^   هذا السؤال افتراضي لكنه يشغل بال الكثيرين؛ وملخصه أنه لو توفي عبدالهادي الخواجة بسبب إضرابه عن الطعام منذ نحو ثلاثة أشهر(...) بغية إطلاق سراحه فهل يعد شهيداً مآله الجنة أم منتحراً عاقبته النار؟! الموت علينا حق ومع هذا لا نتمناه لأحد وإن اختلفنا معه، وما يؤلم أي بحريني يؤلم كل البحرين (ليس صحيحاً أبداً أن البعض يفرح إن أصيب الآخر بضرر فمعدن أهل البحرين لا يتغير). ما يدور الآن من كلام في الشارع في شأن الخواجة كثير ومتناقض، فالبعض يقول إنه يتناول الطعام بينما ينفي أهله ذلك ويصدقهم آخرون، والبعض يرى أنه بالغ في فعله هذا ويرى آخرون أنه لم يبالغ ويتمنون عليه أن يزيد. البعض يعتبره بطلاً ويمتدحه ويسبغ عليه أفضل النعوت بينما يعتبره البعض الآخر مجنوناً وباحثاً عن بطولة، وكذا الحال فيما يخص وفاته إن حدثت حيث البعض يقول إنه سيخلد مع الشهداء بينما البعض الآخر يقول إنه انتحار والمنتحر قاتل للنفس المحرمة وبالتالي فإن مصيره النار. ما يقوله هذا البعض وذاك وما بينهما من (أبعاض) يعبر في خاتمة الأمر عن تنوع واختلاف المجتمع البحريني الذي لم يختلف في أمور مثلما اختلف في الأحداث التي ابتليت بها البحرين منذ فبراير العام الماضي. كنت أتمنى لو يبدي أحد المشايخ من ذوي العلاقة بالشأن السياسي البحريني (وهم كثر سواء في الداخل أو الخارج) رأيه أو يصدر فتوى في شأن الخواجة فيقول إن الإضراب عن الطعام بهذا الشكل حلال وأن الآية الكريمة التي تنهى عن إيذاء النفس وإلقائها في التهلكة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (الآية 195 من سورة البقرة) لا تنطبق على حالة الخواجة لهذه الاعتبارات أو تلك، لكن هذا للأسف لم يحدث حيث لم يكلف أحد نفسه ببيان حرمة أو حلية هذا الفعل إن تبين أنه قد يؤدي إلى الفناء (الإضراب عن الطعام أساساً يمارسه السجناء السياسيون لفترات محددة بهدف الضغط على إدارة السجن بغية تحسين ظروف السجن أو المعاملة أو توفير حاجات محددة.. لكنه في حالة اتخاذه وسيلة لتخيير الدولة بين أمرين “الحرية أو الموت” فإن الأمر مختلف ولهذا فإنه يحتاج إلى بيان واضح من مشايخ الدين ليقولوا حرام هو أم حلال مع بيان الأدلة والبراهين من القرآن والسنة النبوية الشريفة). سكوت العلماء من ذوي العلاقة عن فعل الخواجة هذا يعني بشكل أو بآخر أنهم مؤيدون له ولفعله وأنهم ربما يفضلون الابتعاد عن أي فتوى تحرمه كي لا تكون عائقاً أمام وصوله ووصولهم إلى الأهداف المرجوة (وهذا تفكير براجماتي نفعي لا يتماشى منطقه مع أحكام الدين، وهو إن كان صحيحاً فإنه هو الآخر يحتاج إلى فتوى تحلله أو تحرمه). كان العلماء المعاصرون قد ناقشوا ودرسوا إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام واختلفوا، منهم من حرمه واعتبره وسيلة سلبية وأنه ليس في الدين شيء اسمه الإضراب عن الطعام واعتبروا من يموت بسببه منتحراً وأن الانتحار من كبائر الذنوب ومن استحله كان كافراً وأن حفظ النفس من كليات مقاصد الشريعة الإسلامية وأنه لا ينبغي أن تعرض النفس للإتلاف أو ما يوقع بها الضرر، ومنهم من أجازه بشروط وعلى ألا يؤدي إلى الموت لأنه يشبه الانتحار المنهي عنه والذي يعتبر من الكبائر.. وهو ما يعني أن الإضراب عن الطعام إن أفضى إلى الموت محرم عند الفريقين. لم يحقق الخواجة هدفه وقد لا يحققه، لكنه إن مات فهو في ذمة من “زهزه” له ذلك. ويش ولد عمي؟