\ لينا التميمي
تخلّى الطلبة العمانيون عن شعر رأسهم من أجل دورهم في مسرحية “نهاية الصعود”. حلق الطلبة رأسهم كاملاً لكي يكون المكياج أكثر تأثيراً. في الندوة التطبيقية بمركز الفنون وحين أشاد المخرج والمنتج الكويتي عباس مراد بالتضحية التي قدّمها الطلبة العمانيون من أجل العرض صفّق الجمهور طويلاً، وصفّق كذلك الطلبة المعنيون. الطالبة العمانية كذلك تخلّت عن جمالها الطفولي واستخدمت الشعر المستعار لتبدو امرأة طاعنة في السنّ. وفي المشاهد الختامية ظهرت الطالبة مرّة أخرى ولكن في زيّ أميرة وفي أبهى حلّة. ومن يطّلع على صور العرض لا يصدّق بأنّ تلك المرأة العجوز هي نفسها تلك الأميرة الحسناء. وأتصوّر أنّ الطالبة العمانية ستكون فخورة بالدورين وبالصورتين اللتين ظهرت فيهما في العرض العماني المبهر. في دردشة مع الطلبة العمانيين الممثلين في المسرحية سألتهم عن تضحيتهم بشعر رأسهم من أجل المسرحية، فقالوا لي في كلمتين: “المسرح يستاهل”. وأتصوّر أنّ هاتين الكلمتين تختزلان نصوصاً وكتباً. فالمسرح فعلاً يستاهل. فالطلبة العمانيون لم يكونوا وحدهم الذين قدّموا التضحيات من أجل المسرح، فهناك كثر غيرهم. أرجو ألا يظنّ القارئ أنني أقصد التضحيات بمفهوم النضال والمقاومة. ولكني أقصد بالتضحية التخلّي عن شيء عزيز في مقال هدف ما. وهذا ما ينطبق تماماً على تضحيات المسرحيين. وفي تصوّري أنّ المضحّين في مهرجان المسرح المدرسي الخليجي الخامس المقام في مملكة البحرين كثر. نذكر منهم الوفد اليمني الذي تكبّد رحلة مدّتها أكثر من يوم من أجل الوصول إلى مملكة البحرين والمشاركة في هذا العرس الخليجي. حتى إنّ الدكتور نجيب الكميل من جمهورية اليمن أصرّ على حضور العرض الأول في الصالة الثقافية وأصرّ على حضور الندوة التطبيقية والمشاركة فيها رغم آلام الظهر التي صاحبته بسبب الرحلة الطويلة. ولا ننسى المشارك العماني الذي سقط من فوق خشبة المسرح أثناء تهنئته للإخوة السعوديين بعد انتهاء عرضهم المسرحي. ولو أتيح المجال لسؤاله عن سقطته تلك لقال لنا: “المسرح يستاهل”. والأمر الكبير كذلك أنّ كثيراً من الطلبة من الوفود الخليجية المشاركة فضّلوا عدم المشاركة في الزيارات الميدانية والترفيهية التي أعدّتها لهم اللجنة التنظيمية ووفّرت لها المواصلات من أجل عمل المزيد من البروفات والاستعداد للعروض، وهذه تضحية كبيرة خصوصاً لأطفال في هذه السنّ. يبقى أن نشير إلى الطلبة البحرينيين الذين كان يأتي بعضهم سيراً على الأقدام أو بالدراجات من المحرق والمنامة من أجل مشاهدة العروض. وكأنّ لسان حالهم يقول: “المسرح يستاهل”.