^ بعد عام من الأحداث السورية التي كان نتاجها الآلاف من القتلى والجرحى وأعداداً كبيرة من اللاجئين والنازحين عن ديارهم، والمفقودين والمعتقلين.. بعد عام واحد تبين أن المشكلة ليست فقط في المادة الثامنة من الدستور السوري (حزب البعث هو الحزب القائد)، ولم تكن الديمقراطية والحرية أو الجوع هي التي أشعلت الحريق السوري، لقد أرادوها دولة أسدية، بشعبٍ خانع خاضع وراكع. ومن عام واحد اجتثت الأحداث السورية الخوف من قلوب السوريين الذين لم يستطع أي منهم أن يقول لا للدولة الأسدية، فكان أمراؤها ورجالها وسندتها بالمرصاد لهم من كل حدبٍ وصوب، من كان يقول لا قد وقع على وثيقة موته بدمه إن لم يُفقد أثره، امتلأت السجون بهم وزادت حُفرهم غير المُعلنة، لا يستطيع أحد أن يسأل عنهم أو يطالب بجثثهم ولا حتى يُقيم العزاء عليهم. غاب الأب القائد عن الحياة وحل محله ابنه الذي لم يتجاوز الثانية والثلاثين ليكون رئيساً للبلاد مخالفاً للمادة الدستورية التي تنص على أن عُمر الرئيس هو الرابعة والثلاثون، ومَن يجرؤ على الاعتراض أو على هذا التعديل البسيط، نعم.. فالقائد الأب وهو يحتضر ويغادر بلده وشعبه والدنيا كان يُفكر ملياً في شعبه وفي دولته، إنها الدولة الأسدية التي ولدت لتبقى كما ولد هذا الشعب وسيبقى خاضعاً خانعاً لها. حدثت الأحداث وكشف الغطاء عن الشعب وقال للدولة الأسدية لا، في البداية طالبوا بتعديلات دستورية وبخاصة إلغاء المادة الثامنة من الدستور، بمساحة كبيرة من الحرية وبانتخابات وطنية نزيهة، دولة يحرسها القانون والدستور والشعب، دولة ليس دستورها الأمن وديمقراطيتها الأمن وحريتها الأمن، دولة سورية حديثة.. ديمقراطية.. ذات سيادة وطنية وليست دولة سورية أسدية، يكون فيها الأمن هو القانون والرئيس هو مرجعية هذا القانون وتفسيره. إلا أن الرئيس خسر حقه في تلبية هذه المطالب بعد أن قرر الشعب تغيير بوصلتها من مطالب إلى الرحيل عن الرئاسة والرغبة في تأسيس دولة سورية ديمقراطية، وكان القتل والتدمير هو الجواب، وأن لا دولة غير الأسدية هو الصواب، فأصبح بقمعه وتدميره للبلاد هو الرئيس الغالب. ومع مَغيب كل شمس قتلى وجرحى ونازحين، ومع شروق كل شمس تحمل الجنائز على الأكتاف، متحدية القمع والرصاص وعتاد المدافع الذي يستهدف كل مَن يُطالب برحيل الأسد، فالمدفعية الوطنية القومية لا تفرق بين دار ومسجد، وبين رجل وامرأة، وطفل وشيخ، وبين رفيق منشق ومدني عابر، إنهم تحت عنوان واحد لدى الدولة الأسدية.. إنهم اسم آخر (لمؤامرة) غربية وعربية ضد سورية الممانعة وقلعة النضال ودولة الصمود والتصدي. كانت المبادرة الخليجية طريقاً آخر لحل الأزمة السورية، وبعد أن رفضتها الدولة الأسدية أصبحت المبادرة عربية، ولم تحقق لجنة تقصي الحقائق العربية أهدافها فعادت خائبة إلى ديارها، فسلكت المبادرة المسلك الدولي وعبر هيئة الأمم المتحدة وهنا أعلنت الصين وروسيا رفضهما للمبادرة العربية والقرار الغربي، فنفش الطاووس الأسدي ريشه بكل ما يملك من الغطرسة والغرور فكان سقوط هذا القرار وثيقة لقتل الكثير من السوريين وتدمير البلاد باستخدام الترسانة العسكرية التي كان يعدها وهماً لقتال العدو الصهيوني. بجانب الصين وروسيا هناك حزب الله والنظام الإيراني الذي يُشارك الكثير منهم في أعمال القتل والقنص والمداهمات بحق الشعب السوري، النظام الإيراني الذي يعتبر البعث العراقي عدواً له يُساند بما يمتلك من العداء للأمة العربية وشعبها البعث السوري هذه المساندة لا تعني إلا شيئاً واحداً، ألا وهو أن حياة حزب الله والتأييد العربي الرسمي الوحيد للنظام الإيراني مع بقاء الدولة الأسدية. وهكذا تكون مصالح هذه الدولة وذلك الحزب تتقدم على أهمية وحياة الشعب السوري. الأسد لم يقرأ جيداً ما حدث في تونس ومصر وليبيا، وبالذات في ليبيا، الرئيس الليبي الراحل قاتل عن عرشه حتى آخر نفسه ولكنه لم ينتصر، كان يملك المليارات والمليارات لكنه لم يمتلك شعباً ولم يستطع خلال (42) سنة أن يؤسس دولة ديمقراطية حديثة. فسوريا وبعد (42) سنة من حُكم الدولة الأسدية ملكت حزباً لكنها لم تمتلك شعباً، وها هو وريثها يقاتل عن العرش الأسدي بما يملك من الترسانة الروسية والإيرانية من الأسلحة. ومازالت المعركة دائرة بين الشعب والدولة الأسدية منذُ أن انتقلت شرارة الربيع العربي إلى سوريا التي صُرعت بأرضها وبناسها، أحداثها فرقت بين شعبها، فأصبحت من دولة ممانعة للعدو الصهيوني إلى دولة ممانعة للشعب السوري. وحال الرئيس و(جيشه وأمنه وأسلحته) يقول.. إما الأسد أو حرق البلد.. فلمن يكون النصر.. للأسد أم للشعب؟
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}