بقلم - محمد أحمد المعلا: يعرف أهل الأصول مقاصد الشريعة بأنها: “الغاية من الشريعة والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها”. وقد وضع العلماء تصوراً لمقاصد الشريعة في المعاملات وبينوها في مؤلفاتهم لما له من أهمية وضرورة بالغة في هذا العصر الذي غدت الحاجة في ماسة إلى إبراز مقاصد الشريعة في سائر التكاليف الشرعية. تتمثل رغبة الشارع الحكيم في الحفاظ على استدامة تنمية المال وديمومة تداوله، ولذا استخلص العلماء من ذلك مقاصد الاستثمار من منظور إسلامي فيما يلي: الأول: حفظ المال وتنميته إن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لمجتمع ما يتوقف بالدرجة الأولى على مدى محافظة أفراد ذلك المجتمع على تنمية الثروات واستغلال الموارد الطبيعية بشكل أمثل، ولم يرتق مجتمع قط بدون تظافر أفراده على العمل الدؤوب في حسن التصرف بالموارد وتنميتها، ولذا فقد وجهنا الإسلام إلى حفظ المال وتنميته بالسبل المشروعة، فأحل الله البيع وحرم الربا، وجعل الزكاة ركناً من أركان الإسلام الخمسة، كما حرم الاكتناز، وحث على استثمار أموال الأيتام وغيرها مما يؤدي إلى تنمية المال وزيادته. الثاني: ديمومة تداول المال إن تنمية المال وزيادته تقتضي ضرورة تداوله وتقلبه، ولهذا فإن هذا المقصد يروم على ضرورة التجاوز بالمال من أن ينحصر عند تنميته في أيدي فئة قليلة من المجتمع، وبدلاً من ذلك لا بد من سلوك وسائل تنموية من شأنها إشراك عدد غير قليل من أفراد المجتمع في تقلب المال المراد تنميته وتثميره امتثالاً لقوله جل وعلا: (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ). وقد حرّم الإسلام جملة من الوسائل والسبل الاستثمارية الموهومة والتي تحول دون تحقيق ديمومة تداول المال ومن أبرزها بمفهومه الاحتكار وهو حبس الشيء مع حاجة الناس إليه بقصد إغلاء سعره. الثالث: تحقيق الرفاهية الشاملة للفرد والمجتمع إن للشارع الحكيم غاية سامية يسعى إلى تحقيقها وهي إزالة الفقر والفاقة على أفراد المجتمع الإسلامي، فمقصد تحقيق الرفاهية الشاملة للفرد والمجتمع يشكل أحد المقاصد الأساسية للاستثمار فمهمة الاستثمار لا تتوقف عند تنمية المال وزيادته بل تتجاوز إلى دائرة تحقيق الرفاهية والسعادة للفرد والمجتمع عن طريق توظيف ناتج الاستثمار في إشباع الحاجات الإنسانية الأساسية، وإزالة كافة الأسباب الرئيسة للمتاعب وتحسين نمط الحياة مادياً ومعنوياً.