يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث تعد حرية إبداء الرأي واحدة من الحقوق الأساسية التي ينعم بها كل مواطن بحريني على هذه الارض الطيبة، وهو أمر تحرص القيادة السياسية على تأكيده في العديد من المناسبات. ويستند هذا الدعم لحرية الصحافة إلى ما أقره الدستور البحريني في المادة 23 على أن (حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب بما لا يثير الفرقة أو الطائفية). ومع التطور الحديث لأجهزة الاتصال أصبحت هناك أشكال متعددة من الصحافة الإلكترونية، إذ أصبحت الشبكة العنكبوتية تشكل اليوم أحد أقوى فروع الصحافة كمواقع التواصل الاجتماعي، كما إن المعيار الذي يحدد الصحفي وما دونه من الأعمال أو المهن أو الهوايات هو وجوب الانضمام إلى مهنة الصحافة وذلك وفق ما قرره قانون الصحافة. وأشار المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر أن الصحافة هي مهنة تحرير المطبوعات الصحفية وإصدارها، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الصحافة مطالبة بتقديم خدمة نبيلة وإنسانية إلى قرائها، وبالتالي إذا أغفلت النشر أو قصرت فيه أو بدلت بعض الحقائق، تكون قد أخلت برسالتها، لذلك يجب توافر الصدق والموضوعية في نشاط الجريدة كله، لأن حق الصحافة في النشر يقابله حق الجمهور في معرفة الحقائق كاملة، إذ نصت المادة 37 من قانون الصحافة على أنه (يلتزم الصحفي بما ينشره بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور وبأحكام القانون وأن يراعي في كل أعماله مقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب المهنة وتقاليدها بما يحفظ للمجتمع مثله وقيمه، وبما لا ينتهك حقاً من حقوق المواطنين أو يمس حرياتهم)، ومن هذه المادة يتضح لنا وجود شروط لمباشرة حق الصحافة وهي: أولاً: يجب أن يقوم النقد الصحفي على واقعة ثابتة ومعلومة للجمهور: وهو أن تكون الواقعة حقيقية وليست من محض خيال الصحفي أو وليدة شائعات، فيجب على الصحفي الاستناد إلى أسباب معقولة وأن يتحرى بشأن هذه الواقعة ويبذل ما في وسعه للتأكد من صحتها ، كما يجب أن يستند النقد إلى تلك الواقعة الثابتة وينحصر فيها، حيث ينصب على تصرف أو عمل معين لإظهار مزاياه وعيوبه تحقيقاً لمصلحة اجتماعية، وهذا يتطلب من الصحفي أن يذكر الواقعة الثابتة بتفصيلاتها ثم ينهي الخبر وإذا أراد التعليق أو إضافة رأيه فيكون بشكل واضح فلا يمكن إضافة رأيه أو تعليقه ضمن نقل تلك الواقعة حتى لا يختلط الأمر على القارئ. ثانياً: أن يقتصر النقد على الواقعة دون المساس بشخص صاحبها: فيجب أن يحصر الصحفي حكمه أو تعليقه في الواقعة الثابتة دون المساس بشخص صاحبها، فإن تجاوز النقد التعليق على الواقعة أو الحكم عليها إلى التشهير بصاحبها فلا يكون حق النقد متوافراً إذا كان دافع الصحفي إرضاء مصلحة خاصة أو التعرض لمذهب سياسي فإنه يكون بذلك قد حاد عن استعمال الحق في الغرض المقصود منه، كمن يقوم بنقد رجال الأمن في واقعة معينة دون الرجوع إلى الجهة الرسمية المختصة بالإدلاء عن المعلومات عن تلك الواقعة ، فيكون النقد الصحفي في هذه الحالة غير منطقي. ثالثاً: أن تكون الواقعة ذات أهمية عامة: أي أن تكون ذات أهمية اجتماعية عامة بالنسبة للجمهور أي تغليب المصلحة العامة للمملكة على المصلحة الخاصة أو الفردية فليست هناك مصلحة اجتماعية في أن يقوم صحفي بتأجيج الفتنة الطائفية بالمملكة أو أن يشير بمقاله بأي طريقة إلى تحبيذ استعمال العنف ضد الرأي الآخر. رابعاً: أن تكون عبارات الصحفي ملائمة: ومعنى الملائمة ألا يتجاوز القدر المعقول الذي يقتضيه إبداء الرأي أو التعليق على الواقعة إذ إن استعمال الصحفي لعبارات قاسية وغير دقيقة قد تحمله عبء المساءلة القانونية، فالطعن والتجريح والتشهير أمور المرفوضة . خامساً: أن يكون الصحفي حسن النية: يجب أن يعتقد الصحفي بصحة الرأي الذي يبديه بشأن الواقعة التي ينصب عليها النقد فلا يستفيد الصحفي من حق الإباحة إذا كان يعلم أن رأيه غير صحيح لأنه بذلك يضلل الرأي العام ولم يراعِ في عمله مقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب المهنة. كما ألزمت المادة 38 من نفس القانون، الصحفي البحريني بالامتناع منعاً باتاً عن الانحياز إلى الدعوات العنصرية أو ترويج التمييز أو الاحتقار لرأي طائفة من طوائف المجتمع، كما حظر القانون على الصحافة نشر كل ما يتعارض مع قيم مجتمعنا البحريني وأسسه ومبادئه وآدابه، وكلها قواعد من شأنها أن تقود إلى ممارسة مسؤولة لمهنة الصحافة باعتبارها عملاً نبيلاً ومن أساسيات المجتمعات المتحضرة.