^   إن اللعبة السياسية -وإن كنَّا نطلق عليها لعبة بصورة مجازية- تظل لعبة خطرة للغاية في كل الأحول، ولا يمكن لكل فرد من أفراد المجتمع أن يلعبها.. لماذا؟ لأنه ربما يلقى حتفه فيها. أصبحت السياسة في البحرين لعبة مسلية لكل من لم يستطع أن يُملي حياته بالطريقة السوية، ولعبة مسلية لكل من فشل في تشكيل واقعه، فضلاً عن مستقبله. ومن هنا نجد أن كثيراً من الفاشلين أصبحوا نجوماً في عالم السياسة في لمحة بصر.. يا سبحان الله!!. من أراد الظهور اليوم أو إثبات ذاته التائهة، ما عليه سوى أن يثرثر في السياسة علَّه يحصل على مكانة اجتماعية تقوده للأضواء، لأننا على يقين أن هنالك من أبرزتهم أحداث البحرين المؤسفة من خلال الظهور الطارئ من الذين نطلق عليهم (ساسة الصدفة). كل من لديه حيلة فليحتل، فلا الكبير ولا الصغير، لا الذكر ولا الأنثى، ولا المثقف أو حتى الجاهل بمنأى عن ظاهرة حب الظهور والسعي وراء الشهرة. هذا يصعد المنصة، وذاك يكتب الشعر والقريض، وآخر ينصب خيمة في وسط المدينة كي يلملم الطيور التي على شاكلته، وهناك من يتقدم المسيرات والاعتصامات، وهناك من يغرد ومن يزأر. ونحن هنا في الحقيقة لو أردنا أن نعدد الطرق التي ينتهجها أهل البحرين في محاولة إثبات أنفسهم سياسياً، لما كفانا الوقت ولا الأوراق. من المعروف تربوياً، أن الصغير عادة ما يقوم بتقليد من يكبره في العمر، إما ليرضي غروره أو يشبع نقصه إن كان يعيش عقدة النقص، أو أنه يحاول أن يلفت نظر المجتمع إليه ليقول لهم من خلال تقمصه دور الكبار بأنني موجود، وهناك تقليد طبيعي من الطفل الصغير لسلوك الإنسان الكبير. الصغار يقلدون الكبار، ولعل ما يدفع الصغار ويحمسهم في هذا الاتجاه المميت هو تصفيق ومباركة الكبار لهم، لذلك نجد هؤلاء الفتية الصغار يصرون على سلامة سلوكهم وممارساتهم، رغم توجيه النقد لهم أو حتى حين توجيههم الوجهة الصحيحة. بما أن السياسة لعبة خطرة، يكون لزاماً على المجتمع تجنيب الصغار منها، لأنهم إضافة إلى كونهم غير مكلفين سياسياً، فهم من الشريحة غير المدركة تماماً لكافة تصرفاتها، فهؤلاء يفكرون عبر عواطفهم وربما غرائزهم، مما يجعلهم يندفعون نحو المناطق القاتلة في عالم السياسة، تلك المناطق المُكْلِفَة والتي غالباً ما يتجنبها الكبار، لأن الكبير يدرك عواقبها وخطورتها. لكن الغريب في هذا الأمر أننا نجد أن غالبية من يتجنب خوض غمار المعارك السياسية على أرض الواقع يبارك للصغار فعلهم هذا.. إنها الرذيلة. من الأفضل للصغار أن يتنافسوا على أن يكونوا سبَّاقين للمعالي والعلم والإبداع، وأن يلتزموا مقاعد الدراسة خيراً لهم من مواجهات الشارع الخطيرة. كما على الكبار أن ينصحوا هؤلاء الفتية أن يتمسكوا بالعلم والمعرفة ويعلموهم أن السياسة للكبار فقط (24+). من خلال تتبعي لثورات الربيع العربي، وما سبقتها من ثورات ونهضات شعبية للتغيير في العالمين العربي والغربي، اكتشفت اكتشافاً غريباً جداً، وهو أنني لم أجد مجتمعاً واحداً، سوى المجتمع البحريني ومن خلال هذه الأزمة الحالية، من رضي وقبِل أن يقتحم أطفاله معارك سياسية وطائفية، فهل تتفقون معي أم أنني من الواهمين؟.