^ كلمة “يقولون” بحد ذاتها مشكلة، لأنها تستند على أساس غير موثوق، ومبنية على ما يتم تناقله في أوساط الناس، كأن يأتي أحدهم ويقول بالنص: “يقولك” أو “يقولون” بأن هناك تغييراً وزارياً قريباً، على سبيل المثال. أو أن يأتي أحدهم ويقول في مثال آخر بأنهم “يقولون” بأن القانون سيتم تطبيقه بلا تهاون ولا أحد فوق القانون، أو “يقولون” بأن هناك زيادة للرواتب وإسقاطاً لكافة القروض! طيب المشكلة هنا في كنه “هؤلاء” المشار إليهم بأنهم “يقولون”، إذ من هم الذين يقولون؟! كثيرة هي الأمور التي تحصل في البلد هذه الأيام، وكثيرة هي الأمور التي تحتاج إلى تفسيرات وإيضاحات من جهات رسمية بحيث تشفي غليل السائلين من مواطنين، إذ بعض المسائل وصلت لدرجة من الغموض بحيث بتنا نحتاج إلى مؤتمرات صحافية يومية توضح للناس المخفي من الأمور. اليوم نرى عرضاً لمشاهد في تلفزيوننا على سبيل المثال لشوارع البحرين وكيف أنها سالكة، وبالتالي هناك من الناس من يقول بأنهم “يقولون” إن الأمور طيبة، لكن في جانب آخر هناك أناس أيضاً “يقولون” بأن شوارع أخرى غير سالكة وفيها عمليات تخريب وهجمات على الشرطة بالمولوتوف، وتأتي بعد ذلك تصريحات من وزارة الداخلية (طبعاً التويتر يسبق التصريح الإعلامي الرسمي) لتؤكد صحة ما “يقولون” من عدمه، لكن يبقى الناس في “حوسة” ما يسمى بظاهرة “يقولون”. الغريب حينما يخرج بعض الشخصيات ليقولوا بأن “الأمور طيبة”، وليبدأ الناس بتناقل الكلام باعتبار أن فلاناً وعلاناً من المسؤولين وغيرهم “يقولون” بأن الأمور طيبة وأن الوضع مستتب والأمن مستقر. طيب نصدق مَن هنا، من يقولون، أو من ينتهون في ختام كل مشهد إرهابي في المستشفيات، وأغلب الزوار هذه الأيام من رجال الأمن المصابين جراء “سلمية” المولوتوف؟! نعم هناك حوادث إرهابية تحصل يومياً وتستهدف يومياً رجال الأمن، نقرأ عنها في الصحف ووسائل الإعلام المقروءة أو نجد أخباراً عنها في وسائل الإعلام الاجتماعي لكننا لا نجدها في الإعلام الرسمي عبر الشاشة وبشكلها اليومي وحجمها المتزايد، ونسأل هنا عن الحكمة فلا نجد إجابة. عدم إبراز الإرهاب بشكل يصل إلى المستوى الإقليمي والخارجي مسألة خاطئة تماماً والتبرير لها موضع نقاش، إذ بقدر ما هي إصلاحات البحرين بارزة وخطوات جلالة الملك حفظه الله في اتجاه تعزيز مكاسب العملية الديمقراطية في البلد جلية لمن ينظر بعين منصفة، وبقدر ما “حرقت” الخطوات الإصلاحية التي اتخذت خلال السنة الماضية “دجل” المغرضين وكارهي البحرين والمحرضين، بقدر ما نحتاج لبيان ما تتعرض له البحرين يومياً من إرهاب بشكل أقوى عبر كل وسيلة إعلامية ممكنة ومتاحة للرد على الكذب بالحقيقة أقلها. نعود لكلمة “الأمور طيبة” باعتبار أنها باتت غير مقنعة؛ إذ لا يمكن أن يقبلها المواطن البسيط في وقت يرى ويسمع فيه أنباء عن حوادث إرهابية يومية، وعن استهدافات لرجال الأمن، وعن رمي للمولوتوف وعن مسيرات غير مرخصة وعن تجمعات يتم فيها ممارسة نفس الأفعال الانقلابية والتسقيطية التي مورست في الدوار، باتت غير مقنعة لأن وسائل الإعلام الغربية بعضها مازال متبنياً لما يقوله أي كذاب يخرج عليها بكذبة أو فبركة جديدة باعتبار أن الطرف الآخر لا يتحدث أو لا يتحرك بنفس المستوى الإعلامي المطلوب. من يريد القول بأن “الأمور طيبة” اليوم عليه أن يحدد لنا النسبة المئوية لها، إذ إلى أي مستوى هي “طيبة” هذه الأمور، هل هي تعني مائة في المائة أم جزئية بسيطة جداً مرتبطة بفعالية هنا أو معرض هناك أو احتفال في تلك الجهة، المسألة تقاس -وأعني القول بأن الأمور طيبة- بمستوى استقرار البلد، ونسبة الأمن والأمان فيه، سواء للمواطن أو للمقيم، وهذا المستوى لا يتحقق إلا عبر تطبيق القانون بشكل صحيح، بما يردع من استهوى ممارسة الإرهاب عن تكرار هذه الهواية، وبما يدفع الراغبين في سلك نهجه للتفكير ألف مرة. عن نفسي سأقول بأن “الأمور طيبة” بنسبتها الكاملة حينما أرى الأمن يعود لبلدي بشكل كامل، وحينما أرى الإرهاب يُقطع دابره، وحينما أرى القانون يطبق بلا تراخٍ أو تهاون على من يتجاوزه مهما كان شكله وحجمه واسمه. حينما تعود البحرين كما كانت دولة يُحترم فيها القانون، ويسود فيها القانون، حينها سأصدق من يقولون أو من ينقل عن أشخاص بأنهم يقولون إن “الأمور طيبة”. ^ اتجاه معاكس.. خيراً فعلت هيئة شؤون الإعلام بعرض البرنامج التوثيقي الخاص بحياة سمو رئيس الوزراء حفظه الله وإنجازاته طوال عقود طويلة من الزمان، فهذا الرجل يستحق أن يوثق تاريخ نضاله الوطني من أجل البحرين وشعبها، خاصة في زمن يريد المغرضون فيه الانتقاص من جهود الوطنيين في بناء هذه الأرض الطيبة. خليفة بن سلمان يظل بإنجازاته التي شهدت له الكيانات الدولية قبل أي أحد آخر رمزاً من رموز البحرين التي يخلد اسمها في تاريخها الحديث، وحبذا لو تمت ترجمة هذا البرنامج ونشره في الخارج على نطاق واسع ليعرف الغرب الذي بعضه مازال “يتبلى” على البحرين كيف أننا نمتلك أشخاصاً نحبهم ونرفض الإساءة لهم لأنهم بنوا هذه الأرض وعمروها وإنجازاتهم هي التي تتحدث، وكيف أن هناك في المقابل من يحارب هذه الأرض وهؤلاء الرجال الأفذاذ فقط لأن بصيرته أعماها إما الجحود والإجحاف أو التبعية العمياء المطلقة لمن نصبوا أنفسهم “مالكين” لإرادة الناس ومصائرهم، آمرين لهم باستغلال الدين والمذهب، بائعين لدولهم ووطنيتهم من أجل أجندات “احتلالية” أجنبية، يدمرون أرضهم ويحرقونها ويبيعونها في “سوق النخاسة”، وبعد كل ذلك يتهمون من يخالفهم من الوطنيين المخلصين بممارسة أفعال أشنع مما يفعلون هم. بيع الوطنية والاستهتار بتراب الأرض وإباحتها للخارج خيانة ما بعدها خيانة. شتان بين من يبني ومن يهدم، شتان بين من يعمر الأرض ومن يحرقها، شتان من يدافع لحماية البلد وبين من يقاتل حماة البلد.