فاطمــة خليــل النــــزر
عادة تقوم التجارب العملية لاثبات ماهية وطبيعة السلوك الإنساني، وهل هو نتاج البيئة أو نتاج الوراثة، ورغم أنَّ هذا الجدال قديم نسبياً منذ بدء البحث في ماهية سلوكيات الإنسان وطبيعتها، إلا أنه لا يزال قائماً، وكأننا نحاول أن نثبت ما لا يعجبنا بأنه نتاج للوراثة، كتبرير وإرضاء لذواتنا الداخلية ومشاعرنا المتناقضة، التي نبحث في كثير من الأحيان على إجابات لها، فإنَّ كانت تعدد الخليلات أو تعدد الزوجات من الأمور المؤلمة للمرأة، والتي تشعل بها نار غيرتها وتساهم في اضطراب مشاعرها، بشكل يسلب منها في كثير من الأحيان عقلانيتها، قد تكون هذه الدراسة عذراً نستطيع به تبرير الأمر، ففي دراسة حديثة توصل فريق للبحث العلمي في الولايات المتحدة، إلى تحديد أسباب تعدد الزوجات، فقد قامت الدكتورة ميراندا ليم وفريقها من جامعة إيموري، بزرع أحد الجينات في دماغ فأر المراعي، حث على زيادة إفراز هذا النوع من البروتين، في دراسة نشرت بالعدد الأخير من مجلة (نيتشركان) الفريق قد عكف على فحص أدمغة نوعين من الفئران، أحدهما يحتفظ بأنثى واحدة طوال حياته وهو فأر البراري، في حين تتعدد العلاقات عند فأر المراعي عبر مراحل حياته. وتوصّل الفريق إلى أنَّ أدمغة فئران البراري تحتوي على نسبة أعلى من أحد البروتينات، التي تستقبل هرمون “فازوبريسين”الذي تفرزه الغدة النخامية في جزء له علاقة بالشعور بالإشباع والتعود وتسهم مستقبلات هرمون فازوبريسين في تنظيم السلوك الاجتماعي، وفي اختيار الشريك. ثم قام الباحثون بإدخال فيروس يحمل جيناً يحوي بدوره شيفرة إنتاج البروتين، الذي يعمل كمستقبلات هرمون فازوبريسين داخل أدمغة فئران المراعي مباشرة، فكان سلوك فئران المراعي المحورة يشبه سلوك فئران البراري آحادي الزوجية، حيث اقتربت من أليفاتها القديمة ولم تبحث عن أليفات جديدة، كما كانت تفعل سابقاً. إذاً فالحديث عن التعدد قد يكون هنا مبرراً علمياً، إلا أنه قد لا يكون مبرراً عاطفياً على الأقل لي شخصياً، فالتحدث عن التعدد كأمر وراثي أو جيني لا يقنعني كثيراً، فإذا كان كذلك فلربما تظهر لنا دراسة ما وجود جين يسمح للمرأة بالخيانة لمجرد وجود هذا الجين، قد لا أكون من أنصار الوجود الجيني، في كثير من الأمور وأفضل تأثير البيئة الاجتماعية على مكوناتنا النفسية والشخصية، إلا أنها دراسة علمية أحببت أنْ أعرضها برغم تناقضها مع الكثير من قناعاتي الشخصية. لؤلؤة: نبرر الخيانة بالعلم، نبرر العدوان بالعلم، نبرر البغض بالعلم، فهل يبرر لنا العلم ألم ما نشعر به.