لطالما كانت البوندسليغا الألمانية تعيش إلى حدٍ ما في ظل الدوريات الثلاثة الكبرى في أوروبا: البريميرليغ الإنجليزية، السيري آ الإيطالية والليغا الإسبانية، لكن هذا الشيء بدأ بالانحسار مؤخراً وبدأت البوندسليغا تنفض عن نفسها غبار النسيان وتعزز من رصيدها لدى محبي الكرة في مختلف أرجاء المعمورة، حيث زادت معدلات مشاهدتها عبر التلفاز بوتيرة كبيرة جداً، بالاضافة إلى أنها ستصبح ممثلة بأربعة فرق في دوري الأبطال ابتداءً من الموسم القادم مما سيساهم بتسليط الأضواء على أنديتها أكثر وأكثر. المواهب الشابة أكثر ما يميز البوندسليجا مؤخراً هو أنها أصبحت فعلاً منجماً للمواهب الشابة حيث بدأت تتلألأ بها العديد من الأسماء التي مازالت بعمر الزهور والتي لم يسمع بها أحد منذ سنتين أو أقل، فنجوم من نوعية جوتسه، رويس، كاجاوا، مولر، كروس، شورله، ماركو مارين وآخرين أصبحت من أبرز المواهب الشابة المطلوبة لدى عمالقة اللعبة في العالم وهي التي كانت مجهولة إلى حدٍ ما منذ فترة ليست بالبعيدة، والذي يميز البوندسليجا أن عملية ظهور المواهب الشابة فيها لم يعد يقتصر على فترة معينة ولم يعد أمراً استثنائياً بل أصبح القاعدة في بلاد الألمان، إذ إنه مع كل موسم تتفتح الأعين على مواهب جديدة مما يعطي للدوري الألماني رونقاً خاصاً جداً. الحضور الجماهيري كما يقال فإن حلاوة كرة القدم هي في جماهيرها والبوندسليجا تتفوق على كل الدوريات الكروية في أوروبا والعالم في هذا المضمار. فالأجواء الحماسية في الدوري الألماني منقطعة النظير ووفاء الجماهير لأنديتها لا يضاهى، فبنظرة ومقارنة سريعة على نسبة الحضور الجماهيري هذا الموسم بين البوندسليجا والدوريات الأربعة الكبرى الأخرى في أوروبا يتضح لنا الفارق الكبير لصالح الدوري الألماني، حيث إن معدل الحضور الجماهيري في السيري آ الإيطالية هو 23443 شخصاً في المباراة، في فرنسا حوالي 18 ألفاً، في الليجا الإسبانية يرتفع إلى 30161 وفي البريميرليج الإنجليزية التي هي الأعلى بعد البوندسليجا يصل معدل الحضور الجماهيري في المباراة الواحدة إلى 34413 شخصاً. أما في البوندسليجا فيرتفع هذا المعدل بشكل ملحوظ وبحوالي 10 آلاف شخص ليصل إلى 44935 مشجعاً يحضرون إلى الملعب في كل مباراة. البايرن لم يعد العملاق الوحيد لطالما كان يعاب على الدوري الألماني عدم وجود عملاق حقيقي ينافس البايرن على المدى الطويل، فكانت تظهر أندية مختلفة كل عام لتنافس على اللقب ولكن كان يبقى البايرن الفريق الوحيد العملاق بكل معنى الكلمة والقادر على المنافسة على اللقب بشكلٍ موسمي ودائم، ولكن صعود دورتموند وتألقه الشديد مؤخراً غيَّر كل هذه المعطيات حيث إنه الآن حصل على لقب الدوري للمرة الثانية على التوالي ويبدو أنه سيستمر بالمنافسة لفترة طويلة في ظل حفاظه على معظم نجومه الكبار، لا بل وسيضيف إليهم جوهرة جلادباخ الثمينة ماركوس ريوس ابتداءً من الموسم القادم، مما يجعل من دورتموند قوة يحسب لها كل الحساب مستقبلاً ليس فقط على الصعيد المحلي وإنما الأوروبي أيضاً. القوة الاقتصادية للأندية أحد أبرز الأسباب التي تؤشر إلى تألق أكبر للأندية الألمانية والبوندسليجا بالمستقبل هي قوة هذه الأندية على الصعيد الاقتصادي واعتمادها على قدراتها الذاتية لتمويل نفسها وليس على أموال رؤسائها أو استثمارات الممولين الروس والعرب، وهذا الأمر بالذات سيجعل من الأندية الألمانية أكبر المستفيدين من قانون الويفا للعب النظيف ابتداءً من الموسم القادم مما سيعطيها البعض من الأفضلية على الصعيد المادي مقارنةً بمعظم الأندية من الدوريات الأخرى وهذا الأمر الذي سيساهم بتعزيز موقع البوندسليجا أكثر وأكثر بالمستقبل. وللتأكيد على استقرار الأندية الألمانية على الصعيد المادي لا بد من ذكر أنها كانت الأقل تأثراً بالأزمة العالمية الأخيرة والتي ضربت معظم عمالقة الكرة في أوروبا. إذاً فالأجواء الجماهيرية المنقطعة النظير بالإضافة إلى تفجر المواهب بكثرة والقوة الاقتصادية الكبيرة للأندية الألمانية كلها عوامل تجعل من البوندسليجا أحد أقوى الدوريات الأوروبية وتؤشر إلى صعود أكبر لأسهم الدوري الألماني بالمستقبل، فما هو رأي قراء جول.كوم وهل يجدون أسباباً أخرى تعطي رونقاً وقوة إضافيين للبوندسليجا؟