^   لم تعد البحرين مستهدفة فقط من الداخل عبر المحرضين وقادة التأزيم الذين كشفوا لنا منذ سنوات عن الموقع الحقيقي الذي يتجه إليه ولاؤهم، بل باتت مستهدفة بشكل أكبر من قبل جمعيات تدعي العمل على حماية حقوق الإنسان على المستوى الدولي، في حين أنها كجمعيات تمثل «عاراً» حقيقياً على حقوق الإنسان. هذه الجمعيات متبنية بالكامل للخطاب العنصري الطائفي الذي يصدر من الانقلابيين في البحرين، تمثل لهم في نفس الوقت غطاء حقوقياً سهلاً جداً تأمينه عبر بيانات وأخبار وتصريحات وغيرها مما يؤثر على فهم البسطاء حول العالم، باعتباره يغيب حقائق كثيرة ويبرز فقط ما يريد هؤلاء بيانه. تتراكض بعض هذه «الدكاكين الحقوقية» اليوم من أجل الإفراج عن شخص اختار بمحض إرادته «تجويع» نفسه واستخدام هذا الأسلوب «الانتحاري» كورقة ضغط لتمارس على الدولة بمعاونة هذه المنظمات لترتكب أكبر جريمة في حقوق الإنسان المعنية بالمواطن البحريني، حينما تدافع عن محرضين ودعاة إرهاب بدعوى حقوق الإنسان. لم نسمع «هيومن رايتس ووتش» أو «فرونت لاين» وغيرهما تتحدثان عما تعرضت له مكونات المجتمع الأخرى، خاصة المكون السني الذي مورست عليه أبشع أنواع العنصرية والطائفية في المدارس وفي مستشفى السلمانية. لم نسمع منهم إدانة استخدام المولوتوف واستهداف حياة رجال الشرطة والأمن، أو إدانة لقتل رجال الشرطة بالدهس أو الاعتداء على الناس وقطع الشوارع والتعرض للآسيويين والعمالة. أليس هؤلاء بشراً ومن المفترض أن تدافع عنهم جمعيات حقوق الإنسان بعدالة وإنصاف؟! اتركوا البحرين قليلاً واذهبوا إلى سوريا وانظروا كيف تتعامل بعض هذه الجمعيات مع الوضع السوري، وقارنوا حراكها هناك بحراكها هنا في البحرين. الغريب أن ما يحصل في سوريا لا يستدعي تحركهم الجاد وبياناتهم الدورية الحادة في لهجتها والواضح سعيها للانتصار لمن يحرقون بلادنا يومياً. سوريا تزهق فيها الأرواح يومياً، ويموت فيها الأبرياء بالجملة، وعشرات الآلاف ممن قتلوا هناك لم تكلف نفسها هذه الجمعيات الحقوقية المشبوهة بالدفاع عنهم وإصدار بيانات بقدر ما فعلت بشأن البحرين. لماذا التباين الغريب في المواقف؟! فقط ابحثوا عن المحركات المادية لهذه الجمعيات، وكيف تعمل، ومن يمولها، وما هي أهدافها، ووفق أي أجندة تعمل؟! إن كان أحد سيقنعنا بأن هذه الجمعيات تعمل لـ «وجه الله» ولا تريد إلا الإصلاح في الأرض، فإنه يوهم نفسه قبل أن يحاول خداعنا. إذ كثيرون يعرفون بأن لكل منها أجندته الخاصة، وأن كثيراً منها يعمل بأسلوب «شركات الدعاية والإعلان» يقدم خدماته لمن يستفيد من ورائه، بالتالي ماذا تتوقعون من جهات ودول لها أطماعها تشتري البشر وتسخرهم لخدمتها كيف ستتعامل بدورها مع هذه الجمعيات؟! المعيب أن جمعيات دولية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان تتحول بشكل واضح إلى جمعيات دولية ترعى الإرهاب وبشكل صريح، تتحدث عن شأننا الداخلي البحريني وكأنها موجودة في الداخل وتعايش يومياً ما يحصل على الأرض. لو كانت تتحدث من منطلق واقعي لكانت أصلاً تحدثت عن إغلاق الشوارع وتخريب الممتلكات العامة ورمي رجال الأمن بالمولوتوف، لأن كل هذه الممارسات تحصل بوضوح في البحرين ويمكن أن يرصدها أي شخص يهدف لمعرفة الحقيقة، بالتالي هي متاحة لنظر من يعترف بالواقع، أما في نظر ممارسي الكذب فإن كل ذلك تخيلات وتهيؤات. لماذا لم تنتفض هذه الجمعيات بقوة لمطالبة السلطات البريطانية بالإفراج عن المخربين في لندن، لماذا لم تقل بأن أوامر رئيس الوزراء البريطاني كانت منافية لحقوق الإنسان؟! وفي نفس السياق لماذا لم تنتقد تعامل حكومة باراك أوباما الرئيس الأمريكي مع حركة احتجاجات «وول ستريت» بالطريقة التي تتعامل فيها مع البحرين؟! هذه دول لا تجرؤ هذه الدكاكين الحقوقية على اللعب معها بهذا الأسلوب، فالعواقب وخيمة جداً، أولها منعها من الدخول لهذه الدول أو إزالة مكاتبها منها بين ليلة وضحاها. ثانياً تجميد الدماء في العروق بالنسبة لوقف التمويل المالي الذي يمنح لها عبر طرق ووسائل عديدة أغلبها غير ظاهر للعيان. وثالثاً وهو ما يجعل هذه الجمعيات تتردد هو «نشر الغسيل القذر» على الملأ، إذ هنا المواجهة ستكون مع أقوى أجهزة استخباراتية في العالم تعرف تفاصيل التفاصيل وكيف تعمل هذه الجمعيات ومن تتبع وما هي أهدافها الحقيقية. بشأن البحرين نكرر القول بأن من يسعى لمخاطبة هذه الجمعيات حتى تعود إلى رشدها وتحكم ضميرها بشأن ما تتخذه من مواقف مبنية على توجهات طرف أوحد فهو يضيع وقته، إذ ضرب من الجنون مخاطبة «الضمير» عند جهة لا تمتلك «ضميراً» أصلاً، عند جهة تختزل شعباً بأكمله في أفراد لديهم مخطط إرهابي ومساع فئوية عنصرية وولائهم للخارج ولا تعترف بالبقية. هذه ليست جمعيات حقوقية، هذه جمعيات تمارس رعاية للإرهاب، وهي جمعيات يفترض ألا يكون مقبولاً تواجدها في البحرين إلا إن التزمت الحيادية وتعهدت بها عبر إعلانها لا عبر بيانات تصدرها من أقصى بقاع الأرض، بل عبر تصريحات مباشرة تصدر أمام شعب البحرين وفي البحرين، وتحديداً في مؤتمرات صحافية مفتوحة تتضمن مواجهات نقاشية خاصة مع الفئات التي تجاهلتهما هذه الجمعيات ممن تضرروا من فئات المجتمع الأخرى بفعل الإرهاب الحقيقي ومع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى التي لا تمنحهم هذه الجمعيات آذاناً صاغية. لست من مؤيدي الالتفات لنعيق هذه الدكاكين المشبوهة التي بالتأكيد لها حساباتها المستقبلية الموضوعة في حال نجاحها في دعم مؤامرة الانقلاب في البحرين، لكنني أقول إن البحرين كدولة لها مطلق الحق في تحديد طريقة تعاملها مع كل جهة تريد بها الشر وتثبت دائماً بأنها مصدر لنشر الأكاذيب وترويج المغالطات.