قال الكاتب العراقي د. أكرم عبدالرزاق المشهداني، إن:«الكونفدرالية الخليجية، صمام أمان لوحدة الشعوب الخليجية وسدًا منيعًا ضدّ التيارات الخبيثة، والتصعيد السياسي الموجود حاليًا في المنطقة العربية. وأكد د. المشهداني في مقال نشرته صحيفة (الراية) القطرية، أن” قرب الإعلان عن صيغة الخطوة المباركة المتمثلة بالاتحاد بين المملكتين الشقيقتين البحرين والسعودية، تأتي استجابة وترجمة أولى لنداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في القمة الخليجية الأخيرة، حين دعا إلى تطوير تجربة مجلس التعاون الخليجي الذي أنشئ عام 1980م وتحويله إلى اتحاد خليجي”. وأضاف أن” الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، صارح إخوانه القادة بأن عليهم أن ينظروا إلى ما وصلوا إليه، وقال لهم: “لقد علمنا التاريخ والتجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك فسيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا واستقرارنا وأمننا، لذلك أطلب منكم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد”. وأشار المشهداني إلى أن” مملكة البحرين الدولة الأكثر استجابة للنداء الوحدوي الكريم، ولا شك أن البحرين تأمل أن تؤدي الصيغة الوحدوية مع السعودية إلى تدفق استثمارات جديدة تساعدها على مواجهة الأزمة الاقتصادية”. وأضاف الكاتب المشهداني أن” مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مضى على تأسيسه أكثر من ثلاثين عاماً، ومازال عدم الرضا عن أداء هذا المجلس يعم الكثير من المواطنين في دول الخليج، مشيراً إلى أن المواطن الخليجي كان وما زال يطمع في أن يحقق أكثر مما تحقق، وكان يأمل في أن يكون جزءًا من عملية صناعة القرار في هذا المجلس الخليجي، إلا أن هناك إنجازات اقتصادية وأحياناً سياسية لا يمكن تجاهلها”. وتابع” كما إن قادة المجلس يلتقون فيما بينهم في كل عام مرة، وأحيانا أكثر من ذلك، إن كانت هناك أحداث تستدعي ذلك، وفيما بين لقاء القادة في ديسمبر من كل عام، واللقاء التالي بعده يجتمع الوزراء والخبراء الخليجيون لدراسة ومناقشة ما أوكل إليهم من أمور، ولم يكن قرار التأسيس وليد اللحظة، بل جاء تجسيداً مؤسسياً لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي يجمع دولاً شقيقة تتميّز بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الأسري بين مواطنيها، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحّد عزّزتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة”. وأكد أن” الاتصال والتواصل بين دول مجلس التعاون، خلق ترابطاً بين سكان هذه المنطقة وتجانساً في الهوية والقيم، مشيراً إلى أنه إذا كان المجلس لهذه الاعتبارات استمراراً وتطويراً وتنظيماً لتفاعلات قديمة وقائمة، فإنه من زاوية أخرى يمثل رداً عملياً على تحديّات الأمن والتنمية، كما يمثل استجابة لتطلعات أبناء المنطقة لنوع من الوحدة العربية الإقليمية، بعد أن تعذّر تحقيقها على المستوى العربي الشامل”. وأوضح أن النظام الأساسي لمجلس التعاون حدّد أهداف في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وفي الشؤون التعليمية والثقافية، والاجتماعية والصحية، والبيئية، والإعلامية والسـياحية، والتشـريعية، والإدارية، ودفع عجلـة التقـدم العلمـي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكـز بحـوث علميـة وإقامة مشـاريع مشـتركة، وتشـجيع تعـاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها”. وقال إن:« مجلس التعاون يُعدّ أنموذجاً متميزاً بين المنظمات الإقليمية والدولية في التلاحم بين أعضائه والتنسيق والتشاور بينها عبر عدد من الآليات والقنوات ومن خلال تنسيق السياسات والتحركات إقليمياً ودولياً وعلى مختلف المستويات، ومن خلال لقاءات القمة والاجتماعات الدورية للمجلس الوزاري أو اللقاءات التنسيقية التي تعقد على هامش الاجتماعات العربية والدولية، وعبر لقاءات ممثلي دول المجلس في الخارج وفي المحافل الدولية وغير ذلك من قنوات الاتصال الجماعي والثنائي، ويتخذ المجلس من مدينة الرياض مقراً له”. وأوضح أن” طبيعة التهديدات التي تواجهها منطقة الخليج العربي، والاستحقاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية، تتطلب شكلاً أوثق من العلاقات السياسية والأمنية بين دول المنطقة، منوهاً إلى أنه من المؤكد أن الاتحاد الخليجي الجديد سيحافظ على الشخصية السياسية للدول المنضمة إليه ولا يذيب شخصياتها القانونية والسياسية أمام المجتمع الدولي، مما يتطلب شكلاً أوثق من العلاقات السياسية والأمنية بين دول الاتحاد”. وأشار إلى أن” أبرز مهام الاتحاد الخليجي العربي، ستكون في كيفيه تحصين المنطقة إزاء التهديدات الإقليمية والتعاون لدفع التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وإيجاد أرضية قوية لمواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه مسيرة التنمية بين هذه الدول، مؤكداً أن الخطوة السعودية البحرينية، ستكون موضع ترحيب بين دول مجلس التعاون الأخرى ولن ينظر لها كمحور ضمن دول المجلس، وأضاف أن هناك أمثلة على تعاون ثنائي ضمن مجلس التعاون كالاتفاقيات التي عقدت بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان قبل عدة سنوات”. وأوضح المشهداني أنه” يتوقع أن يطلق على التشكيل المؤسسي، تسمية الاتحاد الخليجي بحيث يكون هذا الاتحاد متاحاً لانضمام دول مجلس التعاون الأخرى عندما تكون مستعدة لمثل هذه الخطوة، مشيراً إلى أن الاتحاد الخليجي الجديد هو صيغه مطوّرة عن مجلس التعاون الذي ترى دوائر خليجية أنه لم يعد قادراً ضمن هياكل عمله الحالية على مواجهة الاستحقاقات الأمنية والسياسية التي تمر بها المنطقة مما يتطلب شكلاً أوثق من العلاقات السياسية والأمنية بين دول المنطقة”. وقال المشهداني، إن:« هذه المناسبة الخليجية التي تجمع القادة الخليجيين هي الأنسب لتجد المباركة من قبل القادة ومن ثم التمهيد لانضمام الإمارات والكويت وعمان وقطر في مستقبل السنوات المقبلة ليكتمل عقد الدول الخليجية في اتحاد يشابه الاتحاد الأوروبي خصوصاً وأن هذا الاتحاد، بدأت ملامحه تقوى في قوات درع الجزيرة المشتركة بين الدول الخليجية”. وأضاف” كما إن التهديدات التي تواجهها المنطقة من جارتهم إيران، تدفع في هذا الاتجاه، إذ تأتي هذه الخطوة بعد أيام على دعوة النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في طهران، إلى “اتحاد البلدين بشكل تام لتشكيل قوة كبيرة على الصعيد العالمي”، متابعاً كما يأتي هذا التطور غداة نشر “الحرس الثوري” أسلحة هجومية ودفاعية في الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران، وسط معلومات عن نية الجمهورية الإسلامية إنشاء محافظة ستطلق عليها اسم “خليج فارس” وستجعل عاصمتها، جزيرة أبو موسى، إحدى الجزر الثلاث، في خطوة استفزازية ضد دول مجلس التعاون، موضحاً أن إيران تعمل على دعم المعارضة الشيعية في البحرين والشيعة في الكويت لخلق نوع من عدم الاستقرار في هذه الدول”. وأكد أن الاتحاد الخليجي، حلم طال انتظاره، إذ يؤمن هذا الاتحاد مساعدة اقتصادية للبحرين من السعودية الغنية، ويدعم البحرين كملاذ مالي إقليمي تلقى ضربات مؤلمة في الاضطرابات السياسية الأخيرة”. وقال: إن الكونفدرالية- كما يعرّفها علماء السياسة- تتكّون من مجموعة من الدول المستقلة، ذات السيادة داخليًا وخارجيًا، والتي تريد الاتفاق فيما بينها على إقامة هيئة مشتركة، بمقتضى معاهدة دولية، تُمنح سلطات سياسية خاصّة تستطيع من خلالها الإشراف على سياسات الدول الأعضاء. وغالبًا ما يكون هدف الاتحاد الكونفدرالي تحقيق بعض الأهداف المشتركة والمتفق عليها في المعاهدة، مشيراً إلى أن الدول داخل الاتحاد الكونفدرالي، تستمر محتفظة بشخصيّتها الدولية وسيادتها الوطنية، وأوضح أن الاتحاد الكونفدرالي، يعمل على تنظيم العلاقات بين دوله وفقًا لمعاهدة إنشائه، ويمكن لأي دولة في الكونفدرالية أن تخرج منها في أي وقت تشاء”. ولفت إلى أن مجلس التعاون، مضى على تأسيسه أكثر من ثلاثين عامًا، دون أن يستطيع تحقيق واحد من الطموحات المهمّة لشعوبه، والمتمثل التنقّل بحرّية من بلد خليجي إلى آخر، باستخدام البطاقة الشخصية، موضحاً أن هذا الهدف تحقق أخيراً، بعد موافقة جميع الدول الأعضاء على البطاقة الجديدة، واستدرك: لكن منظومة مجلس التعاون، لم تستطع توحيد العملة الخليجية وجعلها عملة موحدة واختلفت على هذا الموضوع، في حين أن الاتحاد الأوروبي الذي يضمّ 27 دولة، استطاع أن يحقق كل ذلك، وهو الذي تنتمي دوله إلى عدّة قوميات وأعراق ولغات ومذاهب، وتاريخها مليء بالحروب والصراعات فيما بينها، غير إن مصالحها ومصالح شعوبها جعلتها تذلل كل تلك العقبات”. وأكد المشهداني أنه لا جدال في أن الدعوة لإنشاء كونفدرالية خليجية، تعدّ دعوة تاريخية وسيسجّلها التاريخ لزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي يستدعي بذل المزيد من الجهد من قِبل هؤلاء القادة لإنجاح الفكرة، لأنها بالفعل ستكون نواة لقيام كيان اقتصادي وسياسي عربي قوي يُعمل له ألف حساب في المنطقة، حيث مِن خلاله يمكن قيام السوق الخليجية المشتركة، والربط المائي والكهربائي والمصرفي”. وقال إن:« دول مجلس التعاون الخليجي تملك من المقوّمات ما يؤهّلها لقيام هذه الكونفدرالية تحقيقًا لآمال وطموحات شعوبها الراغبة في التقارب والتعايش تحت مظلة واحدة، لها القوّة العسكرية والاقتصادية، خصوصاً وأن منطقة الخليج العربي من المناطق التي تواجه تحدّيات كبرى، وأكبر دليل على ذلك، الحروب المستمرّة والصراعات المستمرّة حول الثروات الموجودة في المنطقة.