كلمـــة وعدت فأوفيت.. شكراً بوسلمان “نقلة حضارية نوعية”، مصطلح قفز إلى سطح ردود الفعل أمس، تعبير دقيق عن تصديق جلالة الملك المفدى على التعديلات الدستورية. فلماذا اُعتبرت التعديلات نقلة حضارية نوعية؟ إن مشروعاً إصلاحياً يسابق الزمن ويتقدم تجارب المنطقة، يُجري بعد عقد واحد على انطلاقه تغييراً جوهرياً نابعاً من حاجة الناس إلى نظام سياسي أكثر تطوراً، هو فعلاً مشروع خطأ خطوات متسارعة، دون تسرع، نحو مزيد من إنفاذ الإرادة الشعبية الممثلة لمصالح الناس. حصرت التعديلات الدستورية الدور الرقابي بالمجلس المنتخب وأعطت النواب رئاسة المجلس الوطني وحق إحالة التشريعات إلى الحكومة بدل مجلس الشورى. وصار من اليوم فصاعداً بإمكان 10 نواب انتخبهم المواطن التقدم بطلب مسبّب عن عدم إمكان التعاون مع الحكومة وبالتالي إمكانية حلها بأغلبية الثلثين، أليست هذه نقلة نوعية في صلاحيات ممثلي الشعب؟ كل من يقرأ تاريخ تطور الدساتير والتجارب الديمقراطية يدرك أين وصلت البحرين، أما من رفع الإصلاح شعاراً لتحقيق غاية الاستفراد بالحكم والتحكم برقاب البشر تحت سيف الولي الفقيه وممثليه فهو غير قادر على القراءة خارج دائرته المغلقة حتى يكون قادراً على الإقناع بقراءته. من يعرف البحرين ويتنفس تنوعها ويؤلمه حزنها يدرك أن “التوافق” كلمة السر لبحرين هانئة وادعة تعيش بسلام. والتوافق نقيض فرض الشروط ومعاكس للاستقواء والاستفراد وتأليه البشر. إنه عملية دائمة أساسها الالتقاء عند النقاط المشتركة ومحاولة تعظيمها، وليس فرض ما تريده قوى في الإقليم على طاولة البحرين! البحرين التوافقية عبّرت عن إرادتها أمس وسارت في الطريق بعزم لا يلين مستفيدة من أحداث العام الماضي. ومن تهمّه البحرين الحقيقية، لا المتوهَّمة، عليه أن ينضم إلى التوافق ليشارك في بناء مستقبل وطننا بدل إحراقه. التعديلات الدستورية ليست حفلاً انتهى بل مستقبلاً بدأ، مستقبلاً يتطلب منا جميعاً تأدية أدوارنا بمسؤولية أكثر على قاعدة المواطنة، فدورنا كبير ودور من يمثلنا أكبر. هاهو الميدان أيها النواب فأثبتوا أنكم نلتم أصواتنا عن استحقاق بعد أن غدت الأدوات الدستورية كلها بين أيديكم. شكراً للأحداث لأنها علمتنا كثيراً وقوّتنا، وشكراً لحوار التوافق الوطني لأنه وضعنا أمام المشتركات، وشكراً للسلطتين التنفيذية والتشريعية لأنهما ترجمتا الحوار إلى تعديلات تاريخية، وألف شكر لك “بوسلمان” فكم كنا بحاجة حكمتك لنصل إلى هذا اليوم الذي سجله تاريخ البحرين بعد وعدك بالمصادقة على كل ما ينتج عن توافق البحرينيين. وعدت فأوفيت فشكراً بوسلمان.