كتبت - عايدة البلوشي: يلاحظ أن كثيراً من الزيجات تنتهي في مرحلة مبكرة بالطلاق، ربما بسبب عدم وجود الأبناء، وربما بسبب صغر السن الذي يغري بحياة مديدة. لكن لهذا الطلاق آثاره السيئة على المطلقين والمطلقات. إذ يعيشون واقعاً مؤلماً يحتم علينا الوقوف عند أسبابه. الوطن قابلت عدداً من المطلقين والمطلقات، تحدثوا عن تجاربهم. ووجدت أن كثيراً من هذه الزيجات بنيت على الحب والتفاهم ومع ذلك انتهت بالطلاق. الاختلاف يتسبب بالشقاق يسرد (ع. ح) قصة زواجه التقليدي، فيقول: كانت مرحلة الخطوبة مثالية، واستمرت السعادة حتى الأيام الأولى من الزواج. حتى بدأت الخلافات تطلّ برأسها؛ نتيجة لغياب التوافق الفكري. إن من الصعب العيش مع شخص يرى المشكلة من زاوية وتراها من زاوية أخرى دون نقاط التقاء أو توافق. اذ كانت حياة طليقتي مختلفة تماماً في بيت أبيها، وكان من الصعب تغيير طريقة حياة إنسان. لذلك اتخذت قرار الانفصال بدلاً من الاستمرار، وإنجاب أبناء يحملون أخطاءنا. أما (س. ع) فإنها اقترنت بزميل العمل بعد علاقة حب دامت سنتين، لكن لم يكتب لهذا الزواج الاستمرار، حيث إنفصلت عنه بعد ثلاث سنوات، والسبب لامبالاته وعدم إحساسه بالمسؤولية. وتضيف (س. ع): حاولت أن أعالج هذه المشكلة، إلا أنه استمر بأخذ الأمور باستهانة. وحتى بعد إنجاب طفلنا الأول؛ لم يغير أسلوب حياته، عمل في النهار وسهر في الليل. كان يؤجل كل شيء، حتى علاج طفله. لكنني أعترف بمسؤليتي عن ذلك، فأنا التي أشعرته وكأن طفله لا يحتاج إليه، نظير رعايتي له. وكان دائم السفر مع أصدقائه دون أن يعنى بي وبطفله. حاولت محاورته لكنه كان يردد بعبارة واحدة “أنت تخلقين مشكلة من لا شيء”. وعندها لم أجد حلاً سوى الطلاق. رغم علمي بصعوبته، سواء علي بسبب نظرات الناس أو على أهلي، الذين حاولوا علاج الأمر. أو على طفلي الذي يمكن أن يلومني. المحمود: رفع سن الزواج إلى 18 عاماً من جانبها تدعو الباحثة الاجتماعية هدى المحمود لرفع سن الزواج بالنسبة للفتاة إلى 18 عاماً، والشاب إلى 20 سنة، لافتة إلى أهمية أن تقوم الجهات المعنية التي تقوم بمشروع الزواج الجماعي بمتابعة أحوال هذه الزيجات والأسر الجديدة. تقول المحمود: إن من أكبر الأخطاء التغطية على المشكلات الاجتماعية، والتغاضي عنها حين حدوثها، فإن الأخطاء التي قد تحدث في مرحلة الخطوبة لا تلتفت إليها الأسرة بحجة أن الوقت جدير بعلاجها. لكنها في الحقيقة مؤشرات على مشكلات أكبر. وتشير إلى وجود أسباب عدّة للطلاق المبكر؛ يأتي في مقدمتها غياب الوعي والثقافة الأسرية، التي تمكّن كلاً من الزوجين من التعرف على طبيعة الحياة الزوجية، ومسؤولية كل منهما؛ فالزواج ليس مجرد متعة أو كلمات حب وهيام، بل حقوق وواجبات لكل من الزوجين أقرّها الشرع، لتنظيم الحياة بينهما. ومن الأسباب أيضاً غياب المصارحة، حيث ثبت أن كثيراً من حالات الطلاق المبكر حدثت بسبب عدم وضوح شخصية كل من الزوجين للآخر، حيث يظهران بصورة مثالية سرعان