^ تقدّم أحد المحامين المصريين في العام المنصرم بدعوى ضد أعمال الفنان المبدع عادل إمام يتّهمه فيها بازدراء الدين الإسلامي، وتضمّنت الدعوة قضيّتين: الأولى كانت ضد الفنان عادل إمام وحده ونظرتها محكمة جنح الهرم، وجاء الحكم بالحبس 3 أشهر وتغريمه كفالةً قدرها (200) جنيه، مما أثار الرأي العام، وتضامن معه عدد كبير من الفنانين؛ أما القضية الثانية فنظرتها محكمة جنح العجوزة، وكانت ضد كلٍّ من الفنان عادل إمام نفسه، والمخرج نادر جلال، والمؤلف لينين الرملي، و3 مخرجين آخرين، وهم شريف عرفة، ووحيد حامد، ومحمد فاضل، حيث اتهمهم المحامي فيها بازدراء الإسلام على خلفيّة الأعمال الفنية التي قدّموها، وقد أصدرت المحكمة حكمها بعدم قبول الدعوى، وألزمت رافعها بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وتحاول قوى الإسلام السياسي في مصر التذاكي عبر الإيحاء بأن الحُكْم على عادل إمام لا يمت لها بأي صلةٍ، إنما هو امتداد لدعاوى سابقة، وأن القضية تمثّل انعكاساً لنبض شارع يرغب بمحاسبة الفنان على “ازدراء الأديان”، لكنها تخطئ في تقدير المسألة؛ فالدعاوى السابقة التي رفعها محامون مصريون ضد فنانين وكتّاب ومثقفين كانت تجري بدعم هذه القوى وعلمها على اختلاف تياراتها واتجاهاتها. وبينما كانت المحاكم المصرية تنظر في هذه القضايا كانت الصحافة تعج بفتاوى وآراء تحرّم الفن والأدب، وتحرِّض على المنع والحجب، بينما لم تأبه الجماعات المتشدِّدة بهيمنة رجال الأعمال على الاقتصاد المصري أو بالعلاقة “الخاسرة” بين حكومتهم وبين العدو الصهيوني. لقد تجاهلَ الإسلاميون طبيعة الاقتصاد المصري لأنهم يمثِّلون جزءاً من تركيبته؛ لذا فهم لا يريدون تغيير هذه البنية، وإنما يسعون إلى استبدال السلطة التي تتحالف معها، وموقفهم من “إسرائيل” قابل للتجميد ريثما يضعون يدهم على السلطة والثروة معاً. لقد جعل الإسلاميون الشارع المصري منشغلاً عن قضاياه الأساسية بمشاهد “غير لائقة” تُعرض على الشاشات أو بكتاب يخالف المعتقدات، وهو انشغال يعتمد على إثارة الغرائز وتعويم المسائل وخلط الأوراق، متناسين أنهم يصادرون الحقيقة عبر تصنيفات الحلال والحرام، مغيّبين جميع الآراء المعتدلة لشيوخ الأزهر وغيرهم، كما إنهم عاجزون عن إنتاج الثقافة والفن؛ لكن أحداً لا يستطيع مطلقاً أن يمنع الفن والإبداع، أو يوقف صناعةً رابحةً تدر على البلاد مئات الملايين!