بقلم - عماد حسن أبو العينين: في مجال الصّبر على المصائب نجدُ السميراء بنت قيس -إحدى نساء بني دينار- وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحُدٍ؛ فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: خيرًا يا أمَّ النعمان هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتّى أنظر إليه، قال: فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل. وهذه أسماء بنت أبي بكر يدخل عليها الحجاج بن يوسف بعد ما قتل ابنها عبد الله بن الزبير -وقد صلبه على جذع فوق الثنيّة- فقال: أرأيتِ كيف نصر الله الحق وأظهره فقالت: ربما أديل الباطل على الحق وأهله وإنك بين فرثها والجنة فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وقد قال الله تعالى: “ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ندقه من عذاب أليم” وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم، قالت: كذبت كان أول مولود في الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنَّكَه بيده وكبَّر المسلمون يومئذ حتى ارتجَّت المدينة فرحًا به، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله، فمن كان فرح يومئذ بمولده خير منك ومن أصحابك، وكان مع ذلك برًّا بالوالدين صوَّامًا قوَّامًا بكتاب الله معظّماً لحرمة الله؛ يبغض من يعصي الله عز وجل، أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول: سيخرج من ثقيف كذّابان الآخر منهما شرٌّ من الأول، وهو مبير فانكسر الحجاج وانصرف. وقيل لابن عمر: إن أسماء في ناحية المسجد فمال إليها وقال: إن هذا الجسد ليس بشيء؛ وإنما الأرواح عند الله فاتقى الله واصبري، فقالت: وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل. وهذه معاذة بنت عبد الله، السّيدة العالمة، أم الصَّهباء العدويّة البصريّة العابدة، زوجة السيّد القدوة صلة بن أشيم، لما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها، فقالت: مرحبًا بكُنَّ، إن كُنتنَّ جئتن للهناء، وإن كنتنَّ جئتن لغير ذلك فارجعن. فالصَّبْرَ الصَّبْرَ يا نسَاءَ فلسطين، وليكن في هؤلاء السَّلف الصَّالح قدوةٌ لكُنَّ فموتاكم شهداء في الجنَّة، قال تعالى عنهم: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران 170-171. وفي مجال التقوى والورع نجد ميمونة بنت شاقولة الواعظة التي هي للقرآن حافظة، ذكرت يومًًًا في وعظها أن ثوبها الذي عليها وأشارت إليه له في صحبتها تلبسه منذ سبع وأربعين سنة وما تغيَّر، وأنه كان من غزل أمها. قالت: والثوب إذا لم يُعْص الله فيه لا يتخرق سريعاً. وقال ابنها عبد الصمد كان في دارنا حائطٌ يريد أن ينقضَّ فقلت لأمي: ألا ندعو البنَّاء ليصلح هذا الجدار فأخذتْ رقعة فكتبتْ فيها شيئاً ثم أمرتني أن أضعها في موضع من الجدار فوضعتها؛ فمكث على ذلك عشرين سنة، فلما توفيت أردت أن أستعلم ما كتبت في الرقعة، فحين أخذتها من الجدار سقط، وإذا في الرقعة: إنَّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا، اللهم مُمْسِك السموات والأرض أمسكه. وما كان هذا ليكون إلا بقوة الإيمان واليقين والتوكُّل على الله في الأمر كلِّه، فهل في نسائنا العابدات القانتات التي لو أقسمت على الله لأبرها؟!. وأيضاً هذه رابعة العدوية، قالت عنها عبدة بنت أبي شوال: كانت رابعة تصلي الليل كله، فإذا طلع الفجر، هجعت هجعة حتى يسفر الفجر، فكنت أسمعها تقول: يا نفس كم تنامين، وإلى كم تقومين، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا ليوم النشور.