^ أجد نفسي مرغماً على طرح موضوع تطرقنا له ذات مرة، وإصراري على العودة إليه لما في القلب من غصة بسبب ما جرى في منتصف القرن الماضي. لسنا نجتر التاريخ، ولسنا نفتح الجروح، إنما من واجبنا أن نقول للأجيال الجديدة والشابة والذين ربما لم يعرفوا حقائق التاريخ البحريني وما جرى من أحداث هي سبب فيما نحن فيه اليوم، وأن نقول للدولة أين الاستراتيجيات؟ حين اطلعت على ما جرى في فترة الخمسينيات وما بعدها وصولاً إلى الثمانينيات فإن حقبة الخمسينيات وما بعدها كانت من أكثر الحقب التي حدث فيها تجنيس نوعي لفئة معينة ربما بسبب القائم على إدارة الجنسية وقتها. تجنيس الخمسينيات وما قبلها وما بعدها أفضى إلى محاولة الانقلاب على الحكم في 2011 بمنطق كذاب وهو منطق الأكثرية المزعومة. هذا المفصل التاريخي الخطير من تاريخ البحرين جاءت نتائجه في فبراير 2011، وسبقت ذلك أيضاً محاولات فاشلة في الثمانينيات والتسعينيات. غير أن عام 2011 كان الأكثر شراسة وخطورة، ولا نعلم ما هو الآتي بعد 2011 من أزمات. المتعب لأهل البحرين نفسياً وفكرياً وسياسياً، أنه حتى اللحظة نشعر أن لا استراتيجية علمية، مدروسة وقوية، فعالة تعمل بها الدولة لمواجهة الاستبداد بخطف البلد. مع احترامي لكل ما يقال، لكن على أرض الواقع لم نر فيها أي تغيير، بل العكس ما فعلته الدولة هو أنها كرمت من يريد الانقلاب عليها، إما بوظائف أو بتعويضات أو بمناصب وبعثات. وهذا أمر مؤسف - أرجو تقبلها منا- فبوابة الانقلاب وهي التعليم بأنواعه المدرسي والجامعي والمهني مازال الوضع كما كان، وكأن شيئاً لم يحدث. فالانقلابيون سوف يعاودون الكرة، وهم الرابحون بكل المقاييس، انقلابهم كان مدفوع الأجر من الدولة، ومدفوع الأجر من الخارج (أمريكا، دولة خليجية، إيران، بعض تجار الكويت والسعودية، العراق، لبنان) فهم الرابحون. جمعية رعاية الإرهاب وتمويل الإرهابيين يقال إن تدفقات الأموال عليها من الخارج بلغت مرحلة خطيرة وقياسية، لذلك لن يقبلوا بأي حوار، المكاسب من الدولة البحرينية كبيرة، ومن الخارج أكبر، فلماذا يدخلون الحوار، والأموال تغرقهم؟ حتى الساعة لم تستوعب لا الدولة ولا وزير التربية ولا والوكلاء أن الأزمة حدثت من بوابة التعليم، وأن الاستيلاء على التعليم يعني الاستيلاء على البعثات بالتزوير أو غيره، وبالتالي الاستيلاء على الجامعات فالوظائف ومن ثم النقابات واتحاد العمال. هي حلقة مكتملة، يعمل عليها باستراتيجية من لا يحب الخير للبحرين، بينما الدولة لا تضع أي استراتيجية بالمقابل، وكأننا في مهب الريح. أخطر ما يمكن أن يحصل هو العبث بالتعليم وتركه لمن يخططون منذ سنوات طوال لاختطاف التعليم من الداخل، وكأن الدولة كانت تقول لهم (أي نعم تفضلوا)..! المسألة بالنسبة إلى أهل البحرين ليست في حدود ضيقة فقط، أو في حدود وزارة فقط، الدولة سلمت وزارات والقطاع المصرفي وكدست آخرين في وزارتين، هذا خطأ الدولة بامتياز. لكن ما يعنينا أنه بعد كل ما عصف من أزمات، فإننا لا نرى عملاً على الأرض كاستراتيجية لمواجهة اختطاف البلد. الآخرون وضعوا استراتيجيات منذ عقود من الزمن جاءت نتائجها في 2011، فأين استراتيجية الدولة؟ أين استراتيجية قوى المجتمع؟ أين التوجه للتعليم النوعي؟ أين الابتعاث للدول المتقدمة؟ أين.. وأين..وأين؟ في الفم ماء.. والأمل بالواحد الأحد..! رذاذ نبارك لمجلس إدارة جمعية الأطباء الجديد، ونتمنى أن يعمل مجلس الإدارة للمهنة وللوطن، وأن يكون له دور فعال في الأيام القادمة في مواجهة ما يحدث في مستشفى السلمانية. لكني أتساءل أين جمعية الأطباء من طلب التحقيق في قضايا كثيرة مست الناس وكان فيها خلل في ممارسة المهنة..؟ أتمنى أن نشاهد في الأيام القادمة تحركات قوية لجمعية الأطباء.