^ تحدّت العادات والتقاليد السائدة في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية، واقتحمت المهنة التي كانت حتى فترةٍ قصيرةٍ حكراً على الرجال فقط، لتصبح أول امرأة إماراتية تعمل في مجال صيانة السيارات في دبي. وفي معرض تعليقها على رأي الآخرين في اختيارها لهذه المهنة الصعبة، أشارت مريم درويش إلى أن عدداً كبيراً من أبناء جلدتها يتعجّبون ويستهجنون من وضعها لكونها اختارت ممارسة هذه المهنة، لكنها آثرت بالفعل أن تثبت كفاءتها، والحصول على مهنة تعينها على تحمّل نفقات الحياة، وبعد أن تلقّت تدريباً مكثفاً في هذا المجال، حققت أُمنيتها. لفترةٍ طويلةٍ، سادت في مجتمعات الخليج تصوّرات راسخة يصعب تغييرها أو حتى تعديلها جزئياً، ومنها مثلاً أن المهن التي تتطلب قوةً عضليةً، كالأعمال المرتبطة بقيادة المركبات الثقيلة، وتصليح السيارات، والبناء، والطلاء، وغيرها من المهن المرتبطة ببيئة العمل الشاقة، هي من اختصاص الرجال فقط، وذلك حفاظاً على “وقار المرأة”، لدرجة أن من تمارس أيّاً من هذه المهن تخفي طبيعة عملها عن أقرب الناس لها، وكأنها تخفي سراً خطيراً يفضي كشفه بصاحبه إلى التهلكة، وانسجاماً مع “النظرة المجتمعية الدونية” لهذه الأعمال، فالكثيرون يعتقدون، في قرارة أنفسهم على الأقل، أن هذه المهن هي من اختصاص القوى العاملة الأجنبية! أتذّكر في هذا السياق فيلماً كوميدياً عربياً قديماً بعنوان “للرجال فقط”، وهي قصة للكاتب محمود أبويوسف، ومن إخراج الفنّان محمود ذو الفقار، وتدور قصة الفيلم حول فتاتيّن (نادية لطفي وسعاد حسني) تحملان شهادة الهندسة الكيميائية، وقد تم تعيينهما في إدارة لشركة البترول بالقاهرة، لكنهما تطمحان للعمل في الصحراء لتساعدا في اكتشاف الزيت الجديد غير أن الشركة لا ترسل هناك سوى الرجال، فتضطر الفتاتان إلى التنكّر في زيّ الرجال كي تثبتا للإدارة أنهما أنسب للوظيفة، وتصبحا ضحيّةً للعديد من المقالب المضحكة، لكن كلاً منهما تحقِّق في النهاية حلمها بتأدية الوظيفة التي تحبّها فعلاً؛ وحيث إن هناك عدداً كبيراً من الرجال ممن لا يطيقون المهنة الشاقة التي يمارسونها يومياً، فإن مشاركة النساء لهم في تأديتها ستجعلهم يقتنعون مع الأيام أنه من الأجدى ترك ممارسة هذه المهن للنساء، فهن أكثر إخلاصاً وحماساً!