^ صادف الثالث من مايو الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم الذي اختارته الأمم المتحدة بموجب القرار رقم 432/48 المؤرخ في 20 ديسمبر 1993، فيما عرف بإعلان وندهوك، نسبة إلى مدينة ويندهوك بناميبيا الأفريقية التي اجتمع فيها عدد من الصحافيين في حلقة أعدتها منظمة اليونسكو عن “تعزيز استقلالية وتعددية الصحافة الأفريقية” التي انتهت في 3 مايو من العام 1991، وسميت توصياته “إعلان وندهوك”، وأقرها المؤتمر العام لليونسكو في دورته السادسة والعشرين، باعتبار أن حرية الصحافة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتنطلق فكرة حرية الصحافة أممياً من المادة التاسعة عشرة من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”، وبالنسبة للمواد القانونية والدستورية المنظمة لحرية الصحافة في مملكة البحرين، نجد الفقرة الرابعة من الفصل الأول من ميثاق العمل الوطني المتعلقة بحرية الرأي والتعبير تنص على أن “لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بأي طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي، أو الإبداع الشخصي، وبمقتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة، مكفولة في الحدود التي يبينها القانون”. وليس لأحد أن يزعم أن عبارة “في الحدود التي يبينها القانون” مقيدة للحريات، إذ إن أي حرية لابد لها من إطار تنظيمي حتى لا تتعارض حرية الفرد مع حريات الآخرين، وحتى تصان الحرمات الخاصة للأفراد، ولأنه لا توجد حرية مطلقة في أي مكان، حتى في المدرسة الليبرالية الرأسمالية طالما أن هذه الحدود معقولة وفقاً للأعراف الدولية، وطالما أنها ليست بالكثرة والحدة التي قد تفرغ الفقرات الداعمة للحرية من مضمونها. وكذلك نص دستور مملكة البحرين الصادر في العام 2002 في باب الحقوق والواجبات وفي المادة الثالثة والعشرين على أن “حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بالعقيدة الإسلامية، ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية”، كما نص في المادة الرابعة والعشرين من نفس الباب بالقول “تكون حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون”. وإذا كان هذا الحال مع الأصول الدستورية والقانونية في مملكة البحرين فإن المرسوم بقانون المطبوعات رقم 47 لسنة 2002، والقانون الجديد للصحافة التي تم إيقاف مناقشته في مجلس النواب لحين الانتهاء من دراسة تقييمية للواقع الإعلامي البحريني من قبل إحدى الشركات الفرنسية، كلها تنبثق من المرجعية القانونية المتمثلة في الدستور وميثاق العمل الوطني، ولا يجوز أن تخالف توجهها. بقيت الإشارة إلى أن حرية الصحافة لا ترعاها القوانين وحدها، بل هي ثقافة يؤمن بها كل من العاملين في المجال الإعلامي والنظام الحاكم والمجتمع، لتفرز تعبيراً صحيحاً عن الرأي العام والمجتمع الذي تصدر منه حتى لا يحيد المجتمع عن الحرية إلى الانفلات.