الأزمة الماضية بين تيارات داخل الوطن تعمل لأجل حصد أكبر قدر ممكن من الغنائم، فهناك من يريد حكم البلد، وهناك من يريد اختطافها لصالح جهات خارجية، بينما هناك من يدرك أنه سيخرج من المولد بلا حمص بسبب وجود الجمعيات السياسية المعارضة. هؤلاء لا يهمهم أي تغيير في البحرين أو تعزيز للديمقراطية، بل لا تهمهم أية صيغة للتفاهم والحوار، لا يريدون أصلاً الهدوء، هدفهم الأول والأخير هو حرق البحرين وتحويلها إلى عراق آخر، تحويلها إلى دولة مستقبلها ضاج بالصراعات والتوتر. إن كنتم تظنون بأنَّ هؤلاء يؤمنون بأنهم سيأتون يوماً لإدارة الأمور داخل البحرين، فهذا ظن خاطئ تماماً، باعتبار أنهم يعرفون تماماً أنه لو كتب للمعارضة في الداخل بلوغ ما تريده فإنَّ أول الخاسرين هم، وعليه فإنَّ الخاسر يعمل بأسلوب “أنا ومن بعدي الطوفان” فإنْ لم تدن البحرين لهم كلها طواعية فلابد من تحويلها إلى محرقة لا يستفيد منها أيّ أحد. هذا ما يحصل اليوم، عمليات الحرق والتخريب والإرهاب كلها أمور يطرب لها هؤلاء المحرضون من الخارج، بينما هي تشكل عائقاً أمام أي طيف معارض في الداخل لتمرير أي صيغة للتفاهم والحوار أو أقلها استرجاع بعضاً من المكاسب. على هذه الجمعيات في الداخل إنْ كانت صادقة في نواياها بأنها تريد حواراً بنّاء أو خروجاً من الأزمة، عليها مسؤولية كبيرة تجاه الشارع، عليها أنْ تواجه هذا الشارع وتحاول تهدئته، وتحاول أنْ توقف العنف كمرحلة مبدئية لإحلال أي صيغة أخرى في المشهد الحالي. إنْ كان منفذو هذا الإرهاب والعمليات اليومية يوجَهون من هؤلاء الذين في الخارج قد وصلوا إلى مستوى عدم الاعتراف بالجمعيات المعارضة، ووصلوا لمرحلة فيها ينفذون ما يريدون هم حتى لو قالت لهم الوفاق أو غيرها بأنْ يتوقفوا، فإننا أمام طرف خطير على الجميع، طرف يفرض أسلوبه أنْ تجمع كل الأطراف على هدف مشترك، إن كانت البحرين ومستقبلها ومستقبل أبنائها يهمهم، هدف مواجهة هذا التأزيم. من خسر كل شيء، سواء في مواجهته مع الدولة وحتى مواجهته مع المعارضة لن يهمه لو تحولت البحرين كلها لمقبرة جماعية، ولن يهمه إنْ أُحرِقت قراها ومدنها يومياً، كل ما يهمه هو التشفي بهذا الوطن، وكل هدفه هو تكريس حياته لئلا يرى البحرينيون يوماً جميلاً في بلدهم. التهدئة والخروج من عنق الزجاجة وعودة الأمور لطبيعتها، كلها أمور بيد مَن مازال يكابر في الداخل ويسعى للتصعيد ظاهرياً، بينما في داخله هو أكثر من يريد الحسم وإنهاء هذا الكابوس.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90