كتب – جعفر الديري: لا أحد ينكر على المرأة حاجتها للحب والحنان؛ فقد خلقها الله تعالى؛ جنساً لطيفاً؛ سريع التأثر. وإذا كان الشاب عندما يتقدم لخطبة فتاة ما؛ يضع من بين شروطه فيها؛ أن تكون حساسة وحنونة، تشعر به وبما يعتمل في قلبه؛ فإن الفتاة تضع هذا الشرط على رأس الشروط؛ فهي لا ترغب في الاقتران بشاب معروف بالقسوة والغلظة؛ لأن تكوينها النفسي مبني على الرأفة والرحمة. تلك طبيعة الأنثى، تتأثر بأقل الأشياء؛ فكيف لو أحسّت أن زوجها؛ لم يعد يكن لها من مشاعر الحب الشيء الكثير، أو على الأقل لم تعد تشكّل له تلك الأنثى التي شغلت باله؛ ففضلها على جميع النساء؛ زوجة وأمّاً لأبنائه؟! ماذا لو شعرت أن زوجها أخذ يلاحق النساء الأخريات بعينية، بعد أن ملّ منها؛ أو ضجر من صحبتها؟!. لا شك أن هذا الأمر سيخلف في نفسها وفي أسرتها؛ أثراً مدمّراً!، ما لم تبادر إلى كبحه. وسيزيد الأمر سوءاً، عندما لا تتحلى بالصبر والإيمان، والقدرة على المعالجة، منساقة وراء غريزة الأنثى؛ وخوفها من انهيار بيتها!. المرأة وتبدّل مشاعر الزوج، موضوع تطرحه (الوطن)، مناقشة الأسباب والنتائج... ترى الموظفة زينب علي؛ أم لأربعة أولاد؛ أن الفتيات قبل الاقتران، يحلمن بالزوج الرومانسي، الساحر وقوي الشخصية، وكأنهن سيتزوجن من شاب من عصور الفروسية؛ وليس شاباً من جيل اليوم، أسيراً لمتطلبات الحياة الصعبة، ولعصر السرعة. لذلك عندما يقترّن بالزوج، يكتشفن الفارق الكبير بين الأحلام والواقع. ويصدمن بمتطلبات الزوج والأولاد. والمسؤولية الملقاة على أكتافهن. وهنا تتجلى أهمية المشاعر بالنسبة لهن أكثر. فإذا كانت صورة الزواج قد اختلفت عما كنّ يتصورن؛ فليس أقل من أن تبقى مشاعر الزوج تجاه زوجته دافئة، تشعر معها بحبه وحنانه، وأنه يقدر لها القبول به زوجاً، لا أن يهملها؛ فتشعر وكأنها إحدى قطع الأثاث في البيت، يرغب في تبديلها متى شاء. لا شأن للحب بالظروف وتتابع علي: إن مشكلة الكثيرين؛ إنهم دائمو التعلل بلقمة العيش، التي تجبرهم على إهمال زوجاتهم، وكأن التعبير عن الحب والوداد، مقرون بالظروف، وليس نابعاً من القلب؛ فطالما شاهدنا أزواجاً رغم الحياة الصعبة لا يغفلن عن زوجاتهم، وطالما شاهدنا أزواجاً في يسر وغنى؛ لكنهم لا يعبئن بأزواجهم. حتى إنك لتتساءل؛ لماذا ارتبطوا بهن بالأساس؛ إذا كانوا لا يحملون لهن مشاعر طيبة؟ ولماذا تكلفوا من المال الشيء الكثير دون رغبة حقيقية بالاقتران بهم!. تغير أنماط الحياة من ناحيته يرجع الموظف حسن محمد، متزوج منذ خمسة عشر عاماً، تغير مشاعر شباب اليوم تجاه زوجاتهم؛ إلى أنماط الحياة العصرية، التي لم يعانيها جيله ومن سبقه، ونتيجة لذلك كان جيله أشد إخلاصاً للمرأة من جيل اليوم. ويوضح محمد: عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء؛ أجد أننا كنا نتقدم للزواج، وفي تصورنا أننا سننشأ أسرة سعيدة. طبعاً كانت لنا غرائزنا التي نسعى لإشباعها بالحلال، لكنها لم تكن كلّ شيء بالنسبة لنا. كانت الفكرة عن الزواج عبارة عن زوجين سعيدين، وأبناء يملأون البيت سعادة وهناء. وكان لدينا إحساس فطري؛ بأن الزوجة هي عماد البيت وسرّ سعادة من فيه، وشخصياً لم أتوان لحظة عن إسعاد زوجتي بالهدية أو الكلمة الطيبة على الأقل. ويضيف: أعجب لأمر شباب اليوم؛ الذين يشكون تعنّت أزواجهم، ورغبتهن الدائمة في الشكوى، وكأنهن من المريخ أو زحل!. ولو أنهم تبصروا قليلاً لوجدوا السبب صادراً عنهم، وليس عن زوجاتهم. عليهم أن يعوا أن المرأة إنسان لطيف، شديد الحساسية، ولا أسهل من الوصول لقلبها، هي فقط تطلب معاملة طيبة لا غير؛ حتى إذا شكت صعوبة الحال، والأزمات التي تعصف بها وبأسرتها، فإن ما يدفعها إلى ذلك؛ خوفها على عشها الذي تجهد في الاحتفاظ به، وغيرة على زوجها، الذي يشكل كل شيء بالنسبة لها. عليكم أيها الشباب أن لا تغفلوا عن الكلمة الطيبة، فهي البلسم الشافي لجميع هموم زوجتاكم، ولها مفعول السحر في تغيير نفسيتها إلى الأفضل. تعدّد الإغراءات ليس مبرراً من جهتها تطرح الشابة دلال أحمد سؤالاً مفاده: هل يعدّ تعدد الإغراءات أمام الشاب؛ مبرراً لتبدّل مشاعره تجاه زوجته؟! وتجيب أحمد: عندما يتقدم الشاب لخطبة فتاة ما؛ لا يترك كلمة يعبر بها عن حبه وإخلاصه إلا واستخدمها، لكنه ما إن يمتلك الزوجة، ويشعر بحاجتها له؛ حتى يتبدل ثلاثمائة وستون درجة؛ فهو لا يكتفي بالصمت، بل تنصب نظراته على الفتيات، دون حياء، أو مراعاة لمشاعر زوجته. وعندما تسأله عن ذلك يجيبها بأن الإغراءات كثيرة، ولا بأس بالتطلع في النساء؛ طالما أنها لا تقود إلى منكر!. وكأنّ الزوجة خشبة لا تشعر، ولا تدرك مغزى نظراته؟! لو أنه عندما يجلس معها يشعرها بأهميتها؛ بهدية أو كلمة؛ لكان من الممكن أن تلتمس له العذر؛ أما أن يهملها، ثم تتلقف عيناه النساء! فإنه أمر لا يمكنها احتماله. الزوجة مسؤولة أما الشاب إياد إبراهيم؛ فيعتقد أن الفتاة مسؤولة كذلك؛ عن تبدل مشاعر زوجها تجاهها. وهو إذ يطرح وجهة نظره هذه؛ يشير إلى كثير من المشكلات تضخمها الزوجة لدرجة مهولة، تسرق من الزوج الهدوء والسكينة؛ اللذان ينشدهما أي رب أسرة. يقول إبراهيم: عندما تذهب الزوجة مع زوجها إلى السوق، وتختار أغلى البضائع تشتريها، ثم يعتذر لها بالموازنة؛ فتغضب منه وتتهمه بالبخل، وتظل طوال الطريق ساكتة واجمة؛ كيف له أن ينطق بكلمة طيبة؟! عندما تمتدح أخوها باستمرار أمامه؛ وتثني على قوته وجماله وشبابه؛ كيف له أن يقول كلمة طيبة لها؟ عندما تشكو من وضعها معه؛ وتقارن بينه وبين أمسها في بيت أبيها؛ كيف له أن ينطق بكلمة طيبة؟! أمثلة كثيرة، تدلل على أن الزوجة هي من يعكر صفو علاقته بزوجها. فليس من العدل في شيء، لوم الرجل فحسب. وإذا كانت الزوجة سرّ سعادة البيت؛ فهي أيضاً تستطيع أن تحوّل بيتها إلى جهنم؛ لا تبقي ولا تذر. ويواصل: أمر آخر في غاية الأهمية يتعلق بهذه المسألة، وهو اهتمام الزوجة بصحتها ورشاقتها. فكما إنها ترغب بأن يحتفظ زوجها بشبابه، وأن يهتم بصحته؛ عليها أن تعنى برشاقتها. صحيح أنها تحمل وتلد، والزوج لا يتحمل ذلك؛ لكن ذلك ليس مبرراً لتهمل صحّتها، فمتى وجدته يسترق النظر إلى هذه وتلك، فالتعلم أنها من يعينه على ذلك؛ بسبب إهمالها. وإذا كانت تشكو إهماله لها، وسكوته الدائم، فلتبحث عن السبب في سلوكها هي. ويتابع إبراهيم: أنا لست متعصباً ضد المرأة، لكنها ليست ملاكاً، وهي تخطأ كما يخطأ الرجل تماماً، وإذا كانت تتأثر فهو يتأثر أيضاً، فهو إنسان من لحم ودم، وإذا أرادت من الرجل أن لا تتبدل مشاعره، فإن مفتاح ذلك بيدها. وإذا كانت كلمة طيبة تؤثر بها؛ فإن الرجل أيضاً تسعده كلمات الشكر، والدعاء له بالقوة وطول العمر. واقع يشقى فيه الطرفان كلما اضطرت إلى ركوب السيارة معه؛ كلما هيأت نفسها لتقبل ألم جديد؛. زوج ذو حظ كبير بزوجة جميلة وطفلين رائعين، ووظيفة محترمة وبيت واسع، ومع ذلك، لا تمر فتاة أو امرأة؛ إلا وتفحصها من أعلاها إلى الأسفل. في البدء لمّحت له ضاحكة، ثم اضطرت إلى الصراحة، لكنه لا يجد في ذلك بأساً؛ فهو يحبها ولا يمكن لأي امرأة أن تشغل قلبه سواها. هراء ما بعده هراء!. إنه لا يحبها، ولا يعنى بأمرها؛ موظف حكومي، والمال متوافر والحمد لله، ولا حاجة به للعمل؛ ومع ذلك يتركها طوال اليوم؛ ليقضي بقية يومه مع أصحابه في المقهى. حتى في المناسبات، لولا تنبيهها إياه؛ لما تكرم بهدية بسيطة، يدفعها لها وهو يقول: لكي لا تقولي إنني لا أعنى بأمرك!. رجل بلا مشاعر مع استقرار أخيها في بلد غير بلده؛ اكتملت حلقة العذاب التي تحيط بها. الآن لا أحد يعينها على هذا الزوج. ولا على متابعة شؤون أبنائها وبنتها الصغيرة!. لقد بلغ الإهمال بزوجها؛ أن صارحها بأنه لا شأن له بالبيت، فقط عليه الوفاء بالمال، وعليها هي أن تقوم بكل شيء. أية ظروف صعبة تعيشها، وأي حظ سيء أن تقترن بزوج لا يحمل من الأحاسيس سوى حب المال، والمتع الرخيصة. لم يحدث يوماً أن أهداها شيئاً، فقط يضع المال على الطاولة في كل صباح فلا تراه سوى ليلاً!. بيت من جحيم لماذا دونا عن جميع الناس؛ قدّر له أن يعيش العذاب ضعفين؛ في الوظيفة التي يشقى بجحيمها؛ وفي بيته الذي لا هدوء فيه. عندما يحين موعد الانصراف من العمل، يسرع بالهرب، لكنه يتوقف عند أول الشارع، ويهزّ رأسه. تعيس هو؛ يعاني من زوجة هي المشاكل بعينها، تأكل زاده، ثم تشتكي لأمها فقره. لم يسمع منها يوماً كلمة تثني فيها على ما يبذله من جهد، ولا على إيمانه وورعه وتقواه.