ما تتلاشى. ومن الأسباب أيضاً عدم الصدق في بيان حقيقة المتقدم للفتاة، فكثيراً ما يسأل الناس عن فلان من الناس، فيجاب بأنه رجل طيب، رغم علمه بأنه خلاف ذلك. وهو بذلك قد أوقع أحد الطرفين في الفخ، وهو يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة). وضمن أسباب الطلاق تقصير الأهل في السؤال عن الزوج أو عن الزوجة. فما أن تبلغ البنت السادسة عشرة حتى يشعرون أنها هم يجب أن يزاح عن صدروهم بأقصى سرعة، من أجل ذلك يسارعون إلى تزويجها لأول خاطب، وإذا سألوا عنه فإنهم يسألون عنه على استحياء، وبطريقة مستعجلة غير متأنية. وفي أحيان كثيرة تكون الديون المادية سبباً للطلاق المبكر، وربما يثقل الشاب على نفسه أيام الخطوبة والزواج لتلبية طلبات الزوجة وأهلها، بحفل فخم مرتفع الكلفة، ليقع في الديون، ويظل يصارع متطلبات الحياة بواقع اقتصادي محدود. ومن الأسباب كذلك تدخل أهل أحد الطرفين في حياة الزوجين. وتضيف المحمود: في السابق لم نكن نسمع بطلاق مبكر؛ لأن المرأة كانت تتحمل كل شيء حفاظاً على العادات والتقاليد، وتجاهد من أجل الحفاظ على بيتها نظراً لحاجتها إلى الزوج، أما اليوم فتمكنت المرأة اقتصادياً، لذلك لا تقبل بالإهانة وهي تطالب بالمساواة. هذا لا يعني أن المجتمعات القديمة كانت دون مشكلات اجتماعية، فهي في كل المجتمعات، لكنها كانت مغطاة حفاظاً على اسم العائلة والزوجة. د. الحمد: العلة في عدم تأهيل الطرفين ومن جهته لا يرى الشيخ د. عادل الحمد أن الزواج المبكر علة للطلاق، بل العلة في عدم تأهيل الطرفين، لافتاً إلى أن من الخطأ أن نقول الطلاق المبكر، ويفضل تسمية هذه المشكلة بكثرة الطلاق في السنوات الأولى من الزواج أو استعجال بالطلاق. ويشير إلى أن من أسباب هذه الظاهرة؛ عدم تأهيل الطرفين ما يتسبب لهما بالوقوع في مشاكل اجتماعية جمة تؤدي إلى الانفصال، أيضاً الغضب لأسباب بسيطة، وعدم التصرف بالعقل والمنطق، كذلك تدخل الأهل خصوصاً الأم. لذلك نقول لها دعي ابنتك تختار سواء مكان الحفلة أو نوعية أثاث المنزل. من الأسباب أيضاً طول فترة الخطوبة، لذلك ينبغي ألا تزيد عن ثلاثة أشهر. ويبين د. الحمد أن هذه الظاهرة الاجتماعية لم تكن متفشية في السابق؛ نظراً لاختلاف أسلوب التربية التي كانت تعتمد على التربية الجماعية؛ حيث الأب والخال والجار. لكن اليوم انتشر مفهوم الخصوصية، التي ألغت سؤال الجار عن تصرف الولد. وأعتقد أننا خسرنا كثيراً. ورغم توافر برامج ودورات تدريبية إلا أنها قصيرة، وما نحتاجه تأهيل الطرفين للزواج بطريقة صحيحة، فإن عملية التأهيل ستقلل من ظاهرة الطلاق. وهو أمر طبقته العديد من الدول ولوحظ فيها تراجع نسبة الطلاق، كما هو حاصل في ماليزيا؛ حيث تراجعت نسبة الطلاق بعد هذه الدورات إلى 4%. ويتابع د. الحمد: أن سن الزواج في البحرين للفتيات هو 15 سنة، ولا أعتقد أن هناك مشكلة، لأن الزواج يتم عادة بعد المراحل الدراسية، أما الحالات النادرة؛ فلا يمكن الحكم عليها فهي مجرد حالات.