^ (قل الحق.. ولكن تحت اللحاف).. الشاعر الفارسي مولوي. هذا البيت الشعري للشاعر الفارسي المعروف مولوي هو الحكمة التي قام عليها مبدأ التقية، وخاصة ما يعرف اليوم بالتقية السياسية، الذي يروج له نظام ولاية الفقيه ويرفضه العديد من الشيعة العلويون وفقهاؤهم. والتقية مبدأ يعني مسايرة الحاكم الظالم، وموافقته حقاً وباطلاً، والصمت على أفعاله للخلاص بالنفس، وهو نقيض تام للحديث النبوي الشريف الذي يقول (الساكت عن الحق شيطان أخرس)، وأن على الأمة أن تقول للظالم أنت ظالم، وتوقفه عند حده وتعزله عن الحكم، بل وتقتص منه لظلمه حسب حدود الإسلام، وإذا كان هذا المبدأ الذي يعني بدقة أبعد إباحة الكذب والمخاتلة، طبق في أوقات وعهود ما، بنحو فردي أو على نطاق جماعات محصورة بين قوسين، لأسباب معلومة لسنا بصددها. فإن النظام الإيراني عممه ليصبح سياسة دولة ونظام، أي إن النظام الإيراني أباح الكذب والمخاتلة في تعامله مع العالم حفاظاً على النفس، أو على النظام، لذلك يندر أن تجده التزم بكلمة أو عهد أو اتفاق أو بروتوكول مع الدول الأخرى ويمكن جرد سلوكياته كلها بهذا الشأن وعلى الأصعدة كافة، والأمر والأدهى والأكثر إضحاكاً ومثاراً للسخرية والتنكيت، هو أن أصحاب العمائم الحاكمة في طهران يستخدمون هذا المبدأ حتى فيما بينهم، لذلك تجدهم لا يثقون ببعض حتى لو أقسم أحدهم للآخر بالإمام المهدي، لأن أذهانهم تنصرف من فورها إلى كبيرهم الذي علمهم السحر الذي كان يستخدم هذا المبدأ طقساً حياتياً يومياً مع الجميع وورث عنه (عاهته) هذه خليفته، وعمت العاهة عموم أجهزة الدولة من أعلى كرسي إلى أصغر كناس في أبعد قرية إيرانية. وانتقلت هذه العاهة بحكم (العشرة) إلى الساسة العراقيين (ساخت إيران)، (ومن عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم) كما يقول المثل العراقي، الذين سبق لهم أن عاشوا تحت خيمة الساحر الأكبر وسمعوا أحاديثه وعرفوا طقوسه وأساليبه ومن ثم تحت خيمة وريثه سنوات عديدة لا أربعين يوماً، بل أربعين سنة، وباتوا يمارسون الكلام تحت اللحاف بنحو عادي ويمارسونه طقساً يومياً، بل ودينياً مباحاً، ومتى كان الكذب محرماً أو نقيصة حتى، لدى الساحر وأتباعه ومرتزقتهم والذين تميل أشرعتهم ميلان ريحه، ولكن ملالي طهران وتوابعها طوروا مؤخراً مسألة (الكلام تحت اللحاف) بسبب اشتداد ضغط الربيع العربي وتهديده بالزحف على طهران بعد العصف ببشار الأسد، فجمع كبيرهم نواب البرلمان الإيراني والوزراء وقادة الجيش والشرطة والحرس الثوري، وأبلغهم أن الحديث تحت اللحاف لم يعد مسموحاً به وأن (الإمام الغائب الذي يعلم السر وما يخفى ويحضر مجالسهم من دون أن يروه) ينقل له ما يتحدثون به مع أنفسهم تحته، بل وحتى ما يحلمون به، ولذا فإن عليهم الكف عن مثل هذا الحديث وإلا تشط بهم أحلامهم وإلا فانه بموجب السلطة الإلهية التي يمثلها على الأرض نيابة عن الغائب سيعاقبهم أشد العقوبات في الدنيا وسيحرمهم من الجنة في الآخرة وإن زوجاتهم ستطلق منهم على أضعف الأيمان دنيا وآخرة!! والساسة العراقيون غنيون عن التعريف بعقوبات (النائب المقدس) لذا فإن عليهم (تقليد) شيوخهم في طهران والالتزام بعدم الكلام تحت اللحاف عن الحق، ولكن لماذا أتعب نفسي بنصيحتهم؟؟ فهم أصلاً لا يعرفون الحق، ومن لا يعرف شيئاً لا يتحدث عنه وهذا هو سر مأمنهم ولذا فإنهم لن يتحدثوا عنه لا من فوق اللحاف ولا من تحته ولا حتى.. من طرف اللحاف.