لوح البنك المركزي الأوروبي أمس الأربعاء بإمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو. وأشار اقتصادي ألماني بارز وعضو في مجلس إدارة البنك إلى إمكانية ذلك إذا لم تلتزم ببرنامج التقشف المتفق عليه مع المانحين الدوليين. وهذه هي المرة الأولى التي يتناول فيها مسؤول في المركزي الأوروبي الحديث عن مثل هذه الإمكانية وذلك في ظل النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد الماضي في اليونان والتي يمكن أن تضع الحزب اليساري الراديكالي على رأس السلطة في البلاد.
برامج التقشف
وكان عضو في حزب "الائتلاف اليساري الراديكالي" (سيريزا) قال إن ألكسيس تسيبراس (37 عاما) زعيم الحزب بعث برسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي أخبرهم فيها بعدم التزام أثينا ببرنامج التقشف الاقتصادي الذي كان شرطا جوهريا للموافقة على منح اليونان حزمة مساعدات جديدة لإنقاذها من الإفلاس بسبب أزمة الديون الخانقة التي تعانيها.
وفي مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية قال يورج أسموسن عضو مجلس إدارة المركزي الأوروبي إن من غير الممكن لليونان أن تضع في اعتبارها إمكانية أن يكون لدى المركزي الأوروبي استعداد للتفاوض من جديد بشأن برنامجها الإصلاحي. وقال أسموسن إن من الواجب أن يكون واضحا بالنسبة لليونان أنه ليس هناك بديل آخر للبرنامج الإصلاحي المتفق عليه إذا ما أرادت أن تظل عضوا في مجموعة اليورو.
تردد واضح
وتؤكد اليونان التي ما زالت تسعى إلى تشكيل حكومة، استعدادها لمراجعة التزاماتها حيال سياسة التقشف التي رفضتها أعداد كبيرة من الناخبين، الأمر الذي يثير الذعر في الأسواق ويعيد طرح مسألة بقائها في منطقة اليورو.
وفيما بدت اليونان التي يحكمها منذ نوفمبر 2011 ائتلاف حكومي يؤيد سياسة التقشف، مقتنعة بالتضحيات والاصلاحات التي يتعين عليها القبول بها، فقد أعادت الانتخابات التشريعية خلط الأوراق. وقبل أسبوع بالتحديد، كان المحافظون في حزب الديمقراطية الجديدة والاشتراكيون في حزب باسوك الذين يتقاسمون السلطة منذ 38 عاما، يقولون إنهم يضمنون بقاء البلاد في منطقة اليورو عبر التطبيق الدقيق لخارطة الطريق التي أعدتها الجهات الدائنة للبلاد، وهي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.
مواقف جديدة
لكن المسؤولين الاشتراكيين والمحافظين أعادوا النظر في مواقفهم فور صدور نتائج الانتخابات التي اكدت فوز الاحزاب الرافضة لالتزامات اليونان حيال دائنيها. واعتبر انطونيس سماراس رئيس حزب الديمقراطية الجديدة مجددا الثلاثاء ان "اعادة التفاوض" حول الاتفاقيات من اجل "انعاش الاقتصاد" و"طمأنة المجتمع" امر "يتسم بالواقعية التامة".
ووجه الرسالة نفسها منافسه الاشتراكي وزير المال السابق ايفانغيلوس فنيزيلوس الذي قال ان احترام خيار الناخبين يعني البحث عن افضل تعديل ممكن لبنود برنامج التقشف "للمساعدة على صعيد التنمية وحماية مستوى حياة المواطنين. ولا ينوي زعيم اليسار اليوناني الراديكالي (سيريزا) اليكسيس تسيبراس المساهمة في عودة الهدوء بعدما بعث الى الجهات الدائنة (صندوق النقد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي) رسالة قال فيها ان قرار الشعب يجعل التزامات البلاد لاغية وكأنها لم تكن.
وانهيار الحزبين التاريخيين المؤيدين لسياسة التقشف، بحصولهما على 32% من الاصوات التي حرمتهما من اي امل بتأمين اكثرية مطلقة، حمل اليسار اليوناني الراديكالي على ان يصبح القوة السياسية الثانية في البلاد.
وتجمع الاحزاب الخمسة الاخرى التي دخلت البرلمان، والرافضة جميعا سياسة التقشف، اكثرية من 151 مقعدا من اصل 300، لكن من دون امكانية قيام تحالف. لكن حزبي باسوك والديمقراطية الجديدة لم يستسيغا رسالة اليكسيس تسيبراس. فمع الاعراب عن تأييدهما اعادة التفاوض، فانهما يشددان على ضرورة بقاء البلاد في منطقة اليورو، متهمين تسيبراس بانه يلعب بالنار. واكد فنيزيلوس استعداده للتعايش مع اليسار اليوناني الراديكالي في حكومة "وحدة وطنية"، لكنه طلب منه اعادة تأكيد موقفه المؤيد لاوروبا في الحكومة المقبلة.
واعتبر سماراس ان مقترحات اليكسيس تسيبراس تقود مباشرة الى الافلاس والخروج من اليورو. وحذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن في بروكسل من انه لا يستطيع اي بلد في الاتحاد الاوروبي ان يفرج حتى عن جزء بسيط من الـ130 مليار يورو التي وضعناها في تصرف اليونان اذا لم تتشكل حكومة ناشطة تحترم القواعد المعمول بها وتتولى ادارة الاموال المدفوعة.