كتبت – مروة العسيري: أثار تخلف الكثير من النواب عن حضور جلسات المجلس النيابي العامة وكذلك اجتماعات اللجان عدد من علامات الاستفهام داخل الأوساط النيابية والحقوقية والإعلامية أيضا، خاصة وأن عدم حضور النواب تحول إلى ظاهرة تسببت في رفع الجلسة لأكثر من مرة مؤخرا لعدم اكتمال النصاب؛ إذ يحتاج المجلس للتصويت إلى ما لا يقل عن 21 عضواً لتمرير الاقتراحات النيابية، وفي حين أرجع البعض أسباب عدم الحضور المتكرر من جانب النواب إلى ظروف سفر بعض النواب أو ظروف خاصة، إلا أنه أكد البعض الآخر أن غياب النواب المتكرر يرجع إلى حسابات تعقدها الكتل النيابية بين بعضها الآخر أو حتى للضغط على الحكومة تجاه بعض القضايا، وعلى جانب آخر، طالب آخرون بمحاسبة النواب المتغيبين نظراً لتعطل مصالح المواطنين وعرقلة أداء المجلس النيابي، كما طالبوا بتطبيق اللائحة الداخلية للمجلس والتي تنص على “إذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير أجازة أو إذن ، أو لم يحضر بعد مضى المدة المرخص له فيها، يعتبر متغيباً بغير إذن ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب”. في البداية، كشفت مصادر مطلعة لـ “الوطن “ أن “ضبط الغياب عن الجلسات مع تطبيق اللائحة الداخلية لا يجري تطبيقه بشكل نافذ بالتركيز على جلسات مجلس النواب الاعتيادية أو الخاصة، وكذلك اجتماعات اللجان البرلمانية، رغم أن النظام الداخلي لمجلس النواب نبه للقضية، بالنظر إلى أنها تسيء إلى العمل التشريعي، وأن هناك بوادر افتقاد لمصداقية المؤسسة التشريعية لدى الرأي العام، من خلال تصرفات بعض النواب غير الملتزمين بحضور الجلسات أو أعمال اللجان”. ومن جانبه، قال رئيس المكتب السياسي بجمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة أن “ظاهرة غياب النواب عن الجلسات وعمل اللجان دليل قاطع على أن مجموعة النواب الذين يقومون بذلك لا يملكون حساً بالمسؤولية الوطنية، ولا يمثلون من قام بانتخابهم خير تمثيل، حيث أن وجوده داخل المجلس هو تمثيله للمواطنين وعدم وجوده هو عدم اهتمامه بهم”. وطالب جمعة مكتب المجلس بأن “يمارس الصلاحية التي كفلتها له إياها اللائحة الداخلية، وذلك لفرض هيبة المجلس، ولكي لا يتجرأ أو يتهاون النواب على الغياب أو الخروج من الجلسات أثناء انعقادها”، مبيناً أن “الظاهرة خطيرة جداً، خصوصا في خضم ما تعيشه البحرين بعد تداعيات الأزمة التي مر بها العمل التشريعي”، معتقداً أن “النواب بتصرفاتهم هذه يصورون ذهابهم للمجلس وكأنه نزهة”. وقد بينت اللائحة الداخلية للنواب في الفصل الثاني الخاص بحضور وغياب النواب، وفي المادة 179 بشكل صريح واضح أنه “يجب على العضو الانتظام في حضور اجتماعات المجلس ولجانه”، كما بينت المادة 180 الإجراءات المتبعة في مسالة الغياب والتأخير والخروج من المجلس أثناء الجلسات أو من اللجان “على العضو الذي يطرأ ما يستوجب غيابه عن إحدى جلسات المجلس أو اجتماعات لجانه، أن يخطر رئيس المجلس أو رئيس اللجنة بحسب الأحوال كتابة بذلك، ولا يجوز للعضو أن يتغيب أكثر من جلستين للمجلس أو ثلاثة اجتماعات متتالية للجنة، إلا إذا حصل على أجازة أو إذن من رئيس المجلس لأسباب تبرر ذلك، أو إذا كان الغياب لعذر مقبول يقدم لرئيس المجلس أو لرئيس اللجنة في الجلسة أو الاجتماع التالي، ولا يجوز طلب الإجازة لمدة غير محددة، ويخطر الرئيس المجلس بالإجازات التي منحها للأعضاء في أول جلسة تالية، حيث أن المكافأة التي يستفيد منها النواب يفترض أن تخضع لقاعدة الحضور إلى جلسات المجلس، بالنظر إلى أن رواتب النواب تتم بناء على مهام يقومون بها داخل مجلس النواب، وأن المكافآت تنسحب على العمل الذي يقومون به في التشريع ومراقبة عمل الحكومة”، كما أن “نظام مكافأة النواب يسمح بالاقتطاع من الرواتب في حال عدم تنفيذ المهام، وهو ما يبرر تنصيص النظام الداخلي للمجلس، على أنه يقتطع من المكافآت الشهرية الممنوحة للنائبة أو النائب مبلغ مالي بحسب عدد الأيام التي وقع خلالها التغيب بدون عذر مقبول”، حيث نصت مادة 181 على “إذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير أجازة أو إذن ، أو لم يحضر بعد مضى المدة المرخص له فيها ، يعتبر متغيباً بغير إذن ويسقط حقه في المكافأة عن مدة الغياب”. بدوره، أكد الناشط السياسي محمد السعد أن “ما يشهده مجلس النواب من غياب بشكل جماعي مقصود، ومحاولة من النواب للضغط على الحكومة في بعض القضايا أو في تصفية حسابات ما بين الكتل”، مشيراً إلى أن “الصراع على قوة الكتل داخل المجلس أصبحت واضحة جداً للمراقب والمتابع لعمل المجلس النيابي”، مطالباً أن “يفعّل النائب وجوده داخل المجلس على طول انعقاد الدور، وألا يتهاون بأي فترة من الفترات”، موضحاً أن “عدم التواجد داخل جلسة النواب يعتبر استهتار من النائب بمن انتخبه ليمثله”. وأشارت مصادر مقربة، إلى أن عدداً من النواب يحضرون الجلسات الاعتيادية صباحاً على مرأى ومسمع موظفي الأمانة العامة، وكذلك الصحافيين، إلا أنه وعند اكتمال النصاب وعقد الجلسة يبدأ النواب بالخروج تدريجياً من قاعة انعقاد الجلسة إلى أن يتم رفع الجلسة قبل موعدها بسبب عدم اكتمال النصاب، معطلين بذلك مشاريع مهمة وفيها أيضا ضياع لوقت بعض الوزراء، ولقد أوضحت المادة 182 أنه “على العضو الذي يطرأ ما يستوجب انصرافه من جلسة المجلس أو جلسات لجانه نهائياً قبل ختامها أن يستأذن في ذلك كتابة من رئيس المجلس أو رئيس اللجنة بحسب الأحوال”. وفي السياق نفسه، شدد الناشط الحقوقي عطية الله روحاني على أن “النواب منتخبين من المواطنين، لذلك يجب أن يكونوا على قدر المسؤولية”، مشيرا إلى أن “النواب بشر وقد يخطئون، إلا أن الإنسان يتعلم من أخطائه ويستمع لوجهة النظر الأخرى”، مطالباً “بتطبيق اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي تنظم غياب وحضور النواب وتأخيرهم عن الجلسات العامة أو جلسات اللجان”، معتقداً أن “المواطن له حق سؤال النائب عن عدد تواجده في الجلسات وتأثيره في المشاريع المطروحة”، لافتاً إلى أن “النائب غير المتواجد بالجلسات يعتبر نائب غائب وغير متابع وغير مهتم بشؤون المواطنين”. وأشار مصدر مقرب من عمل لجان مجلس النواب أن “هناك عدد من النواب يحضرون اجتماعات اللجنة متأخرين وعلى مشارف الانتهاء من التقارير التي يتم مناقشتها مع أعضاء اللجنة، حيث أن بعض التقارير تأخذ المداولات والنقاش عليها أكثر من 3 ساعات”، مضيفاً “تبدأ أعمال اللجان صباحاً حوالي الساعة التاسعة أو العاشرة صباحاً، ويأتي النائب الساعة الثانية عشر بعد الظهر أو الواحدة، وقبل دخوله قاعة الاجتماع يصطحب المصور معه ليقوم بالتقاط صورة له وهو جالس على طاولة الاجتماع مع بقية الأعضاء الملتزمين ويطلب منه إلغاء الصورة السابقة التي تم التقاطها صباحاً من دونه. ونصت المادة 184 على أنه “يعرض رئيس اللجنة على رئيس المجلس شهرياً، وكلما رأى رئيس اللجنة ضرورة لذلك، تقريراً عن حضور أعضاء اللجنة وغيابهم”، ولقد بينت المادة 185 في واجبات الأعضاء أنه “يجب على العضو أن يراعى الاحترام الواجب لمؤسسات الدولة الدستورية وأصول اللياقة مع زملاءه بالمجلس ورئاسة الجلسة”. وعلى الصعيد نفسه، قال الناشط الشبابي أنس بو مطيع أنه “في دولة المؤسسات والقانون يفترض أن تكون المؤسسات قائمة بدورها المسؤولة عنه، ومنها المؤسسة التشريعية بغرفتيها”، معتقداً أن “النائب الذي وضع الشعب ثقته فيه ليعمل على سن التشريعات ومراقبة أداء الحكومة فيما يخدم مصلحة الشعب نفسه، ولكن ما نراه اليوم من تغيب النواب مخيب للآمال”، معزياً أسباب هذه الظاهرة إلى “وجود نواب يتعمدون إسقاط مشروع أو استجواب معين”. ومن جانبه، قال الناشط الشبابي محمد الوردي أنه “لا يوجد أي مبرر للنواب للتأخر عن الجلسات أو الغياب عنها، حيث أن هذه الوظيفة التي يعمل بها حالياً”، مؤكداً “ على المواطنين أن يراقبوا ويتابعوا عمل نائبهم، وهو من واجبه أن يسمع هذه الانتقادات ويحاول أن يتداركها تفادياً للوقوع في تجاوزات أخرى”. ومن جانبها، رفضت المواطنة جهينة قائد “ظاهرة غياب النواب عن حضور الجلسات”، مطالبة المواطنين أن “يتابعوا عمل النواب الذين هم ممثلين عنهم وتوجيههم إلى الصواب “، محذرة من نواب “الشو” الذين يحاولون إبراز أنفسهم عن طريق الصور والاجتماعات والاحتفالات محاولة منهم لترسيخ صورة ذهنية لدى المواطنين بأنه متواجد ولكن العمل الحقيقي يقع داخل البرلمان وفي اللجان طوال الأسبوع، وهذه الفعاليات قد لا تسلط الأضواء عليها كثيراً فيغفل عنها المواطن”.