طــــــــــــارق مصـــــــــــــــــــــباح [email protected]
قصة الشيخ الذي جمع أبناءه حوله حينما أحس بدنو أجله، وأعطاهم عوداً من الخشب وطلب منهم كسره، فكسروه. ثم جمع عدداً من الأعواد وطلب من أبنائه تكسير المجموعة فلم يقدروا! أنشد فيه الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا لسنا اليوم بصدد وجود أو عدم وجود أيادٍ خفية تسعى لخلخلة وحدة الصف في مجتمعنا، سواءً على المستوى الإقليمي أو الوطني أو حتى الديني! ولكنني أسال البعض ممن غيب عقله: «هل تقرأون التاريخ»؟ هل تعرفون مبدأ الاستعمار «فرق تسد».. إنه مصطلح سياسي عسكري اقتصادي، ويعني: تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها، كذلك يتطرق المصطلح للقوى المتفرقة التي لم يسبق أن اتحدت والتي يراد منعها من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها. نواصل لنتواصى فيما بيننا فيما يتعلق بالاجتماع والائتلاف، عسى أن يكون الاجتماع الذي يدعو إليه المصلحون، والتآلف الذي يدعو إليه المهتدون، أقرب نجاحاً وأكثر سداداً وأضمن عاقبة وأعمق أثراً. فما أحمدها من عاقبة عندما نرجع إلى هذه الوثائق التاريخية، عوداً إلى الماضي المجيد لنستلهم منه الدروس والعبر في هذا الحاضر العاثر..! العدو ماضٍ في إحداث التفرقة بين أفراد المجتمع الواحد ليسهل السيطرة عليه. بهذه القاعدة عملت الدول الاستعمارية العظمى خلال فترة الاستعمار، فاستخدمت التفرقة العنصرية المبنية على اللغة أو العرق أو الدين، لإحكام السيطرة على دول كالهند وسيريلانكا. وكذلك تم تقسيم دول العالم الإسلامي والعربي ورسم الحدود بعد الحرب العالمية الثانية، لتسهل السيطرة عليها. ثم جاءت إسرائيل واستخدمت التفرقة العنصرية المبنية على أسس الفروقات الدينية فتسببت بالحرب الأهلية والرابح كان إسرائيل، أيضاً كان للموساد دعم كبير لأقليات في سوريا والعراق وإيران، لتحقيق مصالح سياسية لإسرائيل. وأخيراً قاعدة «فرق تسد» استخدمت في الحرب على العراق، فتم تقسيم العراق إلى أقاليم بحسب الانتماءات العرقية أو الطائفية وتداعياتها لاتزال ترى للناظر في حالة الشعب العراقي المنكوب. ما أحوجنا لقراءة التاريخ، ما أحوج شبابنا لاستلهام العبر والعظات منه، وإنما جاءت هذه الصفحات لبيان الطريق الذي أدى لتمزيق الروابط التي كانت بين القلوب التي جمعها الوطن الواحد، وإنما نحن نريد أن نقرأ التاريخ لتطهير المجتمع من ضروب العيوب، فجاءت صفحات التاريخ لتكشف أهمية معرفة مداخل الأعداء لتوهين وحدة الكلمة والتأكيد على أن وحدة الصف مقصد عظيم وبالغ الأهمية، فالأمة ذات الصف الواحد لا يمكن لعدوها اختراقها أو احتلالها، جسدياً أو فكرياً.