^ بحسب ما نرى، فإن الكل يقول اليوم إنه يسعى لتعود البحرين كما كانت قبل فبراير من العام الماضي، الكل يقول بأنه يريد استعادة الاستقرار في البلد وإعادة اللحمة وجمع الشمل المشتت، فيما البعض بات همه الأول هو العفو والتسامح حتى مع من أخطأ باعتبار أنها مبادرة لفتح صفحة جديدة. كل طرف ينظر للمشهد اليوم بطريقته، من تضرر مما حصل يريد العدالة والإنصاف، ومن كان السبب في الضرر يريد أن يمنح فرصة جديدة ويريد أن يعود الوضع لما كان عليه، طبعاً بخلاف مكنونات النفس، فهناك من يحسبها بأنه خسر الكثير، وهناك من يراها فرصة لإعادة لملمة الأوراق تمهيداً لشيء جديد قادم. ندرك تماماً أن الهدوء عاد “نسبياً” إلى البلد، وأن الناس عادت لتعيش حياتها لكن أيضاً وفقاً لمستويات لا تصل لمستوى الحياة الطبيعية التي كانت عليها قبل أكثر من عام، وفوق كل ذلك ندرك بأن الغالبية من شعب البحرين تريد أن ينتهي هذا “الكابوس” الذي جثم على صدورهم بسبب فئة لها توجهاتها الانقلابية ومازالت. بالتالي نتفق بأننا نريد للبحرين أن “تبدأ من جديد” لأن هذا هو الخيار الأصح لها كدولة والأفضل لشعبها حتى يعود ليمارس حياته الطبيعية وينتج ويطور ويعمر، لكن حتى البداية من جديد تحتاج لأسس تبنى عليها. من السهل جداً القول بأن كل ما علينا فعله هو “تصفير العداد”، والتصريح بأن “عفا الله عما سلف” وأنها “الفرصة الأخيرة.. والله الأخيرة”، بالتالي لا تعودوا للقيام بمثل هذه الأفعال، و«خلاص” لنفتح صفحة جديدة! هذا أسهل طريق لإنهاء كل هذا التوتر! بالفعل ككلام هو سهل جداً، لكنه في جانب آخر “يخلق” كارثة حقيقية قد تشعل البحرين برمتها بدلاً من أن تطفئ النار التي تستعر يومياً. حتى تعود البحرين من جديد لابد وأن توضع الأمور في نصابها، لابد وأن توضع النقاط على الحروف، ولابد للأمور العالقة أن تحل. لا نقول هنا بأن حلوا الأمور بحسب ما يراه المستشارون من الخارج، ولا بحسب ما تضغط تجاهه جمعيات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لكنها “مزدوجة المعايير” في تعاملاتها مع قضايا حقوق الإنسان، ولا نقول بأن ابنوا عملية “الإنصاف والعدالة” بناء على ما يقوله البيت الأبيض الذي من المفترض أن يطالبنا باتباع أسلوبه في التعامل مع حركة “احتلوا وول ستريت”. بل لإعادة البحرين من جديد يجب وضع كل شيء في نصابه، من تجاوز القانون عليه التمثل بما يقتضيه القانون من جزاء، من أخل بأمن البلد عليه أن يحاسب بحسب ما ينص عليه القانون، وطبعاً قوانيننا اتفق عليها النواب ومن ضمنهم نواب المعارضة حينما كانوا في المجلس، ما يعني أن الجميع يفترض أن يحتكم لهذا القانون وأن يقبل بما ينص عليه. نعم تقرير بسيوني أشار لتجاوزات في بعض أجهزة الدولة، وهنا نحن من يقول قبلهم للدولة صححوا الأخطاء وقوموا بتقويم الأمور المعوجة، لكن في جانب آخر تقرير بسيوني أشار لما فعله من حاولوا إسقاط النظام وبالتالي نقول أيضاً للدولة أن طبقوا القانون وحاكموا المتهمين بكل إنصاف، من أخطأ عليه أن يتحمل نتيجة خطئه ومن تثبت براءته فهو بريء بحكم القانون. لكن أن ندع المشهد الحالي يرسم سيناريو قادم بأنه ولربما في لحظة يتم محو كل ما حصل، يتم نسيان كل ما ارتكب من أخطاء وجرائم، وتتم الدعوة لفتح صفحة جديدة وكأن ما حصل كابوس اقتحم أحلام أشخاص انتهى بمجرد استيقاظهم، فإننا سنقود هذا البلد لأزمة أكبر، وما أخطرها من أزمة حينما يتم النظر في القادم من المستقبل للقانون وكأنه “مجرد حاجز” كالحواجز في سباقات الجري السريع، هي أمامك لكن يمكنك إسقاطها وأنت تعدو حتى تنهي السباق. متى ما تم الاستهتار بالقانون، ومتى ما تم تعطيل وضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن التعويل على مستقبل أفضل لدولة مدنية لديها دستور وقانون، لن يكون إلا كحال من يريد اصطياد الفيل بصنارة سمك!!