أجرى الحوار - وليد صبري: أكد مدير تحرير صحيفة «الأخبار» المصرية المحلل السياسي أسامة عجاج أن «انتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد واندماجهم في كيان واحد سيجعل إيران تعيد حساباتها من جديد، ويحبط خيار شمشون الذي تنتهجه إيران، خاصة في ما يتعلق باللعب على سياسة التناقضات، فضلاً عن أن المحور الخليجي الجديد سيعمل على الحفاظ على أمن وتعاون دول مجلس التعاون». وشدد عجاج في حوار خاص لـ «الوطن» على أن «ربيع البحرين سبق العرب بنحو 13 عاماً منذ تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم بالمملكة»، مشيراً إلى أن «البرنامج الإصلاحي الذي انتهجه جلالة الملك يفوق حجم الإصلاحات التي تمت في دول عربية كثيرة»، لافتاً إلى أن «سقف الحرية والديمقراطية التي انتهجها الملك منحت جمعية الوفاق المعارضة 18 مقعداً في مجلس النواب من أصل 18 مرشحاً خاضوا الانتخابات». وشدد عجاج على أنه «لا يوجد تنظيم سياسي معارض في الدول العربية كافة يحصل على نسبة 100% من المقاعد مقارنة بعدد مرشحيه، وهذا لم يحدث إلا في البحرين في ظل سقف الحرية والديمقراطية التي منحها جلالة الملك لشعبه». ورأى عجاج أن «إيران تخوض معركتها الأخيرة بشأن الهلال الشيعي»، مؤكداً أن «سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيؤدي إلى نهاية سطوة إيران على سوريا والعراق ولبنان و»حزب الله» والقضية الفلسطينية».. وإلى نص الحوار: إصلاحات جذرية شاملة ^ إصلاحات جلالة الملك في البحرين والدعوة للحوار تقابلها المعارضة بالتأزيم والتحريض والدفع بالشباب إلى الشارع والهجوم على رجال الأمن وإلقاء القنابل الحارقة والمولوتوف.. كيف تقيم الأوضاع في البحرين من وجهة نظرك؟ - إذا كان هناك حديث عن الربيع العربي في بعض الدول التي شهدت ثورات، فإننا يمكننا القول أن ربيع البحرين بدأ قبل العرب بنحو 11 عاماً عندما تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم بالمملكة، فانتهج جلالته سياسة إصلاحية وأمر بعودة المبعدين، وأصدر عفواً عاماً، وسمح للجميع بالمشاركة في الحياة السياسية، وأقر ميثاق العمل الوطني الذي شهد به العالم أجمع. ودعني أتساءل ما هو التنظيم السياسي المعارض في الدول العربية الذي يخوض انتخابات تشريعية ويحصل على نسبة 100% من المقاعد بالمقارنة لعدد مرشحيه؟ هذا حدث مع جمعية الوفاق المعارضة عندما حصلت على 18 مقعداً في مجلس النواب من أصل 18 مرشحاً خاضوا الانتخابات ونجحوا جميعاً، وما كان الوفاق لتحصل على تلك المقاعد كاملة إلا من خلال الحرية السياسية والديمقراطية التي تعيشها المعارضة في البحرين في كنف جلالة الملك. ^ كيف تقيم دعوة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدول مجلس التعاون بالتحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد؟، وما مدى تأثير الاتحاد على التهديدات الإيرانية لدول الخليج؟ - لاشك في أن اتحاد مجلس التعاون الخليجي في كيان واحد سيجعل الإيرانيين يعيدون حساباتهم من جديد، كما إنه يحبط «خيار شمشون» لدى إيران، والتفكير بجدية خاصة في سياسة اللعب على التناقضات وتلك السياسة التي تجيدها إيران منذ عقود، لذلك أعتقد أن هناك توجهاً لدى النخب الحاكمة في دول مجلس التعاون إلى الاتحاد للحفاظ على أمن وتعاون الدول الأعضاء في المجلس، نظراً لحجم التحديات والمخاطر التي تواجه دول الخليج وهي تحديات ملموسة، وكانت أبرزها وآخرها تهديدات إيران للعالم بإغلاق مضيق هرمز في حال فرض عقوبات نفطية عليها، والرد العنيف للإيرانيين على التصريحات التي أدلى بها المسؤولون السعوديون حول قدرة السعودية على تعويض النقص في النفط نتيجة فرض عقوبات على إيران. خلية إيران النائمة ^ يؤكد ساسة ومحللون أن إيران تدعم الاحتجاجات الطائفية في البحرين.. فإلى أي مدى تتفق مع هذا الطرح؟ - لاشك في أن إيران تدعم الاحتجاجات الطائفية بالبحرين، وهذا يبدو جلياً في تصريحات رجال الدين المقربين من المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي خاصة في خطب الجمعة في طهران وأبرزهما آية الله أحمد خاتمي وآية الله أحمد جنتي، وهما من سلطة ولاية الفقيه، وهذا أكبر دليل على الدعم الإيراني لما يحدث في البحرين. إضافة إلى ذلك، فإن ما كشفته السلطات الأمنية في قطر عن مؤامرة تستهدف السفارة السعودية في البحرين، مشيرة إلى المخطط كان يستهدف تفجير جسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية. وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية البحرينية، عن ضبط خلية تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية، ضد منشآت حيوية وأشخاص في البحرين. وأعلنت المملكة في حينها أنه ورد اتصال رسمي من السلطات الأمنية بدولة قطر لنظيرتها البحرينية، بأنها تمكنت من إلقاء القبض على 4 مواطنين بحرينيين. وتحدثت التقارير عن دخول الأربعة قطر عبر الحدود البرية مع السعودية، وأثناء اتخاذ السلطات القطرية المختصة إجراءات التفتيش الجمركية للسيارة التي كانت تقلهم، تم العثور على بعض المستندات والأوراق وحاسوب، وتضمنت معلومات ذات أهمية أمنية، وتفاصيل عن بعض المنشآت والجهات الحيوية، وحجوزات طيران إلى سوريا، كما تم العثور معهم على مبالغ مالية بالدولار الأمريكي والتومان الإيراني. وأكدت السلطات في البحرين في حينها أن السلطات القطرية اتخذت إجراءات التحقيق معهم، حيث أقروا بمغادرتهم البحرين بطرق غير مشروعة بتحريض من آخرين للتوجه إلى إيران عبوراً بقطر وسوريا، بقصد إنشاء تنظيم للقيام بعمليات إرهابية مسلحة في البحرين ضد بعض المنشآت الحيوية والأشخاص، وهنا برز دور اتفاقات التعاون الأمني وتبادل المعلومات حيث تسلمت البحرين المتهمين الأربعة، لاتهامهم بالتخطيط لتنفيذ جرائم إرهابية. وقد تحدثت تقارير صحافية فيما بعد حول معلومات عن محاولة إيرانية لتفجير جسر الملك فهد بين البحرين والسعودية، وعرفت تلك القضية إعلامياً بـ»خلية إيران النائمة» أو «خلية حزب الله البحريني» حيث ثبت أن تلك الخلية تلقت سابقاً تدريبات عسكرية في سوريا، وكان من المخطط أن تتلقى تدريباً مكثفاً في إيران. كما نشرت معلومات أكدت أن الخلية كانت بحوزتها وثائق ومخططات ومحادثات بين أفراد الخلية وأوراق بخط يد أحد المتهمين ومخططات تعليمية لصناعة القنابل ومبالغ مالية بالعملة الإيرانية «تومان» والأمريكية «الدولار». وأضافت التقارير أن الخلية تلقت تدريبات عسكرية في سوريا على نسف المباني واغتيال الأشخاص، وأنه كان من المخطط أن تصل الخلية إلى إيران لتلقي تدريب مكثف والالتقاء بأحد رجال الدين لأخذ فتوى الجهاد الدفاعي التي أعلنها المرشد الأعلى خامنئي في إحدى خطبه. كل ما سبق يؤكد أن هناك تدخلات إيرانية تدعم الاحتجاجات في البحرين، رغم ما ذكر في تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق د.محمود بسيوني حول عدم وجود أدلة على ضلوع إيران في الاحتجاجات!. تصريحات أقرب للتهديدات ^ صرح قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني أن إيران قادرة على تشكيل الحكومة في كل من العراق ولبنان.. كيف تقيم تلك التصريحات؟ - أعتقد أن تلك التصريحات خطيرة، وذات مغزى، وتؤكد في الوقت ذاته تهديدات إيران لدول الجوار، لكن من وجهة نظري، أعتقد أن إيران تخوض معركتها الأخيرة، سواء في ما يخص دول الخليج التي تتجه نحو الوحدة ومثل هذه الوحدة ستعيد صياغة الموقف الخليجي مرة أخرى، كما أنها تقود حربها الأخيرة بشأن الهلال الشيعي الذي تحدث عنه الجميع، وبلاشك، فإن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سينهي السطوة الإيرانية في سوريا ولبنان وسيقضي تدريجياً على «حزب الله» وينهي تدخل إيران في القضية الفلسطينية ودعمها لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» على حساب حركة «فتح»، ولن يكون هناك سوى العراق الذي يستطيع الاستغناء عن حكومة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي والمعروفة بولائها لإيران وسلطة ولاية الفقيه، وإن كانت تعاني تصدعاً خاصة مع دعوة أكبر 4 مشرعين سياسيين عراقيين وهم إياد علاوي ومسعود بارزاني ومقتدى الصدر وأسامة النجيفي إلى التهديد بسحب الثقة عن حكومته. ^ كيف ترى موقف البحرين من ثورة 25 يناير في مصر؟ - لاشك أن البحرين تعاملت بحكمة ودبلوماسية مع ثورة 25 يناير، وأعلنت دعمها للشعب المصري وعن تطلعاته، كما إن البحرين سارعت لنفي إشاعة زيارة جلالة الملك للرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك بمستشفى المركز الطبي العالمي، وهو ما يدل على حرص القيادة في البحرين على قيام علاقات قوية ووثيقة مع مصر في فترة ما بعد الثورة. ^ كيف تقرأ ثورات الربيع العربي؟ - اختلفت ظروف الدول الخمس التي شهدت الربيع العربي، خاصة قيادات تلك الدول، ففي تونس هرب، وفي مصر تنحى ويحاكم، وفي ليبيا قتل، وفي اليمن تنحى مشترطاً حصوله على الحصانة، وفي سوريا مازال الرئيس السوري بشار الأسد في سدة الحكم لكن الوضع على الأرض خطير والقتل مستمر وحجم الدمار والخراب مرعب وخطة الأمم المتحدة لا تطبق بالشكل المطلوب. الانتخابات الأهم بالكويت ^ كيف تقيم التجربة الكويتية الأخيرة بشأن الاحتجاجات أمام مجلس الأمة، ثم حله، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ جابر المبارك الصباح؟ - أعتقد من خلال خبرتي في الشؤون العربية والدولية لما يقارب 30 عاماً أن المواطن الكويتي شعر أن الانتخابات الأخيرة كانت الأهم في تاريخ الكويت، نظراً لكثرة الخلافات السابقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتسارع الأحداث في الكويت فبعد ظهور خلافات عميقة بين السلطتين خاصة بين النواب ورئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، ثم محاولة متظاهرين ونواب لاقتحام مجلس الأمة الكويتي -وهو أمر غير مقبول من النواب لأن النائب عمله داخل البرلمان وليس خارجه- ولجوء أمير الكويت لاستخدام حقه الذي يكفله له الدستور الكويتي بحل مجلس الأمة، وقبول استقالة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وتعيين حكومة جديدة برئاسة الشيخ جابر المبارك، كل ما سبق أدى لشعور المواطن الكويتي بأنه دفع ثمناً غالياً لخلاف السلطتين التنفيذية والتشريعية، وما أطلق عليه مؤخراً بـ»نواب التأزيم» تسببت في تعطيل الكثير من المشروعات الحياتية للكويت وعادت بالضرر على رجل الشارع، كل ما سبق داخلياً يترافق مع السياسة الخارجية وتحديات تواجهها الكويت خاصة علاقاتها مع دول الجوار، وأقصد هنا إيران والعراق. ورغم محاولات التقارب بين الكويت والعراق والتوصل لحلول للمشاكل العالقة بين البلدين إلا أنها تواجه تحديات، إضافة للعلاقات بين الكويت وإيران، والتي وصلت في وقت ما لاتهامات بالتجسس بين البلدين، كل ما سبق شكل عامل ضغط على المواطن الكويتي بإحساسه أن الانتخابات الماضية كانت الأهم والأبرز في تاريخ البلاد، كما إن الكويت بها مجموعة من التنويعات الغريبة، فهناك التيار القومي اليساري والذي انحسر بعد 1990، وهناك التيار الليبرالي، فضلاً عن التيارات الدينية المتمثلة في الإخوان المسلمين والسلفيين والشيعة، إضافة للتنوع القبلي، ونواب الحضر، كما إن هناك تقسيماً آخر للنواب فيما يعرف بنواب الموالاة والمعارضة، وفي رأيي أن تلك التعقيدات والتنويعات المختلفة تفرز الديمقراطية الحقة، لذلك، كانت دعوة أمير الكويت للمواطن الكويتي بتوجيهه للاختيار الصحيح، كان دور الناخب الكويتي لأنه هو من سيجني الثمار في السنوات المقبلة إن أحسن اختيار نوابه وممثليه بقاعة عبدالله السالم تحت قبة مجلس الأمة الكويتي.