^  قول رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة “لا حصانة لأحد قبالة أمن الوطن والوحدة الوطنية”، قول مهم وإعلان ملخصه أنه لقد بلغ السيل الزبى، وأنه آن الأوان لانتقال مجتمعنا إلى مرحلة جديدة نتجاوز فيها جوانب من ثقافتنا وأعرافنا لصالح أمننا ووحدتنا الوطنية. لعل البعض يعتبر هذه الخطوة متأخرة، وأنه كان ينبغي أن تأتي قبل هذا الحين بشهور أو سنة على الأقل، لكن ما لا يعلمونه هو أن سموه لم يكن غافلاً عنها، فسموه يعلم أن مجتمعنا مجتمع خواطر وهو بطبعه يشتري الخواطر خاصة وأنه ينظر إلى الجميع من حيث هو كأب وكمسؤول عن رعية يسره أن يكون الجميع راضياً، ولعلي أجزم أنه لولا ما آلت إليه الأمور بسبب الأحداث الغريبة على مجتمعنا لما أقبل سموه على هذه الخطوة، لكن خشيته على الوحدة الوطنية وأمن الوطن الذي هو المسؤول المباشر عنهما؛ هي التي دفعته للإعلان عن هذه الخطوة، فعندما يتعرض أمن الوطن للخطر وعندما تتهدد الوحدة الوطنية فلا بأس من تجميد جانب من الأعراف والتقاليد وثقافة المجتمع.. وتجاوز ما اعتاد عليه الناس، فللضرورة أحكام. هذا يعني أنه -وبسبب الأحوال غير العادية ومبالغة البعض وصولاً إلى إهانة الدولة والتحريض عليها ومحاولة التقليل من هيبتها وشق الصف عبر استغلال المنابر الدينية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من أبواب- لن يكون هناك الآن أي اعتبار لأي اسم ولأي مكانة أو منصب أو انتماء، حيث تم تحديد المعيار، فمن يتسبب في الإضرار بالأمن أو التأثير سلباً على الوحدة الوطنية فلن يجد إلا “العين الحمرة” ولن يجد أي تهاون ولن تنفعه مكانته أو اسمه أو اعتباراته الأخرى. بيان مجلس الوزراء الأخير لا يكتفي بالتعبير عن “الاستنكار لاستمرار بعض الخطباء باستغلال المنبر الديني لأغراض سياسية واتباع أسلوب التحريض على العنف والطائفية والدعوة لمخالفة القانون والإساءة للمؤسسات الدستورية والتعدي السافر على القضاء والإضرار بالاقتصاد الوطني ومحاولة فرض رؤية فئوية على جميع مكونات الشعب”، لكنه يؤكد على “عدم السماح بثقافة التفرد والإقصاء أو أية ممارسة أخرى تخرج عن احترام التعددية أو نشر التفرقة بين أبناء البلد الواحد”. والمتابع لبيانات مجلس الوزراء يمكنه أن يجزم بأن البيان عبر عن عدم رضا لما يقوم به البعض في هذا السبيل وعن غضب لما آلت إليه الأمور، وإلا لما كان سمو رئيس الوزراء يقبل أن يتم التغاضي ولو قليلاً عما تعارف عليه المجتمع الذي هو في كل الأزمان “مجتمع خواطر”. ما أوصل إلى هذه الحال التي يصدر فيها بيان مليء بالتعبير عن عدم الرضا لما وصلنا إليه هو المبالغات في استغلال البعض مختلف المنابر والوسائل الدينية والإعلامية واستغلال ثوابت المجتمع وثقافته التي أساسها التسامح لتحقيق أهداف ضد الدولة والقيادة وضد المجتمع نفسه، فليس صحيح أن المجتمع كله يريد ما يدعو إليه ذلك البعض. بيان مجلس الوزراء وقول سمو رئيس الوزراء وإعلانه الواضح هذا يعني أنه تم وضع نقطة في نهاية السطر لنبدأ سطراً جديداً لا مكان فيه لتطييب الخواطر ولا مكانة فيه لأحد إن تبين أن ما يسعى إليه يؤثر سلباً على أمن الوطن ويؤثر على الوحدة الوطنية ويشق الصف. بمعنى أن لكل فرد في هذا المجتمع مكانته واحترامه طالما أنه لا يتسبب بفعله أو بقوله في ضرب الثوابت وأساسها الأمن والوحدة الوطنية، فلا مكانة اليوم لمن يرتكب أفعالاً كهذه أو يتبنى أقوالاً كهذه، ولا مكان له بيننا، فلقد بلغ السيل الزبى.