^ تشهد شوارع العاصمة طهران وسائر المدن الإيرانية الكبرى هذه الأيام حملة ما يسمى بفرض قانون الحجاب، وقد صاحب هذه الحملة التي جند لها أكثر من سبعين ألف شرطي، جدلاً واسعاً حول جدوى الطريقة التي يجري التعامل بها مع النسوة اللواتي يتم إيقافهن بسبب عدم التزامهن بارتداء الحجاب، حيث تقوم جماعات الباسيج وقوى الشرطة باستخدام العنف المبرح ضد من يتم إيقافهن ونقلهن إلى مراكز الاعتقال بصورة مسيئة جداً، مما يتسبب في إهانة كرامتهن أمام الرأي العام بطريقة بعيدة كل البعد عن الهدف المعلن من الحملة وهو فرض الحجاب كما يقال. وفي إطار هذه الحملة شوهدت عناصر متطرفة من الباسيج تقوم برش مادة “الأسيد” على النساء المتبرجات وتهاجم الأقسام الداخلية للجامعات وتقوم بضرب الطالبات، وتقوم كذلك بمهاجمة المناسبات الاجتماعية. وقد انتقدت أوساط سياسية ودينية إيرانية عديدة الأسلوب المتبع في تطبيق ما يسمى بإجراءات فرض الحجاب قائلة إن الله فرض الحشمة والعفة على المرأة قبل الحجاب وإن ما تقوم به الأجهزة المعنية من تعامل مع النساء اللواتي لا يلتزمن بتطبيق الحجاب يعد انتهاكاً لحشمة هؤلاء النسوة. ويرى المراقبون أن حملة فرض الحجاب تتزامن مع الحملة التي تقوم بها مؤسسات دينية وثقافية رسمية لترويج ما تسميه بثقافة (زواج) المتعة في المجتمع الإيراني. وكان موضوع الترويج لما يسمى بزواج المتعة قد تبنتها حكومة الرئيس الأسبق للجمهورية الإيرانية علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي أكد حينها على لزوم دعم الحكومة لمسألة (زواج) المتعة أو ما يعرف بالزواج المؤقت كطريقة لحل المشاكل الجنسية للشباب حسب قوله. وجاءت دعوة رفسنجاني آنذاك عقب انتهاء الحرب مع العراق التي خلفت أعداداً كبيرة من الأرامل، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وتفشي حالة الفقر المعاشي، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام مافيا الدعارة وسوق الاتجار بالرقيق الأبيض. وقد ساهمت الحماية الحكومية لمهنة ما بات يعرف في إيران بالدعارة المشرعنة (المتعة) في ارتفاع نسبة العاملات في هذه المهنة إلى 30%، بحسب إحصائيات مراكز الدراسات الاجتماعية الممولة حكومياً. في حين ترى مصادر إيرانية مستقلة أن النسبة أكبر من ذلك بكثير غير أن المسؤولين لا يعلنون الحقيقة. ويعتقد المعارضون لهذا الأمر أن العمل في هذه المهنة يتجه لإحداث كوارث اجتماعية في المجتمع الإيراني المحافظ. ويؤكد هؤلاء المعارضون أن نسبة الممارسين للمتعة من الرجال المتزوجين أكثر من غيرهم، حيث تظهر الأرقام الرسمية أن نسبة الرجال المتزوجين الممارسين للمتعة تبلغ 40% مقابل 20% للرجال العزاب. وهنا يطرح المعارضون سؤالاً على الداعين إلى ترويج ثقافة (زواج) المتعة عن طريقة حلهم لعدم التوازن الحاصل طالما أنهم يقولون إن في ترويج المتعة حلاً للرجال والنساء العازبين، متسائلين؛ هل (زواج) المتعة حل شرعي في الأصل أم ترشيد للفحشاء؟. ويرى المعارضون أن من أبرز ما خلفه ويخلفه ما يسمى (بالزواج) المؤقت أو المتعة هو تصاعد أعداد الأطفال المتولدين من (المتعة)، والذين ترفض السلطات الرسمية الإعلان عن أعدادهم الحقيقية، حيث يفتقد أكثرهم لبطاقة هوية الأحوال الشخصية. وليس هناك مكان للشك -كما هو في دول العالم الأخرى- أن شبكات مافيا المخدرات وجرائم القتل والسرقات وغيرها من الجرائم الأخرى، تجند عناصرها من بين هؤلاء الأطفال الضائعين. ورغم دعم السلطات الرسمية لثقافة (زواج) المتعة فإن ذلك لم يمنع بعض التيارات المتشددة من القيام بالاعتداء وقتل النسوة الشاغلات في هذه المهنة، مثلما حدث في مدينة مشهد قبل عدة أعوام، حيث قام أحد الأشخاص بقتل أكثر من 16 امرأة، وكذلك فعل شخص آخر في مدينة كرمان. ويقول المعارضون إن هذه الجرائم تتم على أيدي ما يعرف بالعناصر المدنية المنظمة التي تنتمي للأجهزة الأمنية السرية التي غالباً ما يجند بعضها عناصره من بين فاقدي الهوية أو ما يسمون بأبناء المتعة، إضافة إلى ذلك أن إفرازات (زواج) المتعة ليس ظاهرة أطفال الشوارع وفاقدي الهوية وحسب، بل إن أحد أهم إفرازات هذه المهنة هو ضياع النساء اللواتي تنتهي مدة عقدهن وبقائهن من غير معيل وانجرار أغلبهن إلى الانحراف والسقوط في مستنقع الرذيلة. علما أن اللواتي يمارسن (زواج) المتعة في الشوارع الرئيسة للعاصمة طهران وفي المدن الدينية كمدن مشهد وقم وفي منطقة “شاه جراغ” بمدينة شيراز وفي منطقة شاه عبد العظيم في مدينة ري وفي شارع ولي عصر في وسط العاصمة، أغلبهن من المرتديات للشادور، لكن ذلك الشادور لم يحفظ لهن حشمتهن وعفتهن بقدر ما وفر لهن الحماية من ملاحقة القوات المكلفة بفرض الحجاب.