^ السواد الأعظم من شعب البحرين يرى أن ما حدث في البلاد منذ أكثر من عام يعد مؤامرة داخلية من قبل بعض القوى السياسية تؤمن بفكر ولاية الفقيه، وهي أيضاً مؤامرة خارجية من قبل بعض القوى الإقليمية مثل إيران، والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية. بالمقابل فإن هناك من يرى أنها بالفعل مؤامرة ضد المعارضة الراديكالية تمت بالتواطؤ بين بعض الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية. وهي مؤامرة تمت لإجهاض محاولات الإصلاح السياسي والمطالبة بالعدالة والحقوق المدنية وتقرير المصير باعتباره حقاً دولياً، وحقاً وطنياً منصوص عليه في ميثاق العمل الوطني. بين هذين الفريقين لن نخرج سوى بنتيجة أن البحرين تتعرض لمؤامرة داخلية وخارجية سواءً اتفقنا مع رؤية كل طرف من أطراف الصراع أو اختلفنا. وسؤالنا اليوم: هل صارت نظرية المؤامرة والهوس بالمؤامرة مسيطرة على التفكير البحريني حتى شلت عنه النظر إلى القضية الراهنة بشكل أكثر موضوعية وحيادية وهدوء؟ الجميع الآن يفسّر معطيات السياسة ونتائجها وأحداثها ووقائعها بأنها مؤامرة، حتى صار الجميع أيضاً مهووس بتفسير وحبك القصص ونسجها لتكون أكثر واقعية وإقناعاً. وصار الوضع أنه عندما تظهر أطروحات تختلف في تفسيرها للأحداث عن رؤية المؤامرة يتم تكذيبها فوراً وقد يتعرض صاحبها للتخوين والهجوم بمختلف الطرق. البحرينيون اليوم ليسوا بحاجة لمن يرشدهم بأنه ما حدث لهم ويحدث لهم الآن مؤامرة أو لا يعتبر مؤامرة، فحيثيات القضية والأحداث التي مرّت بها البلاد كافية لأن تكشف الحقائق، وتتيح الفرصة للأفراد لتشكيل قناعاتهم الذاتية بمعزل عن الآخرين، وفي النهاية النتيجة واحدة لأنها ستكون في شكل تفسير مؤامراتي لا أكثر. حتى نفهم الأحداث التي شهدتها البلاد، يجب التأكيد على أنها شكل من أشكال الفوضى، ومن أحدث الفوضى هي شبكة معقدة للغاية من الأفراد والمؤسسات والحكومات ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، وهي شبكة من الصعوبة بمكان تحديد ملامحها، ولكن يمكن التعرف على جوانب من أبعادها ومعرفة الأطراف النافذة فيها، وبالتالي تحديد آلية التحكم فيها لحسم مسارات المستقبل. طبعاً هذه الشبكة لا تدار بشكل مركزي، وكذلك لا يتم التخطيط لها بشكل مركزي أيضاً، فهي عبارة عن مجموعة من الأطراف عندما تلتقي مصالحها بعضها بعضاً تحدث الفوضى، ويكون لكل طرف مصلحة في هذه الفوضى والتغيير السياسي.