كتبت - عايدة البلوشي: الإصابة بمرض السكري ليست كغيرها من الأمراض الشائعة، ففي الوقت الذي تقتصر فيه فترة الرعاية اللازمة للشفاء من أي من تلك الأمراض لفترة معينة طالت أو قصرت، إلا أن مرض السكري يحتاج لرعاية متواصلة ليس من جانب المريض فقط، ولكن من كافة المحيطين به، خاصة حينما يتعلق الأمر بالأطفال الصغار الذين لا يعرفون كيفية مواجهة “النوبة” وقت حدوثها.. الأكثر صعوبة في مواجهة المرض أنه ورغم تقدم العلم من الناحية الطبية بما يتيح للمرضى الوقوف على مؤشرات حدوث تلك “النوبة” إلا أنه ومن الناحية الإنسانية لا أحد يستطيع أن يحدد متى ستحدث، حتى أن البعض أطلق عليه “المرض الصديق ثقيل الظل”... “الوطن” التقت بعدد من المواطنين، واستمعت إلى خبراتهم في كيفية مواجهة المرض وأسبابه وأعراضه الصحية وكيفية تقديم الرعاية والعناية اللازمة للمصابين بالسكري.... العناية والرعاية والاهتمام في البداية، قالت علياء النيباري –والدة لطفلتين- “أصيبت ابنتاي بداء السكري منذ أن كانتا في السنة الثانية من عمرهما، والآن هما في التاسعة، وأعمل في القطاع الخاص مما شكل صعوبة كبيرة لمواجهتي للمرض، فهناك فرق شائع بين من يعمل بالقطاع الخاص ومن يعمل بالقطاع الحكومي من ناحية التسهيلات، فبطبيعة الحال أطفال يعانون من مرض كمرض السكري لابد أن تتواجد الأم معهم للعناية والرعاية والاهتمام، ولكن كيف فأنا أم عاملة؟، ولم أحصل على إجازة “مرافق مريض” التي يمكن أن يحصل عليها موظف قطاع العام، فهذا النظام غير موجود في القطاع الخاص، رغم أن الأمومة لا تختلف بين أمهات القطاع العام والخاص، لذا اضطررت لأخذ إجازة لمدة شهرين بدون راتب لأتابع حالة ابنتي، وأتعرف على تفاصيل المرض وأعرف كيف أتعايش معه”، مضيفة إن “كانت البداية صعبة، خاصة وأنه لم تكن لديّ خلفية عن المرض، ولكن مع مرور الوقت تعرفت على المرض بمساعدة الأطباء بمجمع السلمانية الطبي، ولكن أعتقد أنه يجب إعادة النظر في مكان المريض والمرافق الذي معه، ولقد عانيت من الوضع هناك، فكانت ابنتي في “سرير” وأنام على الأرض، لأن غرفة المرافق كانت ليست بجانب المريض، فكيف لنا رعاية الطفلة والاهتمام بها”. عبء مالي على الأسرة وأضافت علياء “من جملة الصعوبات التي يواجهها المصاب بالسكري “الطفل” رغبته في تناول الحلويات والشوكلاتة أسوة بغيره من الأطفال، وصعوبة منع الأم له، وكيف تقنعه أن هذا ممنوع وأنه مضر على صحته، وهل يفهم الطفل؟، وبالتالي تلجأ الأم لشراء الحلويات التي لا تحتوي على السكر، ولكن في الواقع إنها غالية الثمن مقارنة بالحلويات العادية، مما يشكل عبئاً مالياً على الأسرة، خاصة إذا كان في الأسرة أكثر من مصاب؟، وأيضاً هناك جهاز يستخدمه المريض مكلف وغالي الثمن، وعند تركيب الدواء فيه يكلف أيضاً 200 دينار تقريباً شهرياً ووزارة الصحة لم تقصر، وتوفر الأدوية ولكن هناك الكثير من الأسر لا تستطيع شراء الجهاز؟، وأيضاً اضطررت لأخذ بناتي إلى مدارس خاصة حيث لا توجد ممرضة مختصة لمثل هذه الأمراض بالمدارس الحكومية بالقرب من منزلي، والمعضلة الحقيقية في المدرسة أنها لا تبيع المأكولات الصحية بشكل نهائي، فأين الرقابة على المدارس الخاصة، لذلك أتمنى من وزارة التربية والتعليم توفير ممرضة متخصصة في كل مدرسة، وأرجو أن يكون هناك رقابة حقيقية على المدارس الخاصة فيما يتعلق بالوجبات الغذائية”. برنامج غذائي خاص وفى السياق نفسه، أشارت مريم أحمد إلى تجربتها مع المرض، قائلة “أصيب ابني بداء السكري وهو ابن أربع سنوات، وواجهت صعوبة كبيرة في كيفية منعه من الحلويات، والسؤال الذي كان دائماً يسألني لماذا تمنعيني من الكاكاو؟، وكان يبكي وتلك هي أصعب اللحظات، وفي الحقيقة، في بادئ الأمر لم أعرف كيفية التعامل معه؟، إلى أن حاولت وضع برنامج غذائي خاص له دون أن يشعر بذلك حتى لا يشعر بالتمييز، والآن ابني يبلغ من العمر الحادية عشرة، ويأخذ الإبر بمفرده ويمارس حياته الطبيعية، ويشارك في الأنشطة”. وعن حياته في الأسرة، أوضحت مريم “استطعنا التأقلم مع المرض، واعتدنا على مواعيد الدواء وقائمة الممنوعات والآن حتى إخوته يشاركونه الدواء عبر تذكيرهم الدائم لمواعيده”، مضيفة أن “أصعب ما يواجه المرء أو الأسرة هو عدم الإلمام بطبيعة المريض، بالتالي تقف حائرة لا تعرف ماذا تفعل وكيف تتعامل مع المريض، لذا أتمنى أن تكون هناك برامج توعية بصورة مكثفة خاصة لأطفال السكر”. تلف خلايا البنكرياس وفي السياق نفسه، أوضحت نائب رئيس جمعية السكري البحرينية د.مريم هرمس أن “مرض السكري لدى الأطفال من النوع الأول أحد الأمراض الأكثر شيوعاً لدى الأطفال والناشئة وينتج المرض بسبب خلل في الجهاز المناعي، إضافة لتواجد القابلية الوراثية وعوامل بيئية مثل الالتهابات الفيروسية، مما يسبب تلف خلايا البنكرياس التي تفرز الأنسولين، لذلك يترتب على الطفل أخذ عدة حقن من الأنسولين بشكل يومي لتنظيم مستوى السكر في الدم”، لافتة إلى أنه “منذ نشأة جمعية السكري البحرينية عام 1989 ركزت أنشطتها على التوعية والعمل على تشجيع المصابين بالسكري والناس عامة على الاهتمام بالمحافظة على الوزن وممارسة الرياضة كوسيلة مهمة لتجنب الإصابة بالسكري، وللتمكن من السيطرة على داء السكري بدأت الجمعية بتبني إنشاء مضامير للمشي، كما قامت بنشر التوعية بالمحاضرات وحملات فحص السكر بالدم وعقد الندوات وغيرها، وامتد نشاطها لتنظيم مخيم شروق السنوي والأنشطة الصيفية للأطفال المصابين بالسكري، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال وذويهم من خلال زياراتهم بالمستشفيات وتكريم الطلبة المتفوقين سنوياً، وكذلك مشاركتهم بمخيمات خارج المملكة، إضافة للمشاركة مع المؤسسات الحكومية والأهلية في الفعاليات التثقيفية الهامة بالمملكة”. 80 حالة سنوياً وذكرت د.هرمس أنه “يلاحظ من الإحصائيات أن عدد الحالات الجديدة للسكري من النوع الأول بالبحرين كغيرها من دول العالم في ازدياد مستمر، ففي خلال السنوات الأخيرة زاد المعدل السنوي للحالات الجديدة مما يقارب 18 حالة سنوياً في بداية التسعينات لما يقارب 80 حالة سنوياً في الوقت الحاضر، كما إنه يتوقع زيادة في الإصابة بالسكري من النوع الثاني لدى الأطفال بسبب السمنة، والعوامل الوراثية وسوء العادات الصحية، وحيث إن الوعي الصحي من أهم عوامل نجاح أي علاج وخاصة الأمراض المزمنة ومنها السكري، ولابد للطفل المصاب بالسكري الحصول على رعاية طبية وصحية تهدف لرفع الوعي الصحي لدى الطفل، ومن هذا المنطلق فقد تبنت جمعية السكري البحرينية مشروع الوحدة المتنقلة لرعاية الأطفال المصابين بالسكري وهو أحد مشاريع جمعية السكري البحرينية وبالتعاون مع نادي روتاري المنامة بهدف الوقاية من داء السكري والحد من مضاعفاته من خلال نشر التوعية والتثقيف لدى الأطفال، ويجب علينا أن نقف على تعريف الوحدة المتنقلة للسكري لرعاية الأطفال وهو مشروع وطني إنساني لإنشاء وحدة متنقلة للسكري لرعاية الأطفال بتعاون مشترك بين جمعية السكري البحرينية ونادي روتاري المنامة، ومن أهم أهدافه رعاية ووقاية الأطفال من داء السكري من خلال الكشف المبكر عن داء السكري وعوامل الاختطار والتوعية بكيفية السيطرة والتحكم بنسبة السكر بالدم، والحد من مضاعفات السكر على العين والأعصاب وتعزيز التغذية الصحية وممارسة النشاط البدني للوقاية من الإصابة بداء السكري”. تدريب وتعليم المصابين وحول كيفية تنفيذ المشروع، أشارت د.هرمس إلى أنه “تقوم الوحدة بزيارات لجميع المحافظات، ومن خلال الزيارة سيتم نشر الوعي الصحي بداء السكري عند الأطفال وكيفية السيطرة عليه وعمل الكشوفات المبكرة عن داء السكري ومضاعفاته وسيقوم الفريق بعمل فحص السكر بالدم، وقياس ضغط الدم، وقياس الوزن والطول وكتلة الجسم ومحيط الخصر، وقياس نسبة السكر التراكمي بالدم Hba1c للأطفال المصابين بالسكري للدلالة على نسبة السيطرة والتحكم، وتصوير قاع العين والشبكية، وفحص قوة الأعصاب، إضافة لتدريب وتعليم المصابين وذويهم بكيفية التعامل مع السكري، وتقديم المحاضرات التوعوية حول السكري والحد من مضاعفاته والتغذية الصحية السليمة وأهمية ممارسة الرياضة، وأخيراً توزيع مواد تثقيفية.