^ بتصديق جلالة الملك على التعديلات الدستورية الأخيرة؛ تكون البحرين دخلت مرحلة جديدة من العمل السياسي من المؤمل أن تنعكس على مختلف أوجه الحياة الديمقراطية. فالحدث بذاته يعد فريداً ولا بد لفهم أهميته أن نعرف أولاً ماذا يعني الدستور؟ وما انعكاسات إدخال أي تعديلات به على النظام السياسي في بلد ما؟. الدستور هو القانون الأسمى والأعلى في الدولة، والذي يحدد شكلها ونظام الحكم والسلطات العامة والواجبات والحقوق السياسية والمدنية. وهو الوثيقة التي تلتزم بها كل القوانين الأخرى ولا يمكن أن تخالفها، والملك هو حامي الدستور ورمز لاستقلال البلاد وسيادتها، وثبات واستقرار الحكم والدولة. لذلك فإن عملية التغيير أو التعديل في الدساتير تأخذ أطراً خاصة، ولا تحدث هكذا اعتباطاً نظراً لما يترتب عليها من أحكام وهو الأمر الذي ينطبق على التعديلات الجوهرية التي أدخلت على الدستور مؤخراً، فلا يمكن إجراء تعديلات صورية أو وهمية غير مجدية إذ يعد ذلك مساً بهيبة الدولة. من المعروف أن دستور مملكة البحرين يعد دستوراً تعاقدياً منذ العام 1973 حينما وضع الدستور مجلس تأسيسي مكون من 42 عضواً، وأجريت عليه تعديلات تاريخية عام 2002 كانت نتاج توافق شعبي حينما صوت المواطنون على ميثاق العمل الوطني عام 2001، الذي تمخضت من بنوده تعديلات مواد الدستور. وبذلك حافظ على صفه التعاقد، فهو تعاقدي لأنه جاء بالاتفاق بين الحاكم والشعب. كما إن التعديلات الأخيرة التي شهدها الدستور جاءت نتيجة تفهم القيادة وتلمسها لمطالب ضرورية اتفق عليها شعب مملكة البحرين، وتلاقت معها الإرادة الملكية مما يكسبها مجدداً صفة (التعاقد). حيث إن مرتكزاتها كانت ميثاق العمل الوطني ومرئيات حوار التوافق الوطني بما يمكن اختزاله بـ (الإرادة الشعبية) التي رفعت للجهتين المخولتين بإجراء التعديلات؛ وهما المجلس التشريعي بغرفتيه بحسب المادة 92 من دستور مملكة البحرين، والذي قام بصياغتها وصادق عليها جلالة الملك بحسب نص المادة 35 . ولعل أبرز التعديلات الدستورية الأخيرة أدخلت في المواد 42 بند ج، 52، 76 بنود بـ ج د، 68 وغيرها؛ إذ يبلغ عدد التعديلات 23 تعديلاً، ودون الدخول في تفاصيلها القانونية يمكن تبسيط أبرزها بالتالي؛ أصبح للملك حق حل مجلس النواب بمرسوم بعد أخذ رأي رئيسي مجلسي النواب والشورى ورئيس المحكمة الدستورية، ولم يكن ذلك موجوداً قبل التعديل، وهو أمر موجود في قلة من الدول، ففي أغلبها لا يحتاج رأس الدولة لأخذ الرأي لدى حل المجلس. كما صار لزاماً بعد التعديلات أن يوافق المجلس على برنامج عمل الحكومة ويمنحها الثقة، وفي حال عدم حصولها على الموافقة وبعد استنفاذ الإجراءات اللازمة يجب على الحكومة تقديم استقالتها ولا يمس المجلس أي شيء، ومن ثم يعين الملك حكومة جديدة، وإذا رفض المجلس أيضاً برنامج عمل الحكومة الجديدة للمرة الثانية وبعد استنفاذ الإجراءات يحق للملك في هذه الحالة إما حل الحكومة أو المجلس. كما منحت التعديلات الجديدة للمجلس الحق في الاستجوابات العامة، الأمر الذي كان معمولاً به في دستور العام 73 وغاب في تعديلات 2002، كما قلصت التعديلات من صلاحيات مجلس الشورى، فأصبح دوره مشاركاً في التشريع فقط دون الرقابة وطرح الاستجوابات. وبات رئيس مجلس النواب هو من يرأس المجلس الوطني، وغيرها من التعديلات الجوهرية التي من المفترض أن تدخل تغييراً كبيراً لصالح الوطن والمواطن والعملية الديمقراطية في البحرين. بعد كل ذلك نقول -ولكن نكتبها بالخط الكبير- نعم ولكن!! فكل ذلك سيعتمد تطبيقه وجني ثماره على النواب الذين سيمثلوننا وعلى مدى كفاءتهم وقدرتهم على التوظيف الأمثل لكل تلك الأدوات، وهو أمر نتحمل نحن الناخبون مسؤوليته في المقام الأول. فنحن من نختار ونوصل النواب إلى المجلس الذي أصبح قادراً على أن يحدد عمل الحكومة بشكل فعال وجذري، وهو ما سينعكس علينا مباشرة على شكل خدمات وقوانين ووضع صحي ومستوى التعليم ومشاريع إسكانية ومستوى الدخل وغيرها كثير. فإن أحسنا الاختيار جنينا الثمار وإن أسأنا ستكون علاقتنا بالمجلس كما هي الآن؛ نتناقل أخبار مهاتراته ونتبادل النكات على بعض أعضائه وما يبدر منهم، ونتحسر على الفرص الضائعة أمامه دون أن يستغلها ودون أن نستفيد نحن والوطن منها. فجميعنا يعلم أن هناك نواباً -في المجالس السابقة والحالية ودون تعميم- لم يخرج منهم إلا ما أخر عمل المجلس والحكومة وزاد من المهاترات وانعكس على الشارع سلباً، فعمق الفجوة الطائفية، ودغدغ مشاعر الناس بأمور يعلم هو قبل غيره أنها غير واقعية. وكما قال خلف الأبواب الموصدة عكس ما يطالب به في العلن، بل وترصد بعض الوزراء لأمور شخصية وتصفية حسابات. ^^ شريط إخباري.. قد يكون الأمر انقضى بالنسبة إلى تشكيل المجلس الحالي، لكن علينا كناخبين أن نتابع عمل الأعضاء بدقة، وأن نضعهم تحت المجهر، فدورنا اليوم كبير وهو مراقبة من يراقب الحكومة ويشرع القوانين حتى إذا ما جاءت الانتخابات القادمة يذهب الغث هباءً كزبد البحر ليبقى من ينفع الناس
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}