^   في وقفة وطنية وقومية صادقة؛ أكد وزراء الداخلية بأقطار مجلس التعاون الخليج العربي خلال اجتماعهم التشاوري الثالث عشر الذي انعقد في الرياض في الثاني من مايو الجاري، أكدوا رفضهم للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للأقطار العربية في الخليج العربي، مؤكدين ضرورة أن تحترم إيران مبادئ حُسن الجوار وعدم التدخل في شؤون أقطار الخليج العربي، ويُمثل هذا الموقف “موقف جماعي عربي خليجي موحد” من أجل التصدي للمخططات التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي. إن استمرار التهديدات الإيرانية لأقطار مجلس التعاون يتطلب تعاوناً أمنياً واتحاداً سياسياً وعسكرياً بين أقطار التعاون، لكون هذه التهديدات ليست آنية ومؤقتة بل هي في استمرار وتصاعد مستمر، الأمر الذي يُعرض هذه الأقطار إلى الاضطرابات وعدم الاستقرار وبتداعياتها السياسية والأمنية والاقتصادية، بجانب الحملات الإعلامية المغرضة، واستغلال بعض الأفراد والمنظمات الحقوقية والإعلامية للقوانين التي تسمح لدخول الأفراد الأجانب تحت ذريعة السياحة. إن هذه التهديدات تتطلب مواقف مشتركة في الرؤية والالتفاف حول هدف واحد ألا وهو الحفاظ على هوية أقطار مجلس التعاون العربية، هذه الهوية التي مازالت تتعرض للاجتثاث من قبل قوى ترى أن حقها مازال موجوداً على هذه الأراضي، وتتعرض إلى الابتزاز من قبل القوى الحقوقية الدولية التي تعمل على نشر الفتن والاضطرابات في البلاد تحت ذريعة الدفاع عن الديمقراطية وعن مبادئ حقوق الإنسان. إن المرحلة الحالية تتطلب سريعاً انتقال الأقطار العربية في الخليج العربي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتأسيس استراتيجيات سياسية وأمنية وعسكرية مشتركة بينها، لتكون على أهبة الاستعداد الدائم لرصد وتحديد المخاطر والتهديدات الموجهة إليها، وأن تسعى جهود أبناء أقطار مجلس التعاون وقياداته إلى تعزيز العمل الوطني والقومي، والتأكيد على وجود إعلام وطني قومي يواجه كل الحملات الإعلامية الشرسة التي تسعى إلى شق الصف العربي ونشر الفكر الطائفي والسموم التي تعمل على زعزعة أمن واستقرار أقطارنا العربية الخليجية. إن استمرار الاحتلال الإيراني للجزر العربية الثلاث والتهديدات الموجهة إلى قادة أقطار مجلس التعاون وإذكاء نار الصراعات في المنطقة يتطلب موقفاً عربياً خليجياً موحداً، وموقف هذا الاجتماع التعاوني ضد استمرار احتلال إيران للجزر العربية الثلاث ومن أحداث البحرين يعد جزءًا لا يتجزأ من الموقف الوطني القومي العربي، لكون ما يتعرض له أي قطر خليجي يمسُ جميع الأقطار العربية الخليجية، وأن أمن البحرين والإمارات هو أمن كل أقطار مجلس التعاون، فالأمن الخليجي واحد لا يتجزأ، وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. فإذا كانت هناك أية صراعات سياسية بين واشنطن وطهران فيجب ألا تكون الساحة العربية والخليجية مكاناً للتناوش والتحارب بينها، وإنما يتم تصفية هذه الصراعات وتسديد الحسابات البينية في تلك العاصمتين، وعدم إشغال المنطقة بهاجس الخطر الدائم. ولا يخفي على أحد بأنه ليست هناك أية صراعات بين العاصمتين الأمريكية والإيرانية بل هناك تنافس على كسب المزيد من المصالح في المنطقة العربية. فالعراق أكبر شاهد لهذه الصراعات الوهمية والاتفاقات البينية بينهما والتي أدت إلى تمزيق الشعب العراقي وتقسيم أرضه وسرقة ثرواته، وما حدث ويحدث في العراق أثر كثيراً على المنطقة العربية الخليجية. إن أقطار مجلس التعاون كغيرها من دول العالم حريصة جداً على الحفاظ على أمنها الوطني، وكما تستبسل الدولة الإيرانية في الدفاع عن أمنها الوطني والإقليمي فمن حق هذه الأقطار أيضاً العمل من أجل إقامة منظومة أمن جماعي للدفاع عن أوطانها وذلك إيماناً بأن أمن الخليج العربي وأقطاره هي مسؤولية خليجية وعربية، وهل تساءلت الدولة الإيرانية يوماً لماذا هذه الأقطار تعمل على زيادة إجراءاتها الأمنية بين فترة وأخرى؟ أليست التهديدات الإيرانية المستمرة هي أحد الأسباب؟ فلماذا لا تغير الدولة الإيرانية نهجها العدواني المستمر تجاه الأقطار الخليجية وقيادتها وشعبها؟ أليس الاستقرار في منطقة الخليج العربي يخدم جميع الأطراف؟ أليس هو الأفضل من الرغبة الاستقوائية الإيرانية؟ إن الدولة الإيرانية لا ترغب في أن يتحقق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة الخليجية إلا بعد فرض سياسة الأمر الواقع ضمن رسم خرائط جديدة لتسويات تدفع ثمنها أجزاء من الأقطار العربية الخليجية وشعبها، وهذا الدور نقيض لكل حديث إيراني عن علاقات الصداقة وحُسن الجوار والأخوة الإسلامية. وهنا تنكشف حقيقة الدعوة الإيرانية حول سياسة “الأمن الجماعي الإقليمي” مع أقطار مجلس التعاون التي تهدف إلى تمكين إيران من فرض الأمن الإيراني على منطقة الخليج العربي وتحويلها إلى منطقة نفوذ أمني إيراني وبتعاون أمريكي وتآزر صهيوني. إن الموقف الوطني والقومي الذي تبناه اجتماع وزراء داخلية مجلس التعاون للخليج العربي يؤكد عروبة الجزر العربية الثلاث، ومدافعاً عن عروبة وسيادة مملكة البحرين، وهو يختلف في المعنى والجوهر عن خطاب الرئيس الإيراني في قوله (إن الشعب الإيراني يؤيد الاعتدال والسلام، لكن العالم يجب أن يعرف أن إيران سترد بتصميم على أي عدوان على وجود ووحدة وسلامة أراضيها)!! ويقصد بالأراضي هنا هي “الجزر العربية الثلاث” لكون الأراضي الإيرانية لا تواجه أي تهديد؛ وعندما يتحدث الرئيس الإيراني عن رفضه للوجود الأجنبي في منطقة الخليج العربي.. فماذا يُسمي سيادته الوجود العسكري والأمني المكثف في العراق؟ وماذا يُسمي احتلال الدولة الإيرانية لإقليم الأحواز العربي؟ إلا أن وزير الدفاع الإيراني قد وضع النقاط على الحروف في قوله (إن الجزر الثلاث هي جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية)، وتأكيداً على ذلك.. فالقائد العام للجيش الإيراني قال (إن القوات المسلحة الإيرانية لن تسمح لأي جهة بالتطاول على الجزر الإيرانية الثلاث)!! إن استمرار هذه السياسة الإيرانية يتطلب رؤية خليجية وطنية صادقة وموقف عربي ثابت من هذه القضية ومن جميع قضايانا العربية، فالصراع بين العرب والدولة الإيرانية قديم ولم يستطع الدين الإسلامي أن يجتث هذا الصراع، بل إن الصراع في ازدياد، فالعرب يرغبون في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الخليج العربي، ولكن كيف يتحقق ذلك مع وجود هذه المطامع الإيرانية؟ الرؤية الوطنية والقومية الصحيحة للأمن الخليجي العربي هي تأسيس أمن للأقطار الخليجية العربية ذي عمق عربي وبامتدادات عربية.