^  ليس هناك أي خطأ في العنوان.. إنه عنوان يحاول أن يقول لك إن ركضك المارثوني خلف طموحات وآمال أبيك في إيصالك إلى ما يشتهي هي طموحاته وأحلامه الخاصة. له كل الشكر على ما قام به من جهد في تربيتك وحمايتك ورعايتك وتغذيتك وتدريسك إلى المرحلة التي تقرر فيها ما تريد أنت لا ما يريد أبوك. الآباء في مجتمعنا الثالث ما زالوا يجهلون معنى الأبوة، إنها ليست إلا من أجل إعطاء الفرصة للأبناء للوصول إلى مرحلة القرار في ما يفعلون بحياتهم. أسوأ الآباء من يحاولون تحقيق أحلامهم التي لم يستطيعوا تحقيقها عبر أطفالهم، فهذا الوالد يريد أن يرى ابنه أو ابنته طبيباً أو مهندساً، طبعاً من حقه أن يحلم بوصول أبنائه إلى هذه المراكز أو السمعة أو الجاه، ومن حقه أن يراهم في وضع أفضل من الحياة التي عاشها، لكن ليس من حقه أن يفرض ما يريد، إذا توافقت رغبة الابن مع الأب فهذا جيد، وإن لم تتوافق فعلى الابن أن يمشي في الدرب الذي يريد. أتكلم هنا عن درب الإنسان، لا عن الدروب الخاطئة، فنحن جميعاً لا نحب السير في الطرق التي تقود إلى التهلكة أو تؤثر في حرية الآخرين. قبل فترة قال لي أحد الشباب إن والدته وجهته إلى دراسة معينة، لكن في رقبة والدته، وهو يدرس هذا التخصص من أجل والدته. وقد قالت له إنها لن ترضى عنه إن خالف أمرها، وهو لن يعصي لها أمراً، فعدم رضا الوالدين مسألة لا يرضى بها الرب. قلت له إن هذا الكلام الذي تقوله والدته كلام غير صحيح، لأن الله لا يرضى للإنسان أن يكون عبداً لرغبات والديه، الله خلق الإنسان فرداً وحيداً، يساعده الآخرون، الوالدان، المدرسة، الأصدقاء والمجتمع من أجل إفساح الطريق أمامه لينجز المهمة الحياتية التي خلق من أجلها. الوالدان مسؤولان عن تهيئة الأجواء أو البيئة ليقوم الابن أو البنت باختيار طريقهما في الحياة للعمل على تحقيق ما عليهما تحقيقه في هذه الحياة الأرضية القصيرة. إن مثل هذه الأم أم أنانية، مهما حاولت أن تغطي أنانيتها باسم الأمومة، فالأمومة الحق هي التي تقدم الأبناء من أجل تحقيق ذاتهم، لا من أجل تحقيق رغبات آبائهم وأمهاتهم. إن فرض الوصاية على الروح والعقل هي من أسوأ الأنواع التي يعيشها الإنسان. ملايين البشر يعيشون كما يريد لهم آباؤهم لا كما يريدون أن يعيشوا حياتهم. فهناك من يواصل النظر إلى الواقع اليومي كما كان يراه الأسلاف أو الأجداد الموتى. وهناك من يريد العودة بحياة الابن أو البنت إلى مرحلة الجاهلية، بالرغم من أن أي رأس يحمل ذرة من العقل يعرف أن النهر لا يرجع للمصب أو المنبع، ونحن لن نعود إلى ما كان يعيش عليه أجداد الأجداد.