من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس والمال، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في أي مجتمع إلا باستتباب الأمن، لذلك فقد قدم الله نعمة الأمن على كل النعم ومنها نعمة الرزق فقد قال عز وجل في القرآن الكريم على لسان إبراهيم عليه السلام “ رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات” . والنبي صلى الله عليه وسلم رغم حلمه وصبره وحكمته إلا أنه لم يتهاون في التعامل بحزم مع كل من يهدد أمن الدولة الإسلامية أو أفرادها، أو يرتكب جرائم في حق المجتمع والناس ومثال ذلك ما اتخذه مع قبيلة عرينة الذين جاؤوه أمراضاً جائعين، فأحسن إليهم وأكرمهم فلما شفوا قاموا بقتل الرعاة وساقوا الإبل والغنم التابعة للمسلمين وكأن لسان حالهم ما قاله الشاعر: فإن أنت أكرمت الكريم ملكته .. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا، فلحق بهم عليه الصلاة والسلام وأقام عليهم أشد العقوبة وأغلظها، وكذا ما قام به من غزوات وهجمات استباقية وتأديبية لمن أخل بالأمن وتسبب بالفوضى في ربوع الجزيرة العربية. كما حرص الإسلام على قطع دابر كل من يعيثون في الأرض فساداً حتى ولو ادعوا أنهم يريدون الخير والإصلاح للناس قال تعالى: “ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد”. ولا يمكن أن يتقدم مجتمع من المجتمعات أو يحقق نهضةً علمية أو اقتصادية أوسياسية أو اجتماعية إلا بتوفر الأمن، وهذا ما دلت عليه تجارب الشعوب العريقة والأمم المتقدمة. إن ما حصل وما يحصل في البحرين في الفترة الأخيرة من أحداث وأعمال تخريبية تقلق الأمن وتعكر السكينة العامة والتي كان آخرها ما تعرضت له سيدة وابنها وهم في بيتهم من جراح نتيجة تفجير سلندر غاز قام به بعض المخربين، هذا العمل الذي لا يمكن أن يرضي أحداً من الناس الأسوياء، وكذا ما يقوم به هؤلاء من إحراق سيارات الشرطة وأفرادها وسد الطرقات وتخريب المدارس ومحطات الكهرباء، ليدل دلالة واضحة على أن هذه الأعمال بلغت مبلغاً يشكل خطراً على أمن الوطن والمواطن. وكأن شعارهم إما أن تحققوا ما أريد وإلا فسأدمر البلد، وهذا الذي لا يمكن أن يحدث لأن غالبية شعب البحرين لن يستسلموا لمثل هذه التصرفات وسيدافعون عن وطنهم. وهنا يحق لنا التساؤل .. من المستفيد من كل ما يحدث؟ أليس أي ضرر بالوطن سيعم الجميع وسيتضرر منه كل مواطن سواء من كان من هذه الفئة أو من تلك وعلى المدى القريب والبعيد. إذاً فلا داعي للتعنت والعناد ولنقدم مصلحة الوطن على المصالح الأنانية الضيقة شخصية كانت أو حزبية أو طائفية ولننظر إلى الأمور بعين العقل والبصيرة . ولنعلم أنه لا حل للمشكلة إلا بتحقق الأمن وعودة الأمور إلى سابق عهدها حتى تصفو النفوس ويحدث التقارب ومن ثم يبدأ الناس في دراسة الوضع وإيجاد الحلول المناسبة التي ترضي الجميع، أما عملية لي الذراع فإنها لن تجد نفعاً وربما تعود بالسوء على من يتخذها أسلوباً ومنهجاً. جلال أحمد