^   ضرب الله الأمثال في كتابه عن الأمم السالفة، وكيف سادت وبادت، تذكرة وعبرة للمرسلين والمسلمين، منها يتعلمون ويتذكرون ويستفيدون. فحياة الأمم ماضياً وحاضراً لا بد أن تكون مثالاً وقدوة نتعلم من تجاربهم، ونحن اليوم في ظرف عصيب، ولا بد لنا من واعظ حكيم، وقد وجدنا مثالنا في الصين، بلد التنين، الذي دبر أموره وأخذ حيطته وحذره حفاظاً على أمنه وشعبه واقتصاده. من «ثورة الياسمين» تحسب وتدبر بعدما انتشرت دعوات عبر شبكة الانترنت في أنحاء الصين تدعو إلى تجمعات للمطالبة بالديمقراطية وبإصلاحات سياسية لإنهاء حكم الحزب الواحد، تأثراً بالثورات العربية. وما إن تجمهر عدد محدود في بكين وشنغهاي وفي شارع وانغ فوجينغ للتسوق في بكين، وقف نحو مائة شخص بعد رسالة انتشرت عبر الإنترنت ودعت لتجمعات في 13 مدينة، وما لبثت أن اصطفت مركبات الشرطة على جانبي الشوارع التي يفترض أن يتجمع فيها المتظاهرون، وأبعدت فرق من رجال الشرطة وضباط يرتدون ملابس مدنية المتجمهرين، إضافة إلى وضع 15 محامياً تحت الإقامة الجبرية وقطع الاتصال بينهم وبين نشطاء ومعارضين بالخارج. كما تم احتجاز كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان لدى مراكز الشرطة، وخصصت الحكومة الصينية ميزانية كبيرة لمراقبة الإنترنت، حيث يسمى نظام الرقابة الصيني للإنترنت «السور المعلوماتي العظيم»، حيث يتولى النظام حجب مواقع حساسة بالنسبة إلى السلطة وتنقية الإنترنت في الصين من مواضيع متعلقة بحقوق الإنسان ومواضيع ذات علاقة بالشأن السياسي. وقال «لي جنسونغ» وهو المحامي المدافع عن حقوق الإنسان «لا أعتقد أن النداء إلى التظاهر كان جدياً، لا أحد يريد صراحة التظاهر بسبب الانتشار الكثيف للشرطة، حيث الشرطة أخذت هذه الدعوة على محمل الجد وهذا يبين مدى قلقها من انتقال عدوى ثورة الياسمين وتأثيرها على الاستقرار في الصين». هذا مجمل ما حدث في الصين التي أخذت على محمل الجد دعوات انتشرت على الإنترنت، ومقارنة مع حدث في البحرين، ورغم الدعوات التي انتشرت قبل 14 فبراير 2011 على شبكة الإنترنت، وما بث من نشرات وإخباريات وخطب وندوات ومنتديات ومؤتمرات في الخليج وفي البحرين، وما بثته القنوات الإيرانية من تهديدات وتحريضات، فإن الأمور سارت كما خططت له المعارضة الصفوية، وكان على الدولة أن تأخذ الأمور لا على محمل الجد فحسب، بل على محمل الخطورة والأهمية القصوى. لكن حصل ما حصل وفات ما فات، ولكن هل نسمح أن تستمر الأمور حتى يبلغ العدو مرامه، وذلك عندما يرى احتياطات محدودة والأماكن مفتوحة والمنشآت الحيوية مازالت محكومة بقبضتهم، والممرات مكشوفة، ودليل ذلك ما يحدث من حرق وتفجيرات؛ اليوم يحرق باص وغداً ناقلة وبرج ومحطة، فيعني المخطط الانقلابي يسير كما هو مرسوم، وذلك عندما تكون الإجراءات والاحترازات لا تتناسب مع مستوى الخطر. فالخطر ليس كما هو في الصين عندما خرجت جماهير تنادي بالديمقراطية وتحسين أوضاع معيشية، بل الخطر على البحرين هو سعي لإسقاط نظام وإحلال مكانه ليس نظاماً محلياً أو خليجياً بل نظاماً يتبع الولي الفقيه. فالخطر هنا أخطار ومنها محو الهوية العربية والانتقال إلى الحظيرة الإيرانية، خطر يهدد الخليج العربي بأكمله، والاحتياطات مازالت وكأن ما حصل مظاهرات طلابية. وهنا تكون المشكلة عند التهاون في مسألة الأمن ظناً أن هذا التراخي سيخدم الاقتصاد أو سمعة البلاد، بل إنه سيأتي على ما تبقى، ولن يكون هناك مجال لعودة المستثمرين. فمن يسعى إلى بناء اقتصاد وتحقيق رؤية مستقبلية لابد أن يكون الأمن على قمة الأولوية، فهذه الصين قد كتمت أصوات المتظاهرين خوفاً على استقرارها واقتصادها، وكما تقول الإحصاءات إن خبراء الاقتصاد والتنمية يرون أن الاقتصاد الصيني يسجل نمواً بنسبة تزيد على 9.7? بعد أن تحولت البلاد إلى عملاق اقتصادي مهيب على الساحة الدولية. هذا ما حدث في بلاد الصين.. الذي سقناه مثال وحصان. فبالعبر والنماذج منها نستفيد ونبني ونعيد البحرين إلى ما كانت عليه، فليس الأمر بصعب ولا مستحيل، ما دام هناك شعب يصطف بروحه ودمه فداء للبحرين، وما دام هناك عزيمة صادقة بأن يكون للبحرين اقتصاد متين، والذي لا يكون إلا بعودة الأمن وبسط الدولة هيبتها على شوارعها كما فعلت بلاد الصين.