^ تصدرت الرئيس التنفيذي لبنك (الكويت الوطني) الكويتية شيخة البحر قائمة أقوى سيدات الأعمال العربيات في الشركات المساهمة للعام 2012. كشفت عن ذلك آخر دراسة أجرتها مجلة (فوربس - الشرق الأوسط) في عدد شهر مايو من العام ذاته. نجحت البحر كما تكشف عن ذلك الدراسة التي أجرتها المجلة في “قيادة البنك لتحقيق أرباح فاقت المليار دولار ولتحوز استحقاق لقب السيدة الأولى”. جاءت بعدها ثانية في الترتيب السعودية لبنى العليان التي تشغل حالياً منصب عضو مجلس إدارة (البنك السعودي الهولندي)، وتعتبر كما تقول المجلة “من أشهر الشخصيات النسائية في المجال الاقتصادي السعودي”. أما المركز الثالث فكان من نصيب الأردنية دينا شومان التي تشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة مجموعة (البنك العربي). من البحرين كانت هناك سيدتا الأعمال أفنان الزياني ومنى المؤيد، وهذه الأخيرة إحدى مؤسسي بنك الإبداع للتمويل متناهي الصغر، وهو مؤسسة مالية بحرينية لا تتوخى الربح يتوقع لها أن تقدم تسهيلات مالية لما يقارب من خمسة آلاف مواطن بحريني خلال السنوات القادمة. وتلقي الدراسة بالضوء على معلومات تتناول واقع النجاح الذي حققته المرأة العربية قطاعياً وجغرافياً وثروة أيضاً. فعلى صعيد الثراء، على سبيل المثال، تتبوأ الإمارات قائمة السيدات العربيات الخمسين الأكثر ثراء بحصة قيمتها 117.6 مليون دولار تشكل 24 في المائة من القيمة الإجمالية لثروات سيدات الأعمال العربيات في الأسواق المالية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 498.2 مليون دولار، تتقدمهن سيدة الأعمال العربية مريم خلفان النعيمي التي تمتلك 69.1 مليون دولار حصيلة امتلاكها نسبة 22 بالمائة من أسهم (البنك التجاري الدولي). ويبدو أن الدراسة تحصر ثروات تلكن السيدات في قطاع المال والاستثمار فقط، إذ توقعت دراسة نشرتها مجلة الشرق الأوسط الاقتصادية “MEED” البريطانية في العام 2008 أن تبلغ “الأصول المملوكة للنساء في الشرق الأوسط التي تسيطر عليها النساء في منطقة الخليج العربية حوالي 385 مليار دولار بنهاية العام 2011”. وبخلاف ما قد يتوقعه القارئ الذي يتوهم أن الثروات مكدسة لدى سيدات الأعمال الخليجيات فقط، احتلت “سيدات الأعمال المصريات المرتبة الثانية بامتلاكهن مجموع ثروات وصلت إلى 102.8 مليون دولار”، يليهن في ذلك قطر التي جاءت “في المركز الثالث بسيدة واحدة تصدرت القائمة هي الشيخة آمنة بنت محمد آل ثاني وذلك بامتلاكها ما يقارب 86.9 مليون دولار عن حصتها البالغة 10 بالمائة في شركة (مجمع شركات المناعي) المدرجة في بورصة قطر”. وربما يستغرب الرجل العربي بدافع الغيرة أحياناً والذهنية الذكورية أحياناً أخرى هذا التميز النسائي، وفي قطاع في غاية الوعورة هو المال والاستثمار، لكن للمرأة العربية في الآونة الأخيرة بصماتها الناجحة على قطاع تحيط به عناصر المخاطرة أيضاً، وهو الإنتاج السينمائي الذي يعتبر أيضاً من القطاعات الصناعية الحديثة النمو نسبياً في المنطقة العربية، حيث كشفت مجلة مجلة “ديجيتال استديو” الدبوية، كما جاء على موقع “Business.com” اقتحام سيدات أعمال عربيات ممن لهن باع طويل في صناعة وإنتاج الأفلام، هن “رندة أيوبي الرئيس التنفيذي في شركة الأفلام المتحركة الأردنية (روبيكون)، والتي تصدرت عناوين الأخبار مؤخراً بسبب شراكتها مع استوديوهات هوليوود (إم جي إم) من أجل تطوير مسلسل الرسوم المتحركة للأطفال (النمر الوردي وأصدقائه)، وساندرا قوار الكاتبة والمخرجة التي كتبت قصة بعنوان (مدينة الأرواح المفقودة) واشتركت مع فريق شركة بريطانية لتحويل هذه القصة إلى فيلم سينمائي من الطراز الأول بكلفة تصل إلى 100 مليون دولار، ونائلة الخجا (29 عاماً) سيدة إماراتية معروفة نجحت في التعاون مع شركة إيطالية في إنتاج مشترك لثلاثة أفلام من الطراز الأول للسوق العالمية”. وللمرأة العربية مكانتها حتى على الصعيد العالمي؛ فقد نجحت أربع نساء عربيات في أن يكن ضمن قائمة مجلة “فوربز” لأقوى 100 سيدة في العالم التي تصدرتها المستشارة الألمانية إنجيلا ميريكيل في العام 2006. هؤلا النسوة العربيات كن الملكة رانيا، والمدير العام لبنك “غلف ون إنفستمنت” السعودية ناهد طاهر، ونائب الرئيس العضو المنتدب لبيت الاستثمار العالمي (غلوبل) الكويتية مها الغنيم، والرئيس التنفيذي الأعلى لمجموعة العليان المالية السعودية ليلى العليان”. كل هذه النجاحات، بما فيها المالية والتي قد تبدو عملاقة تتحول إلى حالات قزمة أمام ما حققته امرأة مثل الرئيس التنفيذي لمجموعة جي بي مورغان لإدارة الأصول ماري كالاهان ايردوز، التي لم تتجاوز ربيعها الرابع والأربعين. تدير إيرودز في هذا البنك الذي يشرف على 1.3 تريليون دولار، كما تقول فوربس “خامس أكبر مجموعة لإدارة الأصول في العالم، والتي تشمل ثاني أكبر صندوق للتحوط، وأبرز بنك خاص في البلاد والذي يخدم أكبر الأثرياء، إضافة إلى أكثر من 200 فئة استثمارية أخرى، في سنتها التقويمية الأولى على رأس عملها ارتفعت الأرباح بنسبة%20 لتصل إلى 1.7 مليار دولار في عائدات تقدر بـ 9 مليارات دولار”. كما لا يمكن أن نغفل أن مثل هذه النجاحات التي “انتزعتها” المرأة العربية من بين أيادي الرجال ما تزال تصطدم بكثير من العقبات التي لا يمكن التقليل من تأثيراتها السلبية على مسيرة إنجازات المرأة العربية. البعض منها يستمد قوته من الخلفية الحضارية العربية التي ما تزال تتحكم فيها عناصر التسلط الذكوري، والبعض الآخر له علاقته بالإرث الاجتماعي الذي ما يزال حاضراً بذهنيته القبلية، حتى في سلوك المرأة ذاتها. مثل هذه التركة الثقيلة هي ما تشير له بوضوح سيدة الأعمال المصرية عزة محفوظ أثناء مشاركتها في الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الثالث عشر في برلين في العام 2010، حين تتحدث عن العقبات التشريعية التي ما تزال تحد من طموح سيدات الأعمال المصرية، قائلة “إن المشكلة لا تكمن فقط في أن الرجل يحتكر بعض المجالات، إنما المشكلة أيضاً لدى النساء؛ فعلى سبيل المثال في مصر نحن سيدات الأعمال في حاجة إلى بعض القوانين والتشريعات التي لا يمكن أصدراها إلى بعد أن تنال المرأة مكانها في البرلمان”، مضيفة “أن النساء، اللواتي يحاولن التصدي لهذه المسألة من خلال ترشيح أنفسهن لا يحصلن في النهاية على صوت النساء، فأصواتهن تذهب إلى الرجال، وكأن النساء أنفسهن لا يقبلن نساء أخريات في دائرة صنع القرار”. المشكلة ذاتها واجهتها النساء الكويتيات اللواتي أخفقن في إيصال أي منهن إلى مجلس الأمة في الانتخابات الأخيرة، رغم أن نسبة من يحق لهن التصويت من الكويتيات تتجاوز تلك التي يتمتع بها الرجل. كل ذلك يجعل المرأة العربية أمام طريق طويلة وعرة، خصوصاً إن هي أرادت أن تقاس إنجازاتها بمعايير عالمية وليس عربية فحسب